الحرية – رنا بغدان:
تسابق المعماريون القدماء في زخرفة الحمامات الدمشقية وإكسائها بحلّة جميلة حتى أصبحت أحد المعالم التاريخية المهمة التي اشتهرت وتميزت بها دمشق, وفي يومنا هذا لم يعد حمام السوق سوى من ذكريات الأجداد وأغلب مرتاديه هم من الذين يحبون بين فترة وأخرى العيش في أجواء الماضي إضافة إلى بعض السياح.
وهذه الحمامات بما تحويه من فلكلور وتراث وطرق تقليدية في الاستحمام تجعل السائح المستحم فيها ينطلق من قسم إلى قسم بالتسلسل حسب درجات الحرارة ابتداء من البراني البارد نسبياً إلى الوسطاني المتوسط الحرارة إلى الجواني المرتفع الحرارة، ليعود ويخرج بعدها بعكس حركة دخوله للمحافظة على حرارة جسمه وليستقبله كأس الشاي أو فنجان القهوة في باحة الحمام. وقد حرص بعض أصحاب هذه الحمامات على إدخال “الساونا” و”المساج” إليها خدمة للسياح ممن تستهويهم طقوس عمال الحمام في الداخل من حيث التكييس والتلييف.. والتي يقوم بها عمال من ذوي الخبرة, كما يُقبل السياح عليها لعراقة أبنية هذه الحمامات وتصميمها المعماري القديم وزخارفها الجميلة وألوانها المميزة خاصة في القسم الخارجي والباحة.
وتتميز جميع حمامات دمشق بوجود بحيرات تزيينية في وسطها ومصطبات عالية لجلوس الزبائن عليها، كما يعلوها سقف مرتفع مع قبب يدخل الضوء منها من خلال فتحات كثيرة عليها زجاج خاص من تصنيع قزّازي دمشق ويطلق عليها “القمرات”، وهذه كلها مفردات جميلة تشدّ السائح وتجذبه ليستحم في حمام سوق دمشق، وليشعر وكأنه يستحم في حضن التاريخ والتراث.
ومن أشهر وأجمل وأقدم هذه الحمامات هناك “حمام نور الدين الشهيد” في سوق البزورية, و”حمام الملك الظاهر” جانب المكتبة الظاهرية و”حمام الورد” في وسط سوق ساروجة، و”حمام الشيخ حسن” في منطقة السويقة, وهناك “حمام عز الدين” في منطقة باب سريجة و”حمام القرماني” قرب ساحة المرجة الشهيرة وجسر الثورة، وفي حي العمارة “حمام أمونة”, ومن حمامات منطقة باب توما الشهيرة هناك “حمام البكري”, وحمام “الشيخ رسلان” في حارة الجورة..