كيف يغير “تعليق قيصر” المشهد الاقتصادي في سوريا؟

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية – رشا عيسى:
يُشكّل تعليق قانون قيصر لستة أشهر إضافية، إثر اللقاء التاريخي بين الرئيس أحمد الشرع والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض، بوابة لنهضة اقتصادية سوريّة مستدامة، شريطة أن تُدار الفرص بتوازن إداري يجمع بين السرعة والحذر.
ويبيّن الخبير في السياسات الاستراتيجية والاقتصادية الدكتور هشام خياط في حديث لـ “الحرية” أن هذا التعليق الجزئي يُشكل فرصة استراتيجية لإعادة بناء الاقتصاد السوري، مع استمرار الجهود الدبلوماسية المكثفة لإلغاء مفاعيله نهائياً، ما يتطلب إدارة حذرة لضمان تحقيق أقصى استفادة اقتصادية.

طفرة متوقعة في تدفق السلع الأمريكية

من المتوقع أن يُحدث تعليق قانون قيصر طفرة نوعية في تدفق السلع المدنية الأمريكية إلى سوريا، فوفقاً لخياط يُعفى معظم التصديرات غير العسكرية من الحاجة إلى تراخيص مسبقة من مكتب السيطرة على الأصول الأجنبية (OFAC)، ما قد يرفع حجم هذا التدفق بنسبة تتراوح بين 200% و300% خلال الأشهر الستة القادمة، وخاصة عبر موانئ طرطوس واللاذقية، هذا التطور من شأنه أن يُعزز التنافسية ويُقلل التكاليف اللوجستية بنسبة 40% تقريباً للمستوردين السوريين، ويُسهم في دعم الاستقرار النقدي وتقليل التضخم، شريطة تبني آليات رقابية فعالة لمنع تسرب السلع إلى قطاعات محظورة.

قطاعات حيوية على قائمة المستفيدين

وتُشير إرشادات وزارة التجارة الأميركية (BIS) لعام 2025 إلى أن قطاعات حيوية ستكون المستفيد الأكبر من هذا التعليق، مع ترتيب يعكس القدرة التنافسية والحاجة السورية الملحة:
– التكنولوجيا والاتصالات (أولوية أولى): يُتوقع تسهيل تصدير البرمجيات والأجهزة المتطورة مثل أنظمة 5G، مع زيادة الاستثمارات بنسبة 150%.
– الطب والصحة (أولوية ثانية): سيشهد هذا القطاع تدفقاً للأدوية والمعدات الطبية، ما يُحسن الرعاية الصحية ويُوفر 30% من الإنفاق الحكومي على الاستيراد.
– الطيران المدني (أولوية ثالثة): يُتوقع أن يُسهم التعليق في إعادة تشغيل الرحلات وصيانة الطائرات، مع ربط دمشق بالعواصم العالمية، ما يُعزز السياحة.
– المعدات الصناعية (أولوية رابعة): سيُمكن استيراد الآلات للصناعات الخفيفة، ما يدعم التصنيع المحلي ويزيد الناتج الصناعي بنسبة 20%.
وتُمثل هذه القطاعات “المحركات المدنية” للاقتصاد السوري، ويُعزز تعليق القانون من قدرتها على النمو، مع التأكيد على ضرورة توزيع الاستثمارات لتجنب التركيز الجغرافي.

انفراجة في حركة المصارف والتحويلات المالية

على الصعيد المالي، يرى خياط أن تعليق قانون قيصر يغيّر من ديناميكية العلاقة بين البنوك السورية (مثل بنك سوريا والمهجر) والبنوك الدولية (كـ”جي بي مورغان” أو “إتش إس بي سي”) من عزلة إلى شراكة مشروطة، فبموجب الترخيص العام GL 25، يُسمح بمعالجة المعاملات السورية دون عقوبات ثانوية، ما يُتيح إعادة فتح حسابات المراسلة البنكية ويُقلّل الاعتماد على الوسطاء في دول الجوار.
ويتوقع خياط أن يُسهم ذلك في تسريع الاندماج في نظام سويفت العالمي، وزيادة حجم التحويلات بنسبة 400% في عام 2026، مع انخفاض التكاليف بنسبة تتراوح بين 30% و50%، وخاصة للمعاملات الإنسانية والتجارية، ولن يقتصر الأثر على حجم التحويلات فحسب، بل سيمتد ليشمل سرعتها، حيث يُحوّل إلغاء الحاجة للترخيص الزمن المطلوب للتحويلات من أسابيع إلى ساعات، ما يُعزّز السيولة النقدية ويُدعم الاستيراد اليومي، ويُتوقع أن يُسهم هذا التطور في تقليل الفجوة التجارية بنسبة 25%.
وأكد خياط أن تعليق قانون قيصر يعد خطوة أولى وحاسمة، نحو إعادة دمج سوريا في الاقتصاد العالمي، بعد سنوات من العزلة، وبينما تتواصل الجهود الدبلوماسية لإلغاء القانون بشكل كامل، فإن هذه الفترة الانتقالية تتطلب إدارة حكيمة وحذرة لضمان توجيه الموارد والاستثمارات نحو إعادة الإعمار الشامل والمستدام، وتجنب أي ثغرات قد تُعيق هذا المسار الواعد.

Leave a Comment
آخر الأخبار