يحول القطاع من مجرد خدمة مالية إلى ركيزة فاعلة في دعم الاقتصاد.. حل مجالس شركات التأمين قرار استثنائي في زمن التحديات

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية – سامي عيسى :
يرى الخبير الاقتصادي الدكتور عمار يوسف أن قرار وزير المالية محمد يسر برنية، المتعلق بحل مجالس اتحاد شركات التأمين، واتحاد وكلاء ووسطاء التأمين خطوة استباقية، تُعد من أبرز الإجراءات الإصلاحية التي يشهدها القطاع المالي السوري، حيث يأتي هذا القرار في إطار وضع إستراتيجية وطنية طموحة وشاملة، تهدف إلى تطوير القطاع والارتقاء بدوره في خدمة الاقتصاد والتنمية خلال السنوات القادمة، كما يُعدّ القرار جزءاً من سلسلة خطوات هادفة لإصلاح وتطوير منظومة التأمين السورية برمتها.

لهذه الأسباب

وهنا يؤكد ” يوسف” أن هذه الخطوة الجريئة تأتي مدفوعة بعدة عوامل وأسباب داخلية وخارجية تهدف إلى إحداث نقلات نوعية في القطاع منها :

  • مواكبة المتغيرات الدولية: مع الإشارات لرفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا، يسعى القرار إلى تهيئة القطاع لمرحلة جديدة يمكن أن تشهد زيادة في حجم السوق وجذب الاستثمارات الأجنبية.
  • معالجة الإشكاليات الهيكلية: يهدف القرار إلى معالجة الثغرات التشغيلية وسنوات الإهمال التي أثرت على كفاءة القطاع، من خلال إرساء معايير الحوكمة الرشيدة ومحاربة الفساد.

نحو قفزة نوعية

وبالعودة الى قرارات حلّ الاتحادات والأهداف التي يسعى لتحقيقها وزير المالية يؤكد ” يوسف” أن السياسة الجديدة لقطاع التأمين وفق الإستراتيجية التي رسمها وزير المالية تتضمن مجموعة من الأهداف يمكن من خلالها تحقيق تحول جذري في هذا القطاع في مقدمتها:

  • تحقيق قفزة في حجم السوق: السعي لزيادة كبيرة في حجم سوق التأمين السوري من خلال تطوير خدماته ومنتجاته وجذب شرائح جديدة من العملاء.
  • تعزيز الحوكمة ومحاربة الفساد: إرساء معايير عالمية وأفضل الممارسات السليمة لتعزيز الشفافية والكفاءة في عمل القطاع.
  • الاستعداد لمرحلة إعادة الإعمار: تطوير منتجات تأمينية مبتكرة تلبي احتياجات مرحلة إعادة الإعمار، مثل تأمين المشاريع الهندسية وتأمين المسؤوليات.
  • تعزيز دور القطاع في الاقتصاد الوطني: تحويل قطاع التأمين من مجرد خدمة مالية إلى ركيزة فاعلة في دعم الاقتصاد والتنمية المستدامة.

رؤية شاملة

وأضاف يوسف: العمل يتم بتنسيق عملية إعادة هيكلة قطاع التأمين بشكل عام مع خطة موازية لإصلاح نظام التأمين الصحي، ما يعكس نظرة شاملة للمنظومة.

ركائز إصلاحية للتأمين

وحتى نستطيع تنفيذ هذه الرؤية الاصلاحية لقطاع التأمين، يقول يوسف: لابدّ من توافر مجموعة من الركائز منها على سبيل المثال التحول الرقمي من خلال ربط الأنظمة إلكترونياً وتحسين إدارة البيانات، إلى جانب محاربة الفساد ووضع ضوابط مشددة للحد من الهدر وسوء الاستخدام، والأهم ترشيد الدعم من خلال تخصيص الخدمات المجانية لمحدودي الدخل مع مشاركة القادرين في التكلفة.

فرصة تاريخية للتحول

ويرى الخبير ” يوسف” أن رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا يشكل نقطة تحول مهمة لقطاع التأمين، حيث يمكن أن تتحقق مجموعة من الفوائد يمكن حصرها بعدة نقاط أساسية منها:

  • عودة الشركات العالمية: استئناف العمل مع كبرى شركات إعادة التأمين العالمية مثل Munich Re وSwiss Re، ما يقلل المخاطر المتراكمة ويزيد القدرة على الاكتتاب في المشاريع الكبيرة.
  • جذب الاستثمارات الأجنبية: تشجيع مساهمة شركات التأمين الأجنبية في السوق السورية، ما يعزز المنافسة وينوع المنتجات.
  • نقل المعرفة والتقنية: الاستفادة من خبرات وتقنيات الشركات العالمية في إدارة المخاطر وتقييم المطالبات، وفتح المجال لتدريب الكوادر السورية.
  • تحسين البيئة التشغيلية: تسهيل المعاملات المالية الدولية، بما في ذلك الدفع الإلكتروني وتحويل الأقساط والتعويضات بسلاسة أكبر.

تحديات ومخاطر محتملة

رغم الطموحات الكبيرة التي تحيط بقرار إعادة الهيكلة، فإن الطريق نحو تحقيقها لن يكون خالياً من العوائق وفق رأي “يوسف” فهناك عوائق وصعوبات محتملة نذكر منها على سبيل المثال:

  • التحدي الزمني: ضيق المهلة (60 يوماً) لإجراء الانتخابات وإعداد الأنظمة الأساسية الجديدة قد يضغط على العملية برمتها.
  • مخاطر الانتقال: قد تمر الفترة الانتقالية ببعض عدم الاستقرار الإداري أو التشغيلي المؤقت.
  • السياق الاقتصادي العام: تؤثر الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد على قدرة القطاع على التوسع وجذب الاستثمارات بالسرعة المأمولة.
  • التوازن بين الإصلاح والاستقرار: ضرورة الحفاظ على استمرارية الخدمات التأمينية للعملاء خلال فترة التغيير الشامل.

الغاية مستقبل أكثر استقراراً

وهنا خلص الخبير ” يوسف” إلى أن قرار حل اتحادات التأمين في سوريا يشكل نقطة تحول إستراتيجية في مسار إصلاح القطاع المالي، إذا نُفذت هذه الخطة بحكمة وشفافية، وبالتوازي مع تحسين البيئة الاقتصادية الكلية، فيمكن لقطاع التأمين السوري أن يتحول من قطاع متضرر من الأزمات إلى قطاع داعم للتنمية، يسهم في إدارة المخاطر وحماية الاستثمارات، وتعزيز الثقة في الاقتصاد الوطني، وبالتالي النجاح في هذه المعادلة الصعبة مرهون بقدرة جميع الأطراف على التشارك في بناء منظومة جديدة ترتقي بمعايير الأداء وتستعد لتحديات وإفرازات مرحلة إعادة الإعمار والانفتاح الاقتصادي المتوقعة.

Leave a Comment
آخر الأخبار