الحرية- وليد الزعبي:
تساور المرء حالة من الارتباك الشديد عندما يحتاج إلى يد عاملة لتنفيذ شغل ما في منزله أو حقله أو بأي مجال آخر، والسبب الأجور الفاحشة التي يتم اشتراط تقاضيها.
فإن احتجت لـ«حفرية» ما لمد مجرور الصرف الصحي، تجد العمال يفرضون أجوراً تعادل للواحد منهم في اليوم نصف راتب موظف في شهر، والحالة تتكرر لو كانت هناك ضرورة لتكسير جدار أو بناء آخر و«تلييسه» أو تلبيسه بالسيراميك وما شابه من أعمال أخرى بقصد الترميم، مثل صيانة أجزاء من مكونات التمديدات الصحية والكهربائية، وكذلك في حال البناء الجديد، فإن الأجور بالمزاج ولا ترحم.
ولدى احتياج الفلاح لعمال تعشيب و«نكش» التربة حول شتول أي من المحاصيل، تصدمه أجورهم الباهظة. وعندما يحين قطاف الثمار لا ترضى الورشات التي يتم التعاقد مع القائمين عليها بالمعقول.
ولم يسلم أي منّا من الإصابة بنوبة انفعال حادة عندما يخبره أهل بيته أن إحدى التجهيزات الكهربائية المنزلية تعطلت. ليس اعتراضاً على الأمر، لأن التجهيزات مع طول مدة استعمالها وعدم القدرة على استبدالها بشراء أخرى جديدة لضعف القدرة المادية، لا شك ستتعرض للأعطال، لكن الخشية تبدو من التكاليف والأجور التي توجع القلب قبل الجيب.
إننا بالفعل أمام حالة من الفلتان المفرط في فرض أجور لا تتناسب مطلقاً مع دخول الناس الضعيفة، حيث يستغل معظم العمال في ظل قلة عددهم وضغط الطلب عليهم حاجة الناس، لأخذ أجور غير منصفة، والسؤال المهم هنا: كيف ستغدو حال الأجور إذا انطلقت قريباً أعمال إعادة الترميم والإعمار على نطاق واسع في البلاد، وخاصةً أنها تستدعي أعداداً كبيرةً جداً من اليد العاملة؟ أم إن تحسين الدخل المرتقب قد يتحقق بالقدر الذي يبدد المخاوف ويمكّن من تحمل أجور العمالة على اختلافها؟.
توجع القلب قبل الجيب

Leave a Comment
Leave a Comment