“اللون السوري” وهوية الدولة الوطنية

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

ناظم عيد- رئيس التحرير:

لعله ترقّب مشروع الذي يستحكم بكل السوريين في هذه الأيام، إن هنا في الداخل أو الخارج، لحكومة بلادهم الجديدة التي ستُعلن مطلع آذار المقبل، وفقاً لتأكيدات رفيعة المستوى.

ولا نظن أننا نجتهد في اتجاه خاضع لاحتمالات الخطأ والصواب، إن زعمنا أن حالة الترقّب تركز على التنوّع الموعود في قوام الحكومة المنتظرة، على الرغم من أهمية الحدث بعمومه في بلد يعيد ترتيباً عميقاً لأوراقه، وشرع للتو بالتحضير الجادّ لبناء مؤسساته وهياكله الأساسية.

كما نعلم أن ترقّب حيثية التنوّع بالتحديد هي مطرح رصد وانتظار من دول ومراكز قوى خارجية متعددة، منها صديق حريص ومنها عدو يتربص.. كل هذا على الرغم من تطمينات دفع بها الرئيس الشرع في أكثر من مناسبة، ومثله وزير الخارجية… وقد يكون علينا ألا نستغرب ذلك، فهذه النقطة الإشكالية طالما كانت مثار جدل في كافة البلدان الحاضنة لأطياف متنوعة لا سيما في هذا الشطر من العالم العربي.

من هنا قد نكون في سورية اليوم، جميعاً قيادة وشعباً، أمام تحدّي إنجاز هذه المهمة الإستراتيجية بكل معنى الكلمة، بحذاقة ومنطق دولة وطنية حقيقية جامعة اسمها سوريا العابرة برشاقة فوق كل اعتبار ضيق محدود، فما نحن على يقين منه أن حالة الترقّب الراهنة متفاوتة الاعتبارات والأبعاد الذهنية في العقل الباطن الجمعي السوري، لأننا في بلد اعتاد مواطنوه على مرّ عقود طويلة ترقّب مثل هذا الحدث والتقاطه بطريقة نمطية، تكترث كثيراً لاعتبارين هما “كارثيان” بالفعل، الأول.. الامتياز المقترن بالمنصب، والثاني.. المحاصصة المقيتة في البعدين الطائفي والإثني ومتاهة تفرعات حزبية ومناطقية وعشائرية، طالما حوّلت التنوع في هذه البلاد من نعمة إلى نقمة.

لا بأس بالتنوع بل هو ضروري ومطلوب بإلحاح، لكن دون الغرق في دوامات المحاصصة المقيتة، والانشغال في الجمع والطرح والضرب وحلّ ما يشبه مسائل لوغارتميات الرياضيات القديمة.

فعندما تكون المحاصصة مقصودة لذاتها نخرج بقوام تنفيذي مشوّه، و”تُصفع” به البلاد – كل البلاد – هكذا تخبرنا التجارب الطويلة، وأغلب الظن هذا ما يجمع عليه عقلاء سوريا الدولة.

نحتاج نخباً فاعلة وفعّالة.. تكنوقراط” أو أي تسمية أخرى لا مشكلة، فلا يوجد مكون في سوريا إلا ولديه المزيد من أمثال هؤلاء، فلنبحث عن النوع لا عن اللون في زمن يجب أن تتلاشى فيه الألوان كلّها وتذوب في اللون السوري.

ولعلنا في سورية الجديدة أمام فرصة تاريخية للبدء بترسيخ مفهوم “المواطن السوري” دون أي اعتبار آخر، وإلا سنعود إلى “دوائر الشيطان” التي أرهقتنا وأرّقتنا وأرجعتنا عقوداً وعقوداً إلى الوراء..

Leave a Comment
آخر الأخبار