لا حراك لتأهيل جسور دير الزور إلى الآن.. شريان الحياة لا يزال ينتظر من يضخ الروح فيه

مدة القراءة 7 دقيقة/دقائق

الحرية- عثمان الخلف:

مع سقوط سيارة أثناء نقلها بعبارة عبر نهر الفرات يوم الأحد الماضي، يُسجل بذلك ثلاث حالات لسقوط سيارات أدت إحداها لوفاة شخص خلال النصف الأول من العام الجاري، ليعود السؤال مُجدداً عن إمكانيّة إعادة تأهيل جسور دير الزور، والتي تُشكل شريان الحياة الرئيسي في المنطقة، إن من الجانب الاقتصادي والمعيشي أو من الجانب الاجتماعي، كونها الرابط ما بين منطقتي الجزيرة والشاميّة على ضفتي نهر الفرات، وما يُشكله وجودها من ضرورة حياتيّة لمحافظة تنشد التعافي من آثار سنوات الحرب وما خلفته من دمار.

معاناة التنقل بالعبارات النهرية للأطفال والنساء وكبار السن والمرضى

تدمير وخراب

وثقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، في تقرير سابق لها حمل عنوان “دير الزور.. محافظة مقطعة الأطراف”، 29 حادثة اعتداء على جسور المحافظة منذ عام 2011 وحتى آذار 2017، وتوزعت حوادث الاعتداء على (تسعة على يد قوات النظام المخلوع، و15 كان “التحالف الدولي” مسؤولاً عنها، بينما دُمّر جسر واحد على يد القوات الروسية، ونسب التقرير حادثتين طالتا جسرين آخرين إلى جهات مجهولة.

مخاطر السقوط في نهر الفرات قائمة

مخاطر قائمة

لا يزال أهالي محافظة دير الزور يستخدمون العبارات للتنقل ما بين ضفتي نهر الفرات، طلبة معاهد وجامعات، ومدارس، عمال القطاع العام، ناهيك عن الباحثين عن فرص عمل من كسبة، وصولاً للمرضى، ومجمل حركة النشاط الاقتصادي والمعيشي.. إلخ.
لا يوفر الجسر الترابي خدمة التنقل لكافة المناطق ما بين الضفتين، فهو الأكثر استخداماً من أهالي ريف دير الزور الشمالي، في حين لا يزال أهالي بقية المناطق يلجؤون للعبارات النهريّة في تنقلهم، رغم ما تُشكله من مخاطر كما أسلفنا حول الانزلاق في نهر الفرات، مع الإشارة لانعدام الالتفات من أصحاب تلك العبّارات لمخاطر الحمولة الزائدة، وغياب الرقابة حول ذلك، إضافةً لسؤال حول مدى قدرة الجسر المذكور على الصمود وتأدية دوره التخديمي القائم، حال ارتفاع ضغط مياه النهر.

دراسات التأهيل للجسور جاهزة بانتظار التمويل

ويؤكد عواد العلي -من أهالي بلدة السوسة في منطقة الجزيرة- أن التنقل عبر تلك العبّارات يبقى هاجس قلقٍ دائماً، لكنه الحل الذي اعتدناه لسنوات عدة، عقب ما طال الجسور من تدمير جاء نتيجة استهدافها من طيران النظام البائد أو من طيران التحالف الدولي، ويلفت محمد الغنام- من سكان بلدة الباغوز للمعاناة التي تواجه المرضى، فهي وسيلتهم الوحيدة للوصول إلى المشافي العامة، سواء في دير الزور، أو العاصمة دمشق، معاناة في ظل درجات الحرارة المرتفعة في فصل الصيف، أو برد الشتاء وأمطاره، مُشيراً لمخاوف الانزلاق، لاسيما بالنسبة للأطفال والنساء وكبار السن.
ويشير عبد الرزاق الهزاع إلى أنه اضطر لعبور النهر من مناطق سيطرة “قسد” إلى مناطق الحكومة السورية لتسجيل ابنته في المرحلة الإعدادية، لكنه واجه صعوبات عدة، أبرزها ارتفاع أجور العبارات، فضلاً عن المخاطر التي تلاحق العابرين.
في حين تقول تسنيم الجاسم، وهي طالبة في المرحلة الثانوية إنها تضطر إلى الانتظار لفترات طويلة لاستخدام العبارات، أما مروان عشاوي، وهو أحد أبناء دير الزور، فيؤكد أن العبارات النهرية تشكل عبئاً إضافياً على الموظفين والطلاب والمرضى الذين لا يستطيعون دفع تكاليف العبور يومياً .
ويواجه كبار السن صعوبات إضافية عند استخدام العبارات حسب ما أفاد تركي النعيمي، أحد سكان مدينة دير الزور، حيث يضطر لعبور النهر يومياً بين منزله المدمر في حي الشيخ ياسين ومناطق سيطرة “قسد” في قرية الجنينة، رغم معاناته مع التنقل، ويضيف أنه نجا من الغرق عدة مرات بفضل مساعدة المدنيين، مطالباً بتشييد الجسور لسهولة العبور والتنقل بين المناطق.
أما التجار، فيشيرون لصعوبات أخرى تتعلق بتكاليف النقل وتأخير وصول بضائعهم، والانتظار لساعات طويلة وما يتبع ذلك من تكاليف إضافية، ما يؤدي إلى رفع أسعار السلع في الأسواق.
هذا وأنشئت العبارات النهرية على معابر النهر الـ10 التي تربط ضفتي النهر، ومنها معبر مدينة الميادين الذي تقابله بلدة الحوايج، ومعبر مدينة العشارة الذي تقابله بلدة درنج، وأخرى متوزعة على كامل المحافظة بشرقها وغربها.

بالانتظار

في حديثه لصحيفتنا “الحرّية” يُشير مدير الطرق المركزيّة المهندس عبد الكريم الخضر إلى أنه لم يطرأ بعد جديد على صعيد العمل الفعلي لانطلاق التأهيل لتلك الجسور التي تُشكل ضرورة حياتيّة لجميع سكان محافظة دير الزور، مبيناً أن ذلك على سلم أولويات القيادة المحليّة في المحافظة .
الخضر أكد وجود كافة الدراسات الفنيّة بالنسبة لأعمال التأهيل، منها ماهو مُعد سابقاً من خبرات هندسيّة في جامعة دمشق، كحال جسر حطلة الرابط مابين الريف الشمالي ومركز المحافظة مدينة دير الزور، أو جسر الكنامات على فرع نهر الفرات الصغير، والذي يربط حي الحويقة بباقي أحياء المدينة، لافتاً إلى أن جسر مدينة الميادين يحتاج إعادة بناء من جديد نتيجة التأثيرات التي طالته بفعل القصف وانهيار أجزاء كبيرة منه، وسوء وضعه الفني، فيما يبدو وضع جسر البوكمال الذي يربطها ببلدة الباغوز أفضل -والحديث لمدير الطرق المركزية- حيث جرى باشرت مديرية الخدمات الفنية في أيار الماضي أعمال الترميم والتأهيل ضمن جهود حثيثة لتحسين البنية التحتية الحيوية وتسهيل تنقل السكان بين ضفتي نهر الفرات.
بعد وصول المعدات والصفائح الحديدية من كتيبة الجسور في الرستن، تمهيداً لإغلاق فتحة في الجسر ناتجة عن قصف سابق خلال فترة حكم النظام البائد ويُقدّر طولها بنحو 45 متراً، وشملت الأعمال تجهيز التوصيلات الحديدية اللازمة لإعادة ربط الجسر بشكل آمن، بما يضمن استعادة حركة العبور الطبيعية بين ضفتي الفرات، التي طالما اعتمد عليها المدنيون في تنقلهم اليومي، غير أن مواقف “قسد” عرقلت الأمر وحالت دون إتمامه.
الخضر يأمل بأن يجري تأمين التمويل اللازم لأعمال التأهيل في كافة الجسور، والأهم ضرورة إدراك “قسد” أهمية التعاون مع الحكومة السوريّة لدعم هكذا أعمال تنعكس بالإيجاب على عموم المنطقة، والتي لا يمكن إلا أن تكون منطقة واحدة .
يذكر أن محافظة دير الزور تضم 26 جسراً، منها 14 مُقامة على نهر الفرات، وأبرزها: حطلة، جسر كنامات، جسر الجورة، جسر الحويجة، جسر البوكمال، جسر البوكمال، جسر العشارة، جسر (الاعيور) وأخرى للمشاة مع الجسر المعلق التاريخي، إضافة لـ12 جسراً على الأودية السيليّة.

Leave a Comment
آخر الأخبار