الحرية – رشا عيسى:
أعلنت وزارة الاقتصاد والصناعة أمس وصول عدد الشركات المسجلة في سوريا منذ بداية العام الحالي وحتى نهاية شهر أيلول الماضي إلى 11.17 ألف شركة لدى مديرية الشركات في الوزارة.
وكشفت إحصائية أعلنت عنها الوزارة أن عدد الشركات المسجلة كسجل تجاري فردي بلغ 8693 شركة، بينما وصل عدد الشركات المسجلة كشركات أشخاص إلى 1044 شركة، منها 942 شركة تضامنية و102 شركة توصية.
وقالت الوزارة: إن عدد شركات الأموال التي سجلت خلال أول 9 أشهر من العام الحالي بلغت 1435 شركة، منها 17 شركة مساهمة و1418 شركة محدودة المسؤولية.
وأشارت الوزارة إلى أنه تم شطب سجلات 1418 شركة، منها 1164 سجلاً تجارياً فردياً، و254 شركة سجل شركات.
عملية تنظيمية
تشكل الأرقام الجديدة ارتفاعاً ملحوظاً في أعداد الشركات المسجلة، وأيضاً في عدد الشركات التي تم شطب سجلها التجاري، ويرى الباحث الاقتصادي الدكتور مجدي الجاموس في حديث لـ ( الحرية) أن الأرقام المعلن عنها يُمكن وصفها بأنها عملية تنظيمية في اقتصاد السوق الحكومي أكثر من أنها نشاط اقتصادي، مرجعاً السبب إلى أن عدداً كبيراً من المناطق كانت خارج سيطرة الدولة في عهد النظام الساقط والآن يتم إدماج الشركات والأفراد، موضحاً أن أكثر من 70% من الاقتصاد السوري هو اقتصاد الظل يعني مشروعات غير مرخصة، وكان عدد كبير من المناطق المتواجدة فيها خارج سيطرة الدولة سابقاً، والآن بعد التحرير يتم تحويل قسم منها إلى العمل تحت مظلة الحكومة وإخضاعها للنظام الضريبي العام.
و فضلاً عن هذا، فإن عدداً من هذه الشركات المعلنة في الإحصائية الوزارية، قد تكون حجزت مكاناً لنشاطها التجاري مستقبلاً من منطلق انتصار الثورة، وبالتالي ليس من الضرورة أن تكون الأرقام المعلنة جميعها لشركات فعّالة حالياً على أرض الواقع، والدليل كما يوضح الجاموس شطب أكثر من 1600سجل تجاري لمشروع فردي، وقد يكون جزء من هذه الشركات المشطوبة مخالفاً للشروط أو كان موجوداً ضمن حالة الفساد التي كانت سائدة في عصر النظام الساقط، فإما كانت شركات أو مشروعات وهمية لاستخدام سجل تجاري فقط في عمليات تزوير، أو لإتمام بعض المعاملات التجارية التي تحتاج ضمن الأوراق المطلوبة سجلات تجارية.
ولكن في الوقت ذاته وجد الجاموس أن هذا الرقم مؤشر على تحسن قائم على المستوى الفردي لأن هذه المشروعات تعتمد على رأس مال فردي، وبالتالي ليس بالضرورة أن يكون هناك قروض بنكية.
التعافي المترابط
ويرتبط التعافي الاقتصادي بالتعافي الكامل للقطاع المالي، وتُسهم المشروعات الفردية في تحسين الحالة العامة للاقتصاد لأنها تقوم على رأس المال الفردي دون الحاجة إلى الأموال الموجودة في البنوك وفقاً للجاموس.
أما بالنسبة لشركات الأموال التي أشارت الإحصائية الوزارية إلى أنها بلغت 17 شركة مساهمة، شرح الجاموس أن هذه الأنواع من الشركات تُعدّ الأكبر، فهي تُحوّل إلى عدد كبير من الأجزاء، وكل جزء يُسمى سهماً، والغاية منها الحصول على كميات تجميع من رؤوس أموال، حيث هذا النوع من الشركات يُعدّ الوحيد الذي يُدرج ضمن الأسواق المالية.
و بلغ عدد الشركات المساهمة في السابق خلال حكم النظام الساقط 70 شركة، والمدرج منها بسوق الأوراق المالية لا يتعدى 30 شركة، ومعظمها بنوك وشركات التأمين، وبعض الشركات السرية، أما اليوم فإن وجود الرقم الجديد نتيجة التسويق الاستثماري الخارجي، مثل المنتدى السوري-السعودي, وغيرها كما يصف الجاموس.
وعليه، يجب أن يكون عدد الشركات الفعّالة والتي تمثل مشاريع كبرى، وتدرج بسوق الأوراق المالية، وزيادة حجم التداول دليل على إمكانية تحسن البيئة الاستثمارية، لكن لا يزال العدد غير جيد وقد يكون مرده إلى عدم ثقة بالبيئة الاستثمارية، رغم إن المدة لا تزال قليلة أي 10 أشهر للحكم على آلية العمل، لأنه في حال تم تطبيق كافة الوعود الاستثمارية والتشريعية فإن الشركات ستأخذ مكاناً لها في الاقتصاد السوري.
أرقام جيدة
هذا وسجلت الشركات محدودة المسؤولية رقماً جيداً وهو دليل على أن اللجوء إلى هذه الشركات يتم للمحافظة على الحقوق وخوفاً من البيئة القانونية، أما شركات الأشخاص فتقوم على الثقة المتبادلة بين الشركاء وعددها جيد، و يدل على شركات صغيرة برأس مال صغير، و تُساهم هذه الشركات في تحقيق التعافي الاقتصادي، وكان لها دور في التعافي بعد الحرب العالمية الثانية و 37% من مشروعات الاقتصاد العالمي قائمة على المشروعات الصغيرة مثل شركات تضامن الأشخاص،و شركات توصية بسيطة، و المشروعات الفردية.
وفي سوريا ، نحتاج أكثر من 900 مليار لإعادة الإعمار، وحجم هذه الشركات جيد ولكن ليس كالمأمول لتحقيق التعافي الاقتصادي، حيث لا يمكن تحقيق تعافٍ اقتصادي دون تعافي البيئة التشريعية أولاً، ووجود شريك استثماري مهم ثانياً، وهو القطاع المالي من خلال البنوك وشركات التأمين وشركات الوساطة المالية.
وما يعبر اليوم عن النشاط الاقتصادي والتعافي الاقتصادي هو حجم التداول في سوق الأوراق المالية، كما يظهر التعافي ليس بعدد الشركات المدرجة وإنما بحجم النشاط الذي ينعكس على واقع العمل.