جوي هارجو من المسكوجي إلى قصيدة الأمة الأمريكية.. صرخة تحرر ولغة حية

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية- حنان علي:

جوي هارجو، ليست مجرد شاعرة، بل صرخة مدوية صدحت من قلب أمريكا الأصيلة، صوت ينبض بإرث خمسمئة وسبعين قبيلة مهمشة، منتشلاً لغات وثقافات من دهاليز النسيان. لم تكتفِ هارجو بكنوز الأدب الموروثة، بل انطلقت لتؤسس لخريطة شعرية مبتكرة، تضم بين طياتها أصوات شعراء شباب معاصرين، يحملون وعياً عميقاً بأن الشعر ليس مجرد كلمات، بل هو “لغة حية، لسرد تحولاتنا، بأنه الحب والمراثي والمسرات، أسلحتنا في وجه العواصف، وأدواتنا لكشف المعجزات .

الشاعرة المحاربة

في مؤلفها “الشاعرة المحاربة”، ترحل بنا هارجو إلى جذورها الممتدة إلى قبيلة المسكوجي، حيث تنسج حكايات الأجداد والعائلة في نسيج متداخل من النثر والشعر والأغاني والصور. رحلة ليست خطيّة، بل أشبه بدوامة زمنية، تعكس إيقاع الحياة في المجتمعات الأصلية، حيث “الوقت يتحرك ببطء”. تستكشف هارجو المعاني المتوارية في تفاصيل الحياة اليومية، تلك اللحظات التي تحمل في طياتها بشائر التحولات المرتقبة، القوة الروحية الكامنة جنباً إلى جنب مع الخطر، القوة التي تمنح الحياة أو تسلبها.

نحن هنا.. نحن شعراء وموسيقيو جاز ومعلمون.. نحن بشر.

تتأمل الشاعرة حكمة أمّ شبه أمية وأبٍ سكير، موائمةً بين حكاية عائلتها وقصة شعبها، قصة سرقة الأرض وإعادة التوطين، رحلة التحول من “الفتاة المحاربة” إلى “الشاعرة المحاربة”. لم تنكر هارجو تأثرها بإميلي ديكنسون، تلك الشاعرة التي عبرت الحدود الزمنية والجغرافية والثقافية لتهمس في أذنها بأن الشعر هو الطريق. كما أنها تعترف بأن هذا الصوت الداخلي كان الشرارة التي أشعلت جذوة الشعر في قلبها. نغمتها الصادقة تضفي على الكتاب طابعاً حميمياً، يذكرنا بحكايات الروحانية والتجديد التي تنبعث من رحم الظلمة والطرد والتفكك الأسري.

هل تعرف كيف تشق طريقًا سلمياً

من خلال ذاكرة الإنسان؟

ماذا عن أشباح التاريخ الغاضبة؟”

الشاعرة المحاربة وولادة خريطة شعريّة جديدة لأمريكا من قلب الأرض المسروقة

شعوب حية.. كلمات حية

ترى هارجو في الشعر وسيلة للتعبير عن المشاعر العميقة ومواجهة تحديات اُستهلت بتجاهل ثقافة الأميركيين الأصليين. كما تؤمن بأن الشعر هو “حامل للأحلام والمعرفة والحكمة”، وأداة للتواصل عندما تعجز الكلمات، مستمدة الإلهام من ثقافتها وتراثها. من خلال مشروعها “شعوب حية، كلمات حية”، تسعى إلى تسليط الضوء على مساهمات الأميركيين الأصليين في الثقافة الأميركية، مؤكدة أنهم ما زالوا حاضرين ومؤثرين في مختلف المجالات.

فالقصيدة “نهاية رحلة” تبدأ بإحساس أو ذكرى تتشكل عبر الزمن، وتتوج في النهاية بكلمات تخرج من القلب.

“ابدأ ببذرة: إحساس أو مكان. من هذه النقطة انطلق. لم تعد القصيدة محطة أخيرة، بل خاتمة رحلة، رحلة قد تبدأ قبل سنين. ضبابية ذكرى: شمس على خد، رائحة عالقة، ألم خفي. هذه الذكرى تتوج بعد أعوام بقصيدة، تصفو عبر بحيرة القلب، لتنبع الكلمات رقراقة.

الشعر حامل للأحلام والمعرفة والحكمة.. رمز للنهوض والهوية الأصلية

جوي هارجو، الشاعرة والمؤلفة الموسيقية، ابنة أوكلاهوما التي ولدت عام 1951، تنتمي بجذورها إلى السكان الأصليين، وهي أول امرأة من هذه الخلفية العريقة تحظى بلقب شاعرة الأمة الأمريكية، وهي ثاني شاعرة تُمنح هذا اللقب لثلاث دورات.  بالإضافة إلى دواوينها الشعرية العديدة، ألّفت العديد من الكتب لجمهور الشباب، وأصدرت سبعة ألبومات موسيقية حائزة على جوائز. إنها رمز من رموز الموجة الثانية لنهضة سكان أمريكا الأصليين.

من مجموعاتها الشعرية (الأغنية الأخيرة) 1975. (أي قمر ساقني إلى هذا؟) 1979. (المرأة المعلقة من الطابق الثالث عشر) 1983. (في الحب المجنون والحرب) 1990. (المرأة التي سقطت من السماء) 1994. (كيف أصبحنا بشرًا؟) 2001. (شروق الشمس الأمريكي) 2019.

Leave a Comment
آخر الأخبار