الحرية – رشا عيسى:
ينتظر السوريون قطاف الثمار الأولية للخطوة الأمريكية المتمثلة بإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رفع العقوبات عن سوريا، حيث النجاح مرهونٌ في التغيير البنيوي والإداري محلياً، ووضع إستراتيجية محكمة لإدارة الفرص، في وقت يؤمل فيه أن يسلك الأوروبيون والبريطانيون الطريق الأمريكي ذاته، وينتقلون من تخفيف العقوبات ببعض الجوانب إلى رفعها بالكامل.
و وصف الخبير الاقتصادي الدكتور محمود أحمد العرق في حديث لـ” الحرية” رفع العقوبات المفروضة على سوريا بالخطوة المحورية التي تحمل في طياتها فرصاً إستراتيجية واعدة، لكنها تتطلب رؤية ذكية وخطة متكاملة لتحويلها إلى نمو اقتصادي مستدام يعزز الاستقرار الاجتماعي والسياسي في البلاد.
وبرغم أنّ السوريين يمتلكون من العزيمة والمرونة ما يؤهلهم لتحقيق نهضة حقيقية، لكنّ النجاح سيكون مرهوناً بالقدرة على التغيير البنيوي والإداري، وليس فقط برفع العقوبات.
مكاسب متنوعة
وبيّن العرق أنّ هناك عدة مكاسب محتملة لرفع العقوبات صاغها في ستة بنود وهي:
أولاً: انفتاح سياسي ودبلوماسي من خلال استئناف العلاقات مع عدد كبير من دول العالم واستعادة الدور الإقليمي والدولي لسوريا.
ثانياً: العودة إلى النظام المالي العالمي (SWIFT): ما سيسهّل التعاملات البنكية والتجارية.
ثالثاً: تحرير الأموال السورية المجمدة والتي يمكن توجيهها لإعادة الإعمار ودعم الاقتصاد الوطني.
رابعاً: استئناف التحويلات المالية الخارجية ما يسهم في دعم دخل الأسر وتحريك السوق المحلية.
خامساً: جذب الاستثمارات الأجنبية ولاسيما في القطاعات الحيوية مثل الطاقة، النقل، والصناعة.
سادساً: تسريع عودة اللاجئين ورؤوس الأموال المهاجرة من خلال تحسين البيئة الاقتصادية والأمنية.
بالمقابل، أوضح العرق أنّ كل العوامل السابقة، إذا تم استثمارها بالشكل الصحيح ستسهم في تحسين الظروف المعيشية، وتعزيز الاستقرار الاجتماعي، ما يشكل أساساً ضرورياً لأي نهوض اقتصادي حقيقي.
القطاعات الأكثر استفادة
وعن القطاعات الأكثر استفادة من رفع العقوبات الأمريكية، وجد العرق أنّ قطاع الطاقة في المقدمة، حيث من المتوقع أن يشهد تحسناً كبيراً من حيث الإنتاج، الاستيراد، والاستثمار، ما سينعكس إيجاباً على بقية القطاعات، كما أنّ للقطاع الصحي حصةً وفيرة أيضاً، حيث سيستفيد من رفع القيود على استيراد الأدوية والمعدات الطبية، ما سيسهم في تطوير الخدمات الصحية ورفع جودتها.
ماذا عن أوروبا؟
ورأى العرق أنّ هناك خطوات نحو الانفراج في ملف
العقوبات الأوروبية والبريطانية، مبيناً أننا شهدنا خلال الفترة الماضية تعليق عدد من العقوبات من قبل الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، خاصة في قطاعات الطاقة، النقل، والإنشاءات، كما ألغت بريطانيا العقوبات المفروضة على البنك المركزي وبعض شركات النفط، ما يُعد مؤشراً على توجه دولي نحو إعادة دمج سوريا تدريجياً في المنظومة الاقتصادية العالمية.
مع الخطوة الأمريكية، يمكن توقع تحرك أوسع نحو رفع شامل للعقوبات الأوروبية، ما سيعزز الزخم الاقتصادي والمالي.
إستراتيجية وطنية للنهضة
وأكد العرق أنّ ما تحتاجه سوريا في هذه المرحلة المفصلية هو إستراتيجية محكمة لإدارة الفرص، ترتكز على بناء بيئة قانونية واستثمارية جاذبة وشفافة، ومكافحة الفساد، وتسهيل الإجراءات أمام المستثمرين، والتركيز على التعليم والتكنولوجيا كركائز للنمو، وتطوير البنية التحتية والخدمات الأساسية.