الحرية – دينا الحمد:
مع وصول لجنة تقصّي الحقائق التابعة للأمم المتحدة إلى محافظة القنيطرة، وذلك في إطار مهمتها الرامية إلى توثيق انتهاكات جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين في الجولان المحتل وممتلكاتهم في المحافظة، فإن السؤال الذي يلقي بظلاله الآن هو: إلى متى هذه العربدة الإسرائيلية؟ وهل يكفي أن تقوم المنظمة الدولية بتوثيق الانتهاكات والجرائم التي تقوم بها قوات الاحتلال أم إن المطلوب من المنظمة الدولية الاستناد إلى تقارير التقصي تلك وإصدار قرارات من مجلس الأمن تجرّم من يقوم بهذه الانتهاكات وتضع حداً نهائياً لها؟
في الواقع تزامن وصول لجنة تقصي الحقائق إلى الجولان السوري مع استمرار انتهاكات كيان الاحتلال بحق أهلنا بالجولان ومحافظة القنيطرة ما يؤكد استهتار الاحتلال بكل المؤسسات الدولية، لا بل إنه في اليوم الذي وصلت فيه اللجنة إلى محافظة القنيطرة رأى العالم بالصوت والصورة كيف تتوغل قوات الاحتلال الإسرائيلي بـ 6 آليات عسكرية في قرية صيدا الحانوت بريف القنيطرة الجنوبي وتفتش 4 منازل وتنصب 4 حواجز، وفي اليوم الذي سبقه اعتقلت هذه القوات عدداً من المدنيين في أكثر من قرية جولانية وانتهكت حقوق الأهالي هناك.
ما يمكن قوله في هذا الإطار إن فرق التقصي الدولية وإصدار تقاريرها وتوثيقاتها يجب أن تترافق مع إرادة دولية حازمة تطبق القانون الدولي ولا تكتفي بالفرجة أو حتى قراءة تقارير التقصي، وكأن العالم ما زال على سيرته الأولى في التفرج على الجريمة وأدواتها وتدبيج بيانات الإدانة والشجب والاستنكار، أو كأن مجلس حقوق الإنسان ومجلس الأمن الدولي ومؤسسات الأمم المتحدة تعيد إنتاج خطاباتها وتقاريرها التي اعتاد العالم عليها لعقود، مع العلم أن عمل لجان التقصي هو جهد كبير وهو محل احترام وتقدير من قبل الشعب السوري وحكومته.
ما يثير الاستغراب أنه رغم أن الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمجتمع الدولي والعديد من قوى العالم دعوا كيان إسرائيل في أعقاب سقوط النظام البائد إلى احترام سيادة الأراضي السورية، والالتزام باتفاقية فض الاشتباك لعام ١٩٧٤، وعدم الاعتداء على سوريا، إلا أن حكومة الاحتلال الإسرائيلية ظلت تمارس كل أنواع الإرهاب والتوغل واحتلال الأراضي، ومن خطواتها العدوانية كانت الزيارة غير الشرعية التي قام بها رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزيرا الدفاع والخارجية وعدد من مسؤولي الاحتلال إلى منطقة في جنوب سوريا الشهر الماضي في مشهد لا يعني إلا أنهم لا يعيرون أي اهتمام لأي شرعية دولية أو سلام وأمن تحتاجه المنطقة،
اليوم يواصل الكيان الإسرائيلي استهتاره بالقيم الدولية أو المطالبات الدولية بالأمن والاستقرار والسلام، ويكرّس سياساته وأطماعه الرامية إلى استمرار عدوانه وانتهاكه الأراضي السورية والتوغل في المزيد منها.
قصارى القول إن ما تفعله قوات الاحتلال الإسرائيلية في الجولان ومحافظة القنيطرة هو نتاج مخططات مدروسة وممنهجة ومتتابعة، أول خيوطها تصاعد التوغلات البرية في ريفي القنيطرة ودمشق، وثانيها التهرب من استحقاقات القرارات الدولية، وثالثها خلط الأوراق في المنطقة، ورابعها التهرب من الالتزام باتفاق فصل القوات لعام 1974 وترسيخ لواقع احتلالي جديد، فهل تكتفي الأمم المتحدة بعرض تقارير لجان التقصي أم إن الأمر الملح هو وضع حد لهذه السياسات العدوانية؟.
لجنة أممية لتقصي الحقائق تزور الجولان.. فهل تكتفي المنظمة بتوثيق الجرائم الإسرائيلية؟
Leave a Comment
Leave a Comment