تمثيل شرائح المجتمع وفتح السقف والشفافية وتقديم إجابات مع تمثيل إعلامي أكبر.. معايير نجاح مؤتمر الحوار

مدة القراءة 8 دقيقة/دقائق

الحرّية- هبا علي أحمد:

عندما يكون الحديث عن حوار وطني، فهذا يعني حواراً شاملاً متكاملاً يضم في جنباته جميع النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمدنيّة، بمعنى أشمل مناقشة جميع التحدّيات والهواجس ووضعها تحت المجهر، مثل الأمور المعيشية والتشاركية والمسامحة والعدالة الانتقالية، وإجراء الانتخابات وتقديم رؤية اقتصادية.
على أن تحقيق كل ما سبق يقتضي بطبيعة الحال أن يكون سقف الحوار مفتوحاً بلا ضوابط مع شفافية ووضوح وتقديم إجابات للكثير من الأجوبة المعلقة، ووضع خطط وبرامج عمل وتقديم توصيات ومقترحات، إضافة إلى تمثيل واسع لكافة شرائح المجتمع السوري ومكوناته.

هدف الجلسات التحضيرية هو خلق أجواء مناسبة لإنجاح مؤتمر الحوار

فالقضية الأساسية في الجلسات التي انطلقت هذا الأسبوع في عدد من المحافظات للجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني المقرر في الفترة المقبلة.. هي خلق أجواء مناسبة لإنجاح المؤتمر.

المرشحون والقضايا
يرى أستاذ القانون الدولي في كلية الحقوق في جامعة دمشق، الدكتور إبراهيم دراجي أن هناك موضوعين أساسيين لنجاح المؤتمر، الأول: الأشخاص المرشحون لحضور المؤتمر من حيث تمثيلهم لشرائح المجتمع السوري المختلفة وتوجهاته بكل المكونات، بمعنى اختيار ممثلين حقيقيين للشعب.
..والموضوع الثاني: مناقشة الهواجس والتحدّيات التي تعني الدولة والشعب في المرحلة الراهنة، إذ لا يجوز فرض أجندة المؤتمر برؤية شخصية، وأولويات الحكومة، أو لأي جهة كانت، ففي ظل عدم القدرة على إجراء انتخابات، يكون الدور الواجب القيام به هو تقديم أفكار واضحة وواقعية قدر الإمكان، فإذا قدمت الاجتماعات أجوبة حول من يمثل الشعب السوري وماهيّة المواضيع المطروحة فإن ذلك يُساعد على إنجاح فكرة المؤتمر ولا يتم التشكيك بمن يُمثل، أو بالقضايا المطروحة، أو أن هناك قضايا مغيّبة يمكن مناقشتها.
وأشار الدكتور دراجي إلى أن أي عمل سياسي أو حتى إنساني لا يتوقع أن يحظى باجماع كامل سواء على الأشخاص أو القضايا، ولكن بالحد المقبول ينبغي أن يكون هناك تشاور من خلال الاجتماعات.

معايير نجاح
جملة من المعايير والمقترحات أشار إليها دراجي كضرورة لا بد منها لنجاح المؤتمر، في مقدمتها نجاح اللجنة التحضيرية الذي يُعد مفتاحاً أساسياً لنجاح المؤتمر، وهذا مرهون بقدرتها على تقديم معايير واضحة لانتقاء الأشخاص ووضع الأجندة وجدول الأعمال، وبالتالي كما يوضح دراجي، فإن معيار نجاح اللجنة هو الشفافية باعتبارها العنصر الأساس في نجاح المؤتمر، حتى يعلم كل مواطن من يُمثله أو يُماثله في الأفكار .. الشفافية تجاه آلية دعوة الأشخاص، وما هي المعايير التي على أساسها تمت دعوة الأشخاص أو استبعادهم وكذلك المواضيع التي تتم مناقشتها.
كما إن قدرة الجلسات ومن ثم المؤتمر على تقديم حلول وأجوبة على التساؤلات الأساسية التي تحتاجها سوريا في المرحلة الحالية سواء في الشق السياسي، الأمني، الاقتصادي، الإنساني، الاجتماعي وقضايا اللجوء والمرحلة الانتقالية وآلية الدستور الدائم، مع وضع خطط عمل وتقديم توصيات وتوجيهات، كلها معايير تمهد لنجاح المؤتمر وبالتالي يكون منبراً حقيقياً ليس فقط للاستماع  إلى الآراء بل أيضاً لتحويلها إلى أدوات تنفيذية.
ويختلف الدكتور دراجي مع من يحاول الترويج للمؤتمر على أنه تشاوري بما يُقلل من قيمته، إذ ينبغي أن يكون لما يصدر عنه ويتم التوافق عليه تحويله إلى برامج عمل بعد تبني المخرجات من قبل الحكومة والسلطة التنفيذية لاحقاً.

الرضا الشعبي
وعلى اعتبار أن العامل الشعبي هو الأهم والحلقة الأساس في مختلف المواضيع عندما نبني دولة، فإن من معايير نجاح المؤتمر، تبعاً لدراجي، الشعور الشعبي بالرضا الناجم عن الشفافية في عملية التحضير له، بمعنى اقتناع شرائح المجتمع بأن آلية التشاور واضحة، شفافة، والأفكار المعروضة تتم مناقشتها في الجلسات الدائرة حالياً.
إلى جانب الرضا الشعبي، يجب عدم إقصاء أي أحد باستثناء مرتكبي الانتهاكات، وأن يكون هناك فرصة لمواجهة التحدّيات ووجود حلول واضحة وإجابات لا سيما مع فقدان الكثيرين لوظائفهم وفرص عملهم والمسرحين ممن لم يتورطوا بانتهاكات بحق الشعب السوري، إذ ينبغي أن يكون لهم منبر لعرض قضاياهم والتفكير بالحلول المناسبة لهم حتى نستطيع بناء وطن للجميع.

الجميع مُنتصر عندما تُبنى دولة سورية شاملة لكل أبنائها

..من هنا فإن مشاركة جميع شرائح المجتمع السوري بمختلف مكوناته وأطيافه وتوجهاته هو هدف أساس للمؤتمر، إذ لا تبنى الأوطان بمنطق المنتصر والمهزوم، بل سيكون الجميع مُنتصراً عندما تُبنى دولة شاملة لكل أبنائها.

يُمثل كل القطاعات
لم يبتعد الخبير الاقتصادي عامر شهدا عما قدمه الدكتور دراجي، بل شاطره بالرأي من حيث الشفافية والوعي الشعبي لنجاح المؤتمر ولتكون الجلسات التحضيرية مُجدية.
ومن موقعه كاقتصادي يرى شهدا أن القطاع الاقتصادي يؤثر على كل القطاعات، بمعنى حتى يكون المؤتمر مُثمراً لا بد أن يمثل كل القطاعات، اقتصاد، زراعة، صناعة، سياحة، تعليم، صحة، مجتمع أهلي، الطوائف والعشائر والتجمعات الريفية، عبر ممثلين عنهم خصوصاً أننا بصدد بناء دولة ووضع دستور، إذ إن كل القطاعات تحكمها قوانين سيستند إصدارها إلى دستور يتأثر بالأفكار المطروحة في الاجتماعات والجلسات.

إشراك جميع التيارات السياسية
ويشير شهدا إلى ضرورة الانتهاء من الماضي في ظل الحاجة إلى ثقل فكري- إبداعي – ابتكاري، لذلك لا بد من إشراك جميع التيارات السياسية دون الاقتصار على أشخاص عدة يتم انتقاؤهم من دون معرفة الآليات، لافتاً إلى أن نجاح المؤتمر يرتبط بوعي المجتمع و جرأة الطرح من دون أي هواجس وموانع تحول دون انتقاد الحكومة والمستوى الرئاسي والدستور والقانون فهذه كلها معايير ضمن إطار نجاح المؤتمر الذي من المفترض أن يكون تحت عنوان الرأي والرأي الآخر من دون وجود أطر معينة للأحاديث وأن يكون السقف مفتوحاً.

بناء الدولة يعتمد على إيجاد نظام يتواءم مع القطاعات الاقتصادية والتوجهات الاجتماعية

ويرى شهدا ضرورة أن تخلص جلسات الحوار الدائرة حالياً إلى بيان يوضح المحاور التي تمت مناقشتها، إذ لا يُمكن التحضير للمؤتمر العام وشريحة كبيرة في المجتمع تجهل ما تمّ طرحه في الجلسات، وخلاف ذلك يعني عدم شفافية أو انغلاق وهذا لا يبني دولة، فبناء الدولة يعتمد على إيجاد نظام يتواءم ويتناغم مع كل القطاعات الاقتصادية والتوجهات الاجتماعية، منوهاً إلى أنه كان يجب أن تكون الدعوة لجلسات الحوار نوعاً ما عامة ومدروسة.

دور أكبر للإعلام
لمى علي، صحفية مستقلة وناشطة في الشأن المجتمعي، ترى أنه لا يمكن تقييم الجلسات الحالية لعدم حضورها، وعدم وضوح خطة واستراتيجية الجلسات وما بعدها، أي ضبابية الجلسات، أضف إليه لا يُمكن الحكم على الجلسات في ظل محدودية الدعوات وعدم وجود معايير واضحة أو تمثيل إعلامي كافي، لافتة إلى إشارة بعض من حضر الجلسات إلى أن الوقت كان محدوداً، في الوقت الذي تحتاج فيه كل جلسة في مختلف المحافظات لساعات وأيام، بينما رأينا سرعة الانتقال من محافظة إلى أخرى، كما إن المشاركين لا يمثلون كل شرائح المجتمع.

ينبغي أن يُعطى وقت أكبر للتحضير للجلسات من خلال الدعوات المسبقة وتحضير المحاور وأوراق العمل

وأشارت علي إلى أنه كان ينبغي أن يُعطى وقت أكبر للتحضير للجلسات، من خلال الدعوات المسبقة وتحضير المحاور وأوراق العمل، ومراعاة خصوصية كل محافظة لتحقيق الهدف المطلوب من الحوار.
وتمنت علي أن يكون للإعلاميين دور أكبر في المستقبل وأن تتم دعوتهم دون إقصاء لأحد، ولا سيما أنهم صلة الوصل بين الحكومة والجمهور ولا بد أن يكونوا مساهمين وفاعلين.

Leave a Comment
آخر الأخبار
كتلة قطبية باردة إلى شديدة البرودة يتخللها فرص لهطول زخات من الثلوج خاصة مساء اليوم وغداً حلب تتحضّر لاستقبال شهر رمضان الكريم.. ومبادرات اجتماعية لمساعدة الأسر المتعففة والأكثر احتياجاً تهدف إلى معالجة الفقر والتمييز والظلم.. ما هو واقع تطبيق مفهوم العدالة الاجتماعية في سوريا؟ القائم بأعمال وزارة الصحة يبحث سبل تعزيز التعاون الصحي مع وفد من الهلال الأحمر‏ القطري مربو الثروة الحيوانية في مأزق.. وخبير يدعو إلى تطوير البادية كخطوة أولى لإنقاذ القطيع ثروة ضائعة استنزفها التهريب والسرقة.. لا إحصائية حقيقية للإبل الشامية و75٪ منها صار في العراق لجوء السوريين إلى مدخراتهم مؤشر على تدهور الحالة الاقتصادية العامة خبير يدعو إلى نظام ضريبي عادل بعيداً عن تكريس حالة الإلغاء للرسوم الضريبية والجمركية ترامب يقود حملة "تطهير" في الجيش الأميركي  مسارات الثقة والتفاؤل تتعزز.. اجتماع أوروبي الإثنين يعلق رسمياً العقوبات على قطاعات المصارف والطاقة ...