الحرية- حسام قره باش:
شهدت الإبل الشامية المعروفة بأنها أحد العروق النوعية المميزة في الوطن العربي خلال السنوات الماضية، تناقصاً رهيباً أدى إلى تدهور هذه الثروة الوطنية، نتيجة الظروف القاسية التي مرت بها البلد خلال النظام البائد، إضافة إلى سرقة القطعان والتصرف بها من خلال الذبح، والأخطر من كل ذلك خروج أعداد كبيرة منها وتهريبها إلى دول الجوار.
إحصائية غائبة
وفي هذا السياق، أوضح مدير مركز بحوث الإبل الدكتور إياد الخالد في حديثه لصحيفة “الحرية” عدم وجود إحصائية واضحة للإبل السورية، كون معظمها يتواجد في منطقة الشمال الشرقي بالجزيرة السورية، خاصة بعد أن تم تهريب أكثر من 75٪ من أعدادها إلى العراق بسبب تجاور البلدين والامتداد العشائري بينهما سواء في محافظة الرقة أو دير الزور أو الحسكة، لدرجة أن الإبل العراقية تعتبر توءم الإبل السورية، مضيفاً: إن الاحصائية الحالية لا يمكن تقديرها لغياب معرفة العدد الدقيق لقطعان الإبل السورية الموجودة بتلك المناطق، وقد أصبح حالياً بالإمكان إحصاؤها بشكل أدق بعد التحرير الكامل لكافة الأراضي، متوقعاً أن يكون العدد الحالي يشابه نفس العدد في الإحصائية الأخيرة التي جرت عام 2022 حيث قُدرَت أعدادها حينها ب 14 ألف رأس.
دور البحوث
يشير الدكتور الخالد إلى التركيز بالدرجة الأولى في مركز البحوث على تحسين العرق والمحافظة عليه بشكل جيد، وتمييزه وإكثاره من الناحية الإنتاجية لزيادة الحليب وإمكانية التحسين الوراثي لهذا العرق بتحسين مواصفاته الشكلية، التي تميزها عن باقي الإبل الموجودة في البلدان العربية، لافتاً إلى أن الإبل الشامية من الأنواع الممتازة خصوصاً من جهة تأقلمها مع الظروف البيئية السورية وقلة استهلاكها للعلف ومقاومتها للأمراض، إضافة لامتلاكها مواصفات جيدة من ناحية إنتاجيتها للحليب ولها أيضاً صفة نفسية بأنها حنونة جداً على وليدها وإرضاعه بشكل جيد ما يجعلها مميزة بإدرار الحليب كما يقول.
ويؤكد الخالد وجود مشاريع لإنتاج حليب الإبل وزيادته حيث يتميز حليب النوق، بأنه (مبستر طبيعي) لا يغلى ويشرب مباشرة مع ما له من مزايا علاجية متعددة للجهاز الهضمي والأمراض الخبيثة..إلخ.
دراسات وتجارب
وبسياق متصل، بيَّن الخالد وجود مجموعة من التجارب البحثية والدراسات التي تجرى بالتشاركية والتعاون مع المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة “أكساد”، أبرزها وجود دراسة واقعية عن نوعية حليب الإبل ومدى خواصه الفيزيائية وتركيبته الكيميائية، لافتاً إلى قيام فريق عمل متكامل في البحوث العلمية الزراعية بهذا الأمر ودراسة أخرى مشتركة مع أكساد حول إمكانية نقل الأجنة باستخدام تقنية نقل الأجنة في الإبل السورية بمحطة دير الحجر.
ووفقاً للخالد، يوجد أيضاً أبحاث أخرى عن المواليد وأوزانها ومدى تطورها بشكل سليم، ورسالة دكتوراه بهذا الخصوص ودراسة أخرى لأحد طلاب جامعة دمشق، أُنجزَت بشكل كامل حول المواصفات القياسية السورية للإبل الشامية.
الصعوبات
رغم الصعوبات التي يلخصها الخالد بوجود أضرار جسيمة لحقت بالمحطات البحثية، وأجهزتها ومعداتها خلال الفترة الأخيرة، من حيث تعرضها للتخريب والدمار بالإضافة إلى تعرض البنى التحتية بالمحطات لضرر كبير يفوق نسبة 60٪.
ومع هذا يبدي الخالد تفاؤله باستمرار إنجاز البحوث للحفاظ على سلالات الإبل الشامية التي لن تندثر أبداً.
وتابع: نحن نفتخر بثرواتنا الحيوانية الوطنية، من الإبل والأبقار الشامية والماعز الشامي وغنم العواس والجاموس السوري، ونعتز بوجود هذه السلالات المحلية النوعية التي تشكل ثروة وطنية وقومية حيث يحتل الماعز الشامي المرتبة الخامسة عالمياً والأولى عربياً بإنتاج اللحم والحليب.
وقال الخالد للحرية: سيتم بجهود الكوادر المتواجدة في المراكز البحثية واهتمام الحكومة في الإدارة الجديدة، بتعويض وإصلاح ما تضرر بالتوازي مع توجهات وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي الحالية بتوفير كل الإمكانيات لتطوير العمل بالوضع الراهن وزيادة هذه الثروة من الناحية الإنتاجية والتناسلية والتحسين الوراثي، وهيئة البحوث العلمية الزراعية قادرة على القيام بهذا التطوير لكل أصناف ثروتنا الحيوانية في بلدنا، خاتماً بقوله: عملنا أمانة سنحاسب عليها.