الحرية- يسرى المصري:
ما بعد التحرير والحرية.. بدأت سوريا بنسج خطوط الطول والعرض لتعيد صناعة خريطة المنطقة والإقليم بخيوط جديدة قوية مصنوعة من قيم الشجاعة والأخلاق والمبادىء ومطرزة بزخارف المحبة والصدق، قادرة على بناء الثقة والعمل المشترك مع محيطها العربي وتمتد كأشعة الشمس الدافئة نحو جيرانها في الإقليم، توصي بهم ويوصون بها خيراً…
من يصدق أن سوريا تؤسس لمرحلة جديدة فاعلة ومؤثرة ..! بعد عزلة قسرية فرضها النظام البائد الذي حولها إلى طريدة تكثر السكاكين حول عنقها وكان أول من سرق خيراتها وترك الشعب في شقاوة وعوز… ورماها تبعاً لمصالحه الخبيثة بين أيدي حلفاء ويكأنهم قطاع الطرق ..وخلق من حولها الأعداء والألداء فكانت لسنوات يتيمة ضعيفة ثكلى وقد صدق الرئيس أحمد الشرع وهو بقول ..
قبل بضعة أشهر تهيأت لي دمشق كالأم المتفانية ترمق أبناءها بعين المستغيث المعاتب وهي تشكو جراحها والذل والهوان ينزف دماً وتكابر على الألم وتكاد تهوي وتقول أدركوا أمتكم أدركوها قبل أن يلحق بكم عار الأمم .
وفي الرؤية الجديدة ..الخيوط التي تنسجها سوريا اليوم تهدف لشراكات وتعاون وتحالفات تحقق مصالح الجميع وتمنع فرض الهيمنة الجائرة على دول المنطقة عبر تقسيمها وتفتيت جهودها.. هذه الرؤية الطموحة.. لا تخلو من تحديات حقيقية من محاور مضادة، تقودها أنظمة ترى في التحول الديمقراطي تهديداً وجودياً لمصالحها وبقائها. يقودها المحور الصهيوني الذي يسعى لإجهاض أي مشروع تنموي يُمكن أن يعيد صياغة توازن القوى في المنطقة. والقيادة السورية الجديدة برئاسة الرئيس الشرع تتبنى نهجاً إستراتيجيًاً يُركز على الوحدة الوطنية، والإنجاز الإقتصادي الفوري، وقطع الطريق أمام أي تدخل خارجي يسعى لإجهاض مسيرة التحول الديمقراطي والتنمية.
وكما يبدو فإن المحور الجديد للمنطقة والإقليم ينبت نباتاً طيباً..وهو ليس مجرد تكتل سياسي أو عسكري؛ بل هو فرصة لإعادة صياغة مستقبل المنطقة على أسس التعاون والتنمية. ويتجلى نجاح هذا المحور ليس فقط بتضامن عربي واحتضان ودعم الإدارة الجديدة وإنما أيضاً بدور الحاضنة العربية في إرسال رسائل للخارج بضرورة رفع العقوبات ومنح الثقة والشرعية لسوريا كما فعلت هي ..وتبارك الخطوات التي أعلنت عنها الإدارة السورية وبدأت تنفيذها بقدر ما يتاح لها لاسيما أنها بمقياس الزمن لم تنهِ الأشهر الثلاثة.
إن ركائز الإدارة الجديدة القائمة على دعم العدالة والحرية والتنمية لا تمثل فقط التزاماً أخلاقياً، بل تهيأ المناخ لاستثمارات استراتيجية طويلة الأمد.. سوريا الجديدة في المشهد الجديد رمزٌ للأمل، والاستقرار، والإبداع، في منطقة عانت طويلاً من الصراعات.
إن نتائج الزيارات الناجحة واللقاءات الهامة مع أمير قطر وولي العهد السعودي والرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي استقبل الرئيس الشرع كقائد وابن ..
ستساهم بشكل فعّال بتعزيز الدور الإقليمي لسوريا وتزيد لكل من تركيا وقطر والمملكة العربية السعودية القدرة على قيادة مشاريع تنموية كبرى.
أضف إلى ذلك تعزيز الأمن الجماعي ومواجهة التحديات الأمنية مثل الإرهاب والنفوذ الإيراني في المنطقة.
والاستفادة الإقتصادية عبر مشروعات إعادة الإعمار والبنية التحتية التي تفتح أبواب الإستثمارات.
بالتالي فإن المشهد الجديد يدعو إلى التفاؤل مع حرص الدول العربية ودول الإقليم على اغتنام هذه اللحظات التاريخية.