الحرية- فردوس دياب:
برز مفهوم ” ثقافة عمل الخير” كأولوية في بيان وزير الثقافة محمد صالح، وهذا ما يجسد ويعكس الاهتمام الحكومي بهذه الأمور التي يجب أن تكون عناوين وبرامج عمل حقيقية ودؤوبة للمرحلة الحالية والمقبلة.
كسوريين نبدو في أمسِّ الحاجة إلى إعادة تفعيل وإحياء ثقافات عمل الخير والإحسان، بعد أن أنهكتنا لعقود طويلة ثقافات الفساد والمحسوبيات التي كرّسها النظام البائد، والتي أنتجت فجوة كبيرة في قيمنا وأخلاقنا وساهمت إلى حدٍّ كبير في تراجع أعمال الخير والإحسان والتآخي التي كانت سمة لنا على مرّ العصور.
باحثة تربوية: تعزز المحبة وتقوِّي دعائم المجتمع
زرع بذور القيم
للحديث أكثر عن ثقافة عمل الخير والإحسان، وأهميتها في هذه الظروف الاستثنائية التي نعيشها، التقت صحيفة ” الحرية ” الباحثة و الموجهة
التربوية في مديرية تربية دمشق وصال فواز العلي التي استهلت حديثها بالتأكيد على أنّ فعل الخير يعد من أسمى القيم الإنسانية وهو من أحب الأعمال إلى الله تعالى ، وأضافت ما أحوجنا في هذه الظروف الصعبة، إلى ترسيخ وزرع ثقافة الخير والمحبة والتسامح، وتطبيقها على أرض الواقع ، ولاسيما بين أبنائنا بهدف بناء مجتمع صلب وقوي ومتماسك يقوم ويرتكز على التعاون والتعاضد ومكارم الأخلاق.
و تحدثت العلي عن الدور الكبير الذي يجب أن نقوم به كمجتمع لنشر هذه الثقافة وإعادة القيم إلى مجتمعنا ، والذي يجب أن يبدأ بتربية النشء الجديد تربية صالحة، سواء من قبل الأهل المدرسة الأولى للإنسان، أو من قبل المدرسة انطلاقاً من دور المعلمين الذين هم حجر الأساس بعد الأسرة في نشر هذه الثقافة ودعمها من خلال زرع السلوكيات والقيم النبيلة في عقول ونفوس أطفالنا وأبنائنا، لأنها ستثمر خيراً فيهم، فيكبرون على حبِّ الخير ومساعدة الآخرين.
القدوة الحسنة
وأكدت العلي أنّ بناء الإنسان يجب أن يشمل الجوانب الفكرية والعاطفية والاجتماعية والروحية والجسدية ، أي أنه يعني تطوير العقل وتغذية الروح وبناء الجسم وتعزيز العلاقات الاجتماعية، وكل ذلك انطلاقاً من المدرسة ، ومن أن التعليم يعدّ أفضل الطرق وأسرعها نحو بناء مجتمعات إنسانية تحميها وتظللها الأخلاق والتعاضد والمحبة وعمل الخير.
وأوضحت الموجهة التربوية أنّ الخطوة الأولى في تربية جيلٍ واعٍ يتمتع بالمحبة وفعل الخير يبدأ من القدوة، سواء في المنزل، من قبل الآباء والأمهات، أو في المدرسة من قبل المعلمين، لأنهم القدوة الحسنة، ففعل الخير لن يكون بالتعلم بقدر ما هو تجارب واقعية ومحسوسة على أرض الواقع من قبل الأهل والمعلمين.
التسامح ودفع الظلم
وبيّنت العلي أن هناك سلوكيات صحيحة يجب أن يتعلمها الأبناء والتلاميذ ، عبر اتباع أساليب تربوية صحيحة، منها النصح الودي والتحذير من النميمة والغيبة وإحياء خلق التسامح عن الزلات واتخاذ شعار أو حكمة لكلّ أسبوع تحث على الخير والإحسان والتسامح ومساعدة الآخرين، ودفع الظلم عنهم، وهو ما ينعكس إيجاباً على المجتمع ويسهم في تطوره .
وختمت الموجهة التربوية العلي حديثها بالقول: إنّ للعمل الخيري أهمية كبيرة على الفرد والمجتمع، لكونه يسهم في تعزيز قيم التعاون والتسامح والاحترام والمحبة، كما يسهم في بناء مجتمع صحي سليم ينعكس إيجاباً على حياة الإنسان بالدرجة الأولى ، ما يشعره بالرضا، والثقة بالنفس ، وهذا ما يؤدي بدوره إلى تنمية مهاراته وقدراته والعمل على تطويرها، كما أنّ نشر ثقافة الخير والمحبة له أهمية كبيرة في تعزيز الروح الإنسانية وبناء العلاقات الاجتماعية وتحقيق العدالة والمساواة، فيصبح المجتمع أكثر تعاوناً وتلاحماً وعطاء.