(حلواني) في حلب.. يحول مركبته إلى فرن لصناعة الحلويات

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية ـ مصطفى الرستم:

من مركبة قديمة، ومركونة على قارعة الطريق تفوح رائحة زكية لا تتوقف عن اختراق أنوف المارة، وكأنها تدعوهم إلى تذوق أطيب المأكولات وأشهاها، ولن يطول الوقت لمن يتحسس مصدر تلك الروائح من اكتشاف مفاجأة بأنها منبعثة من جوف مركبة وليس من داخل مطعم أو محل لصناعة المأكولات كما كان يتصور.
في العمق يلوح رجل خمسيني يجتهد بتفقد (الصواني) المليئة بالكنافة داخل فرن كبير يتربع داخل صندوق السيارة، يحكي لصحيفة الحرية كيف أعاد إحياء خبرته بصناعة الحلويات التي أتقنها منذ أكثر من عقدين، وإلى اضطراره إلى تحويل سيارته القديمة لفرن متنقل بين أحياء مدينة حلب، حيث يشتهر أهلها بصناعة الحلويات المميزة.
ويروي مصطفى ملخ صانع الحلويات عن عزمه تطبيق فكرة مشروعه الناشئ، وكيف عكف على إنجاز العمل بتوفير الفرن، وتأمين السلامة المناسبة لصندوق السيارة الذي يتمتع بسماكة حديدية كافية، وغيرها من مستلزمات العمل وتوفيرها.
يقول: “تبادرت لذهني هذه الفكرة، فالمركبة التي باتت قديمة عملت بها وقتاً من الزمن كنت أستخدمها لتسويق الكثير من المنتجات باتت اليوم شبه قديمة، ومساحة الصندوق بها مناسبة لوضع فرن الحلويات، لكن مع اقتراب العيد دفعني الإصرار على تنفيذ الفكرة لأنني أمتلك خبرة ممتازة بصناعة الحلويات، ولهذا جعلت من سيارتي فرناً ومكاناً متنقلاً للتسويق”.
الحلواني ملخ تميز في بداية مشروعه الذي أطلقه مع الأيام الأخيرة من شهر رمضان الماضي بصناعة كعك العيد وغيره من المنتجات كبداية، ولينطلق إلى صناعة مختلف أصناف الحلويات، ومعها نالت إقبالاً واسعاً من قبل أهالي المدينة، وبدورهم أخذوا يتواصلون معه لتلبية طلباتهم من الحلويات التي تعدت (حلويات العيد) إلى صناعة الكنافة والبرازق والهريسة وغيرها.
وفي مستهل حديثه يرى الحلواني” أبو عبدو” أن العمل يحتاج إلى تدبّر وابتكار، واجتهاد والسعي لتذليل العقبات، وهذا سر نجاح أي عمل، وأضاف: “أشكر الله على هذه النعمة، وأنا حريص على إنتاج أشهى الحلويات، وأحاول التنقل في أرجاء مدينة حلب كلها، رغم طلب الكثير من الناس البقاء في الأحياء التي يقطنون بها”.
بالمقابل نال الحلواني استحسان من يشاهد تجربته، ويبادر بتشجيعه بعد تجربة اللقمة الطيبة، والمذاق اللذيذ، ويعاود الشراء عن قناعة.
يتحدث محمد فرحو أحد زبائن سيارة الحلوى عن كمية المحبة التي تخرج من هذه المركبة، ويضيف: “ناهيك بالمذاق الطيب الذي تحمله هذه السيارة، أتلمس كمية محبة تخرج منها، فهذا الرجل بابتسامته اللطيفة، وبكرمه الملحوظ حينما يغدق الفستق الحلبي على الحلويات الساخنة ويقدمها لنا، يدفعنا للتعلق به وملاحقة سيارته من مكان إلى آخر”.
ولفتت عُلا العجيلي المتخصصة والخبيرة في مجال الاستثمار بالمشاريع الصغيرة والناشئة في حديثها لـصحيفة الحرية إلى أهمية تشجيع هذا النوع من المشاريع عبر الأوساط الاجتماعية والإعلامية.
وأضافت: ” في هذا النوع من الاستثمارات تتجه موازنة المشروع الصغير بالكامل إلى الإنتاج ومستلزماته، بحيث يدفع صاحبه إلى وضع جلّ أمواله بالمواد اللازمة، بينما هامش التسويق للمنتج بات ضئيلاً، أو معدوماً”.
وتابعت: “وهنا يأتي دور الإعلام بالتسليط على هكذا مشاريع صغيرة وناشئة عبر المنصات الأكثر رواجاً، والتطرق لفكرة المشروع والإضاءة عليه أولاً ومن ثم تشجيع الشباب، وإرسال رسالة للباقي في حال  لديهم فكرة جديدة وجديرة بالتنفيذ للانطلاق بها”.
ومع هذا يحاول الحلواني أبو عبدو صاحب (فرن الحلويات) عبر سيارته وبفكرته الجديدة، التي أوجدها من العدم  الإصرار على إنعاش مشروعه بالعمل والاجتهاد بتقديم منتج منافس وبأقل الأسعار، والتنقل عبر مركبته الزرقاء بصندوق أبيض اللون، ناثراً رائحة الحلويات صباح كل يوم في أرجاء المدينة.

Leave a Comment
آخر الأخبار