تكيفاً مع الظروف.. سوريون يتجهون للبحث عن مصادر دخل إضافية والحاجة ألغت “البرستيج”

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية – باديه الونوس:

ابتكر السوريون أساليب لا تعد ولا تحصى في سبيل تأمين الحد الأدنى من متطلبات الحياة، وخاصة في هذه الظروف التي نشهد فيها تسريحاً لعشرات الموظفين، حيث لا يوجد أي مصدر دخل لشريحة كبيرة منهم سوى رواتبهم الهزيلة، وفي حال توافرت لدى البعض الآخر، فهي بالكاد تغطي نفقات بسيطة لأيام معدودة.

من هذه الأساليب كأن يعمل من يحمل شهادة علمية أي نوع من الأعمال البسيطة من قبيل بيع مواد استهلاكية بسيطة على الطرقات،أو في الحراسة ليلاً.

في المقابل يرى أهل الشأن التنموي أن إعادة الهيكلة التي تتبع في القطاع العام مهمة جداً، وخاصة بعد أن كان الفساد مستشرياً في الكثير من مؤسسات القطاع العام، لكن الأكثر جدوى هو استثمارها في قطاعات منتجة وفعالة.

من الواقع

أحمد  يونس من الشباب الذين ذهبت أحلامهم بعد إنهاء عقدهم من القطاع العام، شاب يحمل شهادة الحقوق، متزوج ولديه ثلاثة أولاد بعمر الروضة وأصغر قليلاً، يبين أنه جاء من ريف حماة للبحث عن عمل في دمشق، وذلك بعد إنهاء عقد عمله، وحالياً يعمل “نادلاً” في مطعم، وفي النهار يعمل في بيع الخبز بشكل متنقل.

الحاجة !

ألغت متطلبات الحياة الضاغطة المكانة الاجتماعية لدى الأغلبية، إذ نجد الشابة هبا تحمل ماجستيراً في الإدارة، موظفة سابقة في مؤسسة الإنشاءات العامة، بعد أن سدت كل السبل في وجهها تتجه إلى العمل في مجال تجميل الأظفار.

اتبعنا سياسة التقشف

تركت الحياة بصماتها على وجه السيدة الخمسينية سمر مصطفى، عاملة سابقة في القطاع الصحي، تقول: لدي أربعة أبناء، منهم ابنة تدرس في كلية الطب البشري في جامعة حمص، ومنهم لا يزالون على مقاعد الدراسة. اتبعنا سياسة التقشف في كل تفاصيل الحياة  إلى الرمق الأخير، بدءاً من الدروس الخصوصية، وليس انتهاء برغيف الخبز، علماً أن جميع  أفراد أسرتي يعملون في مختلف المجالات، لكن غلاء متطلبات الحياة من مواصلات وفواتير وغيرها تقصم الظهر.

في هذه الظروف الصعبة الجميع بحاجة إلى عمل، والجميع يبحث عن أي شيء إضافي يمكن أن يرمم جزءاً من متطلبات الحياة. تبين أم داني: زوجي توفي خلال سنوات الحرب، ولدي ولدان، أعمل موظفة في القطاع الحكومي، إضافة إلى عمل إضافي مدبرة منزل لدى أسرة ميسورة.

د تيشوري: أؤيد موضوع إعادة الهيكلة للقطاع العام لكن الأفضل التريث حتى تستعيد البلاد عافيتها

تبعات سلبية كبيرة

لأهل الاختصاص وجهة نظر، إذ يؤكد  استشاري التدريب والتطوير الدكتور عبد الرحمن تيشوري أن الظروف المعيشية الضاغطة صعبة جداً، والأمر الذي “زاد الطين بلة” بعض الإجراءات التي تسرعت بها بعض الجهات العامة، مثل التسريح لمئات العاملين من القطاع الحكومي، ومنها القطاع الصحي، الذين لا يمتلكون سوى هذا الراتب الهزيل الذي بالكاد يغطي نفقات الخبز والمواصلات.

واستشهد على حاجة القطاع للكادر، مثل مركز الشيخ سعد الصحي الذي كان يوجد فيه ٣٢٠ عاملاً، وتم تقليص العدد إلى عشرين عاملاً فقط، وهذا بالتأكيد لا يفي بالغرض، ولسد جزء من الاحتياجات يعتمد الكثير من السوريين في معيشتهم على الحوالات من أبنائهم وأقربائهم.

وأضاف د. تيشوري: أنا من مؤيدي إعادة الهيكلة لمؤسسات القطاع العام، إلا أنه كان هناك تسرع في هذا الموضوع من وجهة نظري، إذ كان يجب الانتظار ريثما تستعيد الحكومة نشاطها الاقتصادي وعافيتها، وتدور عجلة الإنتاج، والأفضل أن يكون من خلال استثمار الفائض في الإنتاج عن طريق تفعيل القطاع الاقتصادي، مشيراً إلى أن النظام البائد كان فاسداً جداً وانتشرت في قطاعاته الرشاوى، إلا أنه يمكن محاربة الفساد بطرق أكثر نجاعة مع الحفاظ على القوة العاملة وتحسين وضعها المعيشي، حتى لا تزيد التبعات السلبية من زيادة في أعداد البطالة والعاطلين عن العمل وخسارة كفاءات الطاقة الشابة وغيرها.

Leave a Comment
آخر الأخبار