الحرية - وديع فايز الشماس:
في ظل التحولات المتسارعة التي تشهدها سوريا، تبرز الحاجة الملحة إلى ترسيخ قيم المواطنة الواعية في المجتمع، بوصفها أحد أعمدة الاستقرار الوطني، وضمانة للسلم الاجتماعي، وأداة فاعلة لتعزيز التلاحم بين أفراد الشعب على اختلاف انتماءاتهم.
إن المواطنة الحقة لا تقتصر على امتلاك الجنسية أو التمتع بالحقوق المدنية، بل تتعدى ذلك لتشمل الوعي بالمسؤوليات والواجبات، والحرص على المصلحة العامة، والمشاركة الفعالة في بناء الوطن، ويعد تعزيز هذه القيم ضرورة استراتيجية للحفاظ على كيان الدولة ومكتسباتها في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
وأستطيع ان أجزم أن حماية الوطن مسؤولية كل مواطن، فالمواطنة تعني أولاً الولاء للوطن والدفاع عنه، وهو ما يتحقق من خلال احترام القانون، والحفاظ على الممتلكات العامة، والمشاركة في جهود التنمية. فالمواطن الواعي يدرك أن حمايته لوطنه تبدأ من سلوكه اليومي، ومن إيمانه العميق بأن أمن الوطن واستقراره أولوية لا يمكن التفريط بها.
ويمكن لتعزيز روح الأخوة بين أبناء الوطن أن تمثل حجر الأساس في بناء مجتمع متماسك، فالوطن يحتضن الجميع دون تمييز، ويمنحهم فرصة العيش المشترك على قاعدة من الاحترام والتفاهم. ومتى ما سادت قيم التآخي، تلاشت أسباب الفرقة، وتمكن المواطنون من تجاوز الخلافات وبناء جسور التعاون والتكافل.
كما أن المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات تشكل ركيزة أساسية لتحقيق العدالة الاجتماعية، فالشعور بالإنصاف يولد الانتماء، ويعزز الثقة بين الفرد ومؤسسات الدولة. وتكمن مسؤولية الجهات المعنية – بدءاً من الأسرة والمدرسة، وصولاً إلى أجهزة الدولة – في تكريس هذا المبدأ.
وأخيرا نقول إن المواطنة ليست شعاراً يُرفع في المناسبات، بل سلوك دائم وثقافة يومية يجب غرسها وتعزيزها في النفوس منذ الصغر، ولا سبيل لبناء وطن قوي ومزدهر ما لم تتضافر الجهود لترسيخ قيم المواطنة، وتحقيق روح الأخوة، وإعلاء شأن المساواة بين جميع أفراده.