استوطنه البشر قبل ١٠ آلاف عام.. تل الأشعري يحاكي عصور ما قبل التاريخ

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية – وليد الزعبي:

يحكي تل الأشعري في درعا قصة مدينة موغلة في القدم قامت في جنوب سوريا، حيث تشير الشواهد المكتشفة في التل لوجود مستوطنة بشرية عريقة منذ ما يزيد على عشرة آلاف عام.

رئيس دائرة آثار درعا الدكتور محمد خير نصر الله في حديثه لصحيفتنا الحرية، كشف اتساع تل الأشعري الذي تبلغ أبعاده 400 م شمال جنوب، و 200 م غرب شرق، بارتفاع متفاوت متوسطه 25 م، أما تاريخه فقديم للغاية، حيث عثر في الجهتين الغربية والجنوبية منه على شواهد من العصور الحجرية، تتمثل بالقواطع والنصال ورؤوس السهام والمقاشط المشكلة من الحجر الصواني الذي يعدّ من أقدم الأنواع والعناصر التي تفاعل معها الإنسان، وفي عملية مسح للمنطقة في العام 1998م قام بها فريق من دائرة آثار درعا، أضاءت النتائج فترة مهمة من فترات التاريخ لهذه المنطقة، وقدمت معطيات وافية لواقع عصور ما قبل التاريخ في جنوب سوريا.

وأشار إلى أنه إضافة لتلك الأدلة المؤكدة للسكن الإنساني المبكر للغاية، توجد بعض المغارات في الجانب الغربي من التل تشير هي الأخرى لوجود مستوطنة بشرية عريقة منذ ما يزيد على ١٠ آلاف عام على أقل تقدير، كما توجد شواهد تعود لفترات فجر التاريخ والبرونز، وذلك من خلال التحصينات والأسوار المحيطة بالتل خاصة القائمة في الزاوية الجنوبية الغربية، حيث إنها تتطابق مع بعض المدن والممالك المعروفة كمملكة إيبلا (تل مرديخ).

ويضاف لما سبق حسب ما ذكر رئيس الدائرة تناثر نماذج فخارية على أجزاء ومحيط التل تعود لفترات عصور البرونز، وفي عصر الحديد الذي يبدأ من العام 1200 قبل الميلاد، يظهر أن المدينة كانت موجودة وذات أهمية كبيرة من خلال الأسوار الضخمة القائمة حتى الآن، والتي تشكل خطاً دفاعياً عن المدينة، والمعروف أن هذه الفترة تطابق الحضارة الآرامية.

ولفت إلى ملاحظة وجود حضارة عربية مهمة في أواخر الألف الأول قبل الميلاد، إذ تشير الوثائق التاريخية إلى أن هذه المدينة كانت تحمل اسم ديا أو ديون (DION) وباللفظ الروماني ديابوليس، وأنها ذكرت بهذا الإسم لأول مرة في معرض الحديث عن حروب القائد اسكندر ياناوس مع العرب الأنباط، بالفترة 76-103 قبل الميلاد، وأنها كانت من حلف المدن العشر الديكابوليس، والحياة استمرت بعد ذلك في هذه المدينة، والشاهد وجود أبنية سكنية وإدارية كثيرة من مختلف الفترات الإسلامية، كالحمامات والأفران والمقابر، والنماذج الفخارية الأيوبية والسلجوقية والمملوكية والعثمانية، وصولاً لأواسط القرن العشرين.

ومجمل هذه المعطيات تؤكد أنّ مدينة الأشعري تعدّ واحدة من أهم البقاع في سوريا حيث لم تنقطع فيها الحياة، لكونها منطقة خصبة وفيرة المياه جميلة التفاصيل والمفردات وذات تحصين دفاعي طبيعي.

Leave a Comment
آخر الأخبار