حكومة السوريين تبصر النور.. برنامج عمل متكامل والرئيس الشرع يؤكد: هذه إرادتنا المشتركة في التغيير والبناء

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية – مها سلطان:

إذا أخذنا بمعادلة «المقدمات الجيدة تقود إلى نهايات جيدة» فإننا نستطيع رفع سقف التفاؤل بحكومتنا الجديدة بما يكفي – في هذه المرحلة – للاطمئنان إلى أن سوريا ستكون بخير.
بالعناوين والتفاصيل، بدءاً من كلمة الرئيس أحمد الشرع التي عرض فيها برنامج عملٍ حكومي متكامل، إلى كلمات الوزراء التي توالت، بدا واضحاً أن الهدف الأساسي هو أن تكون حكومة عاملة وفق خطط محددة، قد تكون في أغلبها موضوعة مسبقاً وفق دراسات ورؤى أفرزتها الأشهر الأربعة الماضية، عبر الاحتكاك المباشر والعمل على الأرض، وبما قاد إلى تشكيل رؤية متكاملة، ومن ثم السعي لاختيار الشخصيات الأكثر مناسبة للتوزير، وفق قائمة كفاءات ومهارات وتجارب، على قاعدة المهمات الصعبة والممتدة التي تضطلع بها هذه الحكومة، والتي تحتاج إلى الكثير جداً من العمل والمثابرة.
ومن مجمل البرامج التي أعلنها الوزراء، كل في وزارته، ومن وزارات استحدثت وأخرى دُمجت، فإن هذه الحكومة تمثل تغييراً جذرياً لكل ما اعتاد عليه السوريون من حكومات أيام النظام البائد.
كان واضحاً من طريقة الإعلان عن الحكومة ومن عرض برامج الوزارات أن الهدف هو تطمين السوريين وتعزيز التفاؤل بينهم، فيما يخص خطط العمل والجدية في تنفيذها، وفيما يخص مسارات التنفيذ والتطبيق.

الحكومة السورية الجديدة.. استحسان واطمئنان وترقب للأفعال بعد الأقوال.. ماذا في العناوين والتفاصيل؟

في السيرة الذاتية للوزراء كان هناك حرص على عدم ذكر الانتماءات المناطقية، وفي هذا دلالة ورسالة على أن الهدف هو تشكيل حكومة كفاءات وليس حكومة محاصصة، وأن المعيار ليس أن تكون حكومة شاملة بل أن تكون حكومة عاملة لتحقيق مصالح جميع السوريين. ولا يخفى هنا أن مصطلح «شاملة» كان محل ترقب وتركيز من الداخل والخارج، بل كان مطلباً، وبعبارة أدق كان شرطاً من قبل الخارج على القيادة السورية على اعتبار أن ذلك يحفظ حقوق جميع السوريين، ولكن عندما يتم استخدام مصطلح «شاملة» لتكريس حالة انقسامية تحريضية، وتمرير مخططات خبيثة فإن القيادة الجديدة على كامل الجاهزية للتعامل مع هذا الاستخدام الملغوم، كانت الرسالة واضحة وقد وصلت إلى «من يعنيه الأمر» في الداخل والخارج.
لا شك أن «من يعنيه الأمر» سينطلق في إثر الانتماءات المناطقية للوزراء، تفصيلاً وتفسيراً، ولكن عندما اختارت القيادة السورية هذه الحكومة شكلاً ومضموناً، وزراء وبرامج، فإنها تعي تماماً ما تفعله، وما ستتلقاه من ردود أفعال. لقد اختارت أن تمضي قدماً فيما تراه صائباً تبعاً لما تحتاجه سوريا فعلياً وليس ما يريد الآخرون فرضه تحت ذرائع الخوف على حقوق السوريين ومستقبلهم.
الرئيس الشرع كان واضحاً تماماً في هذه النقطة، خلال كلمته التي قدم فيها للحكومة.. «هذه الحكومة هي إعلان لإرادتنا المشتركة في بناء دولة جديدة». ولمن لم يفهم المعنى والمغزى أعاد الرئيس الشرع التأكيد على أن هذه الحكومة ستكون حكومة التغيير والبناء وستركز على حماية المواطنين وتعزيز الاستقرار، قائلاً: بدأنا مسيرتنا في مرحلة صعبة لكن لدينا الإرادة لتجاوز كل العقبات.
لنوضح أكثر من خلال عرض أبرز النقاط التي جاءت في كلمة الرئيس الشرع والتي شكلت بمجملها برنامج عمل متكامل للحكومة، خصوصاً أنه يترأس فعلياً هذه الحكومة وفقاً لما جاء في «الإعلان الدستوري»:
– نشهد ميلاد مرحلة جديدة في مسيرتنا الوطنية.
– نواجه تحديات كبيرة تتطلب منا التلاحم والوحدة.
-هذه الحكومة ستسعى لإعادة بناء مؤسسات الدولة على أساس المساءلة والشفافية.
– لن نسمح للفساد بالتسلل إلى مؤسساتنا.
– خطتنا للمستقبل ستعتمد على محاور من بينها الحفاظ على الموارد البشرية وتنميتها.
– سنسعى لاستقطاب الموارد البشرية السورية من بلاد المهجر لتسريع التنمية.
– سنسعى لإنشاء بيئة مشجعة للاستثمار في كل القطاعات.
– سنسعى لتأهيل الصناعة وسنعمل على حماية المنتج الوطني.
– هذه الحكومة ستسعى إلى فتح آفاق جديدة في التعليم والصحة.
– سنسعى لإصلاح حالة النقد وتقوية العملة السورية ومنع التلاعب بها.

لا شك أن حكومتنا ستكون محل تركيز شديد لأيام عديدة مقبلة، وفي بعضه سيشكل عامل ضغط على القيادة السورية، لكن هذا لن يقلل من تفاؤل السوريين ونظرتهم إلى هذه الحكومة باعتبارها إنجازاً (في زمن قياسي) وتحولاً سياسياً مفصلياً، وبالإمكان القول إن عامل الضغط (آنف الذكر) بدأ منذ أيام، مع بدء التسريبات المتعلقة بالحقائب الحكومية والمكلفين بها، ويمكن أن نضع التحذير الذي أطلقته السفارة الأميركية اليوم لرعاياها بمغادرة سوريا أو عدم التوجه إليها خوفاً مما سمته هجمات إرهابية (ثم لحقتها بريطانيا) في إطار الضغط والتشويش على مجريات إعلان الحكومة عبر تخويف السوريين (وليس الرعايا الأميركيين) وتشتيت تركيزهم، وخلق حالة شك وريبة استباقية تحاصر هذه الحكومة وتمهد لإفقادها حالة الثقة الشعبية، فيما يُفترض أن يستدعي إنجاز الحكومة حالة إيجابية على المستوى الدولي باتجاه توسيع الدعم والمساندة للقيادة السورية.
مع ذلك لننتظر ردود الفعل والمواقف وما يستجد تباعاً.. وبعدها لكل حادث حديث.

Leave a Comment
آخر الأخبار