كيف يؤثر تغيير “الأمبلاج” في ذوق المستهلك السوري.. وما هي تأثيراته على الحصة السوقية للشركات؟

مدة القراءة 6 دقيقة/دقائق

الحرية – سامي عيسى:

من بدهيات العمل الإنتاجي التفكير”بالمظهر الخارجي” للمنتج، يعني عملية التعبئة والتغليف، أو ما يسمى بعلم التسويق”الأمبلاج” الذي يحتل قوة تأثير مباشرة في أذواق المستهلكين، ويتحكم في اتجاهاتها في معظم الأحيان لكن شرط ألا يُذهب هذا التأثير عناصر القوة المرتبطة بجودة المنتج، باتجاهات أخرى تؤثر عليها سلباً.
من هنا نرى أن “الأمبلاج” أداة استراتيجية تستخدمها الشركات الإنتاجية لتحقيق قوة حضورها وتعزيز مكانة تواجدها في الأسواق، والحفاظ على مكونات التأثير في أذواق المستهلكين، وضمان ديمومته بصورة تتناسب مع متغيرات السوق والمستهلك على السواء.

انبهار أولي وشكوك في الجودة

سردية قامت بها “الحرية” لمعرفة حجم تأثير هذا المكون في العملية التسويقية للمنتج، ومدى ارتباطه بذوق المستهلك، والتأثير الأهم في مكونات الجودة المطلوبة لكل منتج، والتي تعتبر من العناصر الأساسية لضمان حصة سوقية واسعة له، حيث تباينت آراء المستهلكين في أحد أسواق دمشق حول تأثير تغيير الأغلفة الخارجية للمنتجات “الأمبلاج” على قرارهم الشرائي وثقتهم بالمنتج، حيث يرى البعض أن التغيير يثير فضولهم، بينما يشكك آخرون في أن يكون الهدف هو التغطية على تغيير في الجودة أو رفع سعر المنتج.

مستهلكون: تباين في الآراء..مابين إثارة فضول ومشكك بالجودة والسعر لتحقيق مآرب أخرى

التغيير يثير الفضول..!

الآراء لم تكن في نفس السوية، بل حملت تبايناً واضحاً، حسب اتجاه كل مستهلك، “عبير محمد” موظفة تقول: التغيير في شكل العبوة يجذب انتباهها بشكل كبير، وعندما أرى منتجاً كنت أشتريه بتصميم جديد ومختلف، أشعر بالفضول لمعرفة ما إذا كان هناك شيء جديد في الداخل.. التغليف العصري والمميز يجعلك تشعر بأن الشركة تهتم بالتطور، وهذا يدفعني لتجربته مرة أخرى.
في حين “ابراهيم دروبي” تاجر مفرق لديه الكثير من الشكوك تجاه التغيير المفاجئ لشكل العبوات، وفي كثير من الأحيان، يكون تغيير الغلاف مجرد تمويه لتقليل حجم المنتج أو وزنه دون تغيير السعر، أو محاولة لتغطية تراجع في الجودة، قائلاً: المستهلك أصبح واعياً، وعندما يرى تغييراً ما، يثيره الفضول والتساؤل عما يخفيه هذا التغيير..؟!
وفي المقلب الآخر يرى محمود مرعي “طالب جامعي” أن التعليب والتغليف الجيد قضية مهمة جداً، لكن هناك الأهم العلامة التجارية وما تحمله من عناصر ثقة سواء مرتبطة بالمنتج نفسه، أم بالشركة المنتجة.
وبالتالي فإن تغيير الغلاف يعطي انطباعاً جيداً بالتجديد، لكن إذا كانت شركة جديدة أو غير معروفة، فإن التغليف الجذاب وحده لا يكفي، الأهم هو أن يحافظ المنتج على اسمه وطريقة كتابته التي اعتدنا عليها، لأن هذا هو ما يرسخ في الذاكرة.

اتفاق على الجوهر والمصداقية

بطبيعة الحال هناك اتفاق بين المستهلكين على أن التغليف الجذاب يلعب دوراً في الجذب الأولي، لكنهم يطالبون بأن يكون التغيير في الشكل الخارجي دليلاً على تحسين فعلي في الجودة، أو تقديم قيمة مضافة في الاستخدام، مع ضرورة الحفاظ على مصداقية العلامة التجارية وعدم التلاعب بالأوزان.
رئيس القطاع الكيميائي في غرفة صناعة دمشق وريفها المهندسة وفاء أبو لبدة ترى في تصريحها لـ”الحرية” أن التغيير والتطوير في المنتجات مطلوب لاستمرارية تدفقها في الأسواق، مشددة على أن هذا التغيير يجب أن يعني التطوير وتحسين الجودة والتميز، وليس فقط بهدف جذب المستهلك، لتحقيق مكاسب مادية.
وبالتالي في رأي” لبدة” التغيير في شكل “التغليف” ضروري في إدارة التسويق، ولكنه يجب أن يكون مرتبطاً بتقديم الأفضل، والاحتفاظ بجودة المنتجات ومطابقة المواصفات، وليس مجرد أداة لجذب المستهلكين والتلاعب بأذواقهم.

خبير اقتصادي: تغيير الأمبلاج عملية تصويب لانتباه المستهلك باتجاه منتج جديد يرى قابلية في ذوق المستهلك

مكون استراتيجي جاذب للانتباه..

ضمن إطار هذه السردية والتي تحتل مكانة خاصة في علم التسويق، لزيادة الحصة التسويقية للمنتج المستهدف بعملية التغليف والتعبئة الجيدة، والتي تعطي مظهراً جذاباً يؤثر بشكل مباشر في ذوق المستهلك يرى الخبير الاقتصادي “محمد الحلاق” أن الشركات تحاول كل عشر سنوات إيجاد “إمبلاج” جديد للمنتجات، مشيراً إلى أن الهدف من تغيير التصميم هو جذب المستهلك باتجاه منتج مطروح لم يثر انتباهه، والتغيير هنا لإعادة تصويب هذا الانتباه باتجاه المنتج، بتغيير جديد يرى قابلية في ذوق المستهلك، فعندما نغير التصميم، يشعر المستهلك بالانجذاب ويسأل: ما هذا؟ لماذا؟ كيف؟ ما يدفعه للعودة إلى استهلاك المنتج بشكل أكبر، وبالتالي تزيد الحصة السوقية للشركة.
مشدداً على أن تغيير التغليف ليس خطأ، لكنه نبه إلى ضرورة عدم تغيير اسم المنتج أو طريقة كتابته، لأن هذا الاسم انطبع في ذهن المستهلك، والأسلوب الذي انطبع فيه يجب أن يظل ثابتاً.

التحسين قد يخسر الحصة السوقية

لكن دون تجاهل مفارقة مهمة في رأي “الحلاق” تتعلق بجودة المنتج، خاصة في القطاع الغذائي، مشيراً إلى أن تحسين الجودة بشكل كبير قد يؤدي إلى خسارة الشركة لحصتها السوقية، موضحاً أن “الكثير من المنتجات اليوم تحقق جودة تفوق 80%، لكن إذا رفعت الشركة الجودة إلى 85%، فإن مبيعاتها قد تنخفض، وذلك بسبب اعتياد المستهلك على هذه الجودة وعندما يجدها تغيرت، يقول: هذا ليس هو المنتج الذي اعتدت عليه.
وانتهى الحلاق إلى القول إن الحفاظ على الجودة التي تحقق الرضا هو الأهم، لأن الإساءة للمنتج أو تحسينه بشكل جذري قد يؤديان في النهاية إلى خسارة الحصة السوقية.

Leave a Comment
آخر الأخبار