شهدت العاصمة السورية اليوم مؤتمراً صحفياً مشتركاً جمع وزير الخارجية والمغتربين السوري أسعد حسن الشيباني، ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، والمبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توماس باراك، وقد أكد المشاركون التزامهم الكامل بدعم خارطة الطريق التي وضعتها الحكومة السورية بهدف تضميد جراح محافظة السويداء، وإعادة البناء، وتعزيز الأمن والاستقرار الوطني، مع رفض قاطع لأي تدخلات خارجية تهدد وحدة الأراضي السورية وأمن المنطقة.
الشيباني: السويداء جرح وطني.. والمصالحة طريق الخلاص
وعبر الوزير الشيباني عن أن ما شهدته السويداء من أحداث مؤلمة ترك أثراً عميقاً في كل بيت سوري، مؤكداً أن الدم السوري واحد، وأن ألم السويداء هو ألم حلب ودمشق ودير الزور وحمص وكل المدن والقرى السورية.
وأوضح أن التجارب علمت السوريين أن لا سبيل لتجاوز هذه الجراح إلا بالجلوس معاً، ومداواتها بأيديهم، وإعادة بناء ما تهدم، وفتح صفحة جديدة قوامها الوحدة والمصالحة والمصير المشترك.
خارطة طريق وطنية بدعم أردني وأمريكي
وأشار الشيباني إلى أن الحكومة السورية وضعت خارطة طريق واضحة تكفل الحقوق، وتدعم العدالة، وتقوم على بناء الثقة وتعزيز الصلح المجتمعي، وتفتح الطريق أمام تضميد الجراح التي آن لها أن تنتهي، وتشمل هذه الخارطة محاسبة المعتدين على المدنيين وممتلكاتهم بالتنسيق مع المنظومة الأممية، وضمان استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والطبية، وتعويض المتضررين، وترميم القرى والبلدات، وتسهيل عودة النازحين، وإعادة الخدمات الأساسية، وتهيئة الظروف لعودة الحياة الطبيعية، ونشر قوات محلية لحماية الطرق وتأمين حركة الناس والتجارة، والعمل على كشف مصير المفقودين، وإعادة المحتجزين والمخطوفين إلى عائلاتهم من جميع الأطراف، بالإضافة إلى إطلاق مسار للمصالحة الداخلية يشارك فيه أبناء المحافظة بكل مكوناتهم.
وبيّن الوزير أن سوريا وجدت لدى الأشقاء في الأردن والأصدقاء في الولايات المتحدة استعداداً جدياً لتقديم الدعم اللازم لهذه الخطوات، سواء عبر المساعدات الإنسانية أو من خلال حشد الدعم والتمويل الدولي، معتبراً أن هذا الدعم يكمل الجهود الوطنية ويُسرّع الخطى نحو استعادة الأمن والاستقرار في الجنوب السوري.
الدولة السورية تفتح أبواب العودة والثقة
وفي رده على أسئلة الصحفيين، شدد الشيباني على أن الدولة السورية هي المظلة الأوسع لأبنائها، ومن واجبها أن تسهل عودة النازحين وتعيد الثقة بين أبناء المجتمع حتى يستطيعوا العودة والتعايش كما كانوا سابقاً، مشيراً إلى أن الخدمات ستعود قريباً إلى محافظة السويداء، وأن الحكومة لديها العزيمة لإعادة الحياة الطبيعية وإبعاد أي توترات جانبية أو طائفية تعكر صفو المحافظة.
الصفدي: أمن سوريا من أمن الأردن والمنطقة
من جانبه، أكد الوزير الأردني أيمن الصفدي أن بلاده تقف بالمطلق مع سوريا الشقيقة في جهود إعادة البناء التي تضمن أمن سوريا ووحدتها واستقرارها وسلامة كل مواطنيها وسيادتها، مشيراً إلى أن هذا الموقغ الثابت يترجمه التعاون العملي والمستمر بشكل واضح. وشدد على أن وحدة سوريا واستقرارها وأمنها تشكل ركيزة أساسية لأمن المنطقة واستقرارها، وأن جميع دول المنطقة تقف إلى جانب سوريا في هذا الجهد الوطني، مبينًا أن أمن الجنوب السوري واستقراره هو امتداد لأمن واستقرار الأردن.
رفض التدخلات الخارجية والمشاريع الانفصالية
كما أعرب الصفدي عن التزام بلاده بدعم عملية المصالحة التي تحدث عنها الوزير السوري، على أسس تحفظ أمن سوريا ووحدتها وسيادتها، إضافة إلى أمن جميع أبناء المنطقة في الجنوب السوري، مشيراً إلى ضرورة تجاوز الأحداث المأساوية التي شهدتها محافظة السويداء ضمن سقف الوطن وعلى قاعدة أن سوريا دولة واحدة، مؤكداً أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة السورية من تحقيق دولي ومحاسبة مرتكبي الجرائم، وإعادة الخدمات الأساسية، وإدخال المساعدات الإنسانية، يجب أن تسهم في لملمة الجرح وإعادة البناء بالشكل الذي يضمن أمن سوريا ووحدتها.
وشدد الصفدي على رفض بلاده لأي تدخل في الشأن السوري، خصوصا في الجنوب، معتبراً ذلك تهديداً مباشراً للأمن الأردني، ومؤكداً رفض الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا وعبثها الفتنوي الذي يستهدف زعزعة أمن واستقرار البلاد.
تنسيق ثلاثي لحل الأزمة تحت سقف الوطن
وأشار الصفدي إلى وجود آلية مشتركة سورية أردنية أمريكية تهدف لضمان تطبيق كل ما أعلن عنه، والعمل على حل الأزمة تحت سقف وحدة سوريا ووحدة أراضيها، وإعادة الثقة بين أبنائها، ورفض التدخلات الأجنبية، مؤكداً أن سوريا الآمنة والمستقرة تضمن أمن واستقرار المنطقة بأسرها، معرباً عن ثقته بأن الحكومة السورية ستقوم بكل الخطوات التي تعيد بناء الثقة وتتجاوز ما جرى من أحداث كارثية، وتضع سوريا على طريق المستقبل
الآمن والمستقر، ومؤكداً وقوف الدول العربية والمجتمع الدولي مع سوريا الآمنة والمستقرة ذات السيادة، ورفض أي مخططات تقسيمية أو انفصالية.
باراك: سوريا تبني الأمل.. وواشنطن ترفع العقوبات
أما المبعوث الأمريكي توماس باراك، فقد أكد التزام الولايات المتحدة الأمريكية بدعم الحكومة السورية، معتبراً أن سوريا تتميز بتاريخ عريق وحكومة جديدة شابة تسعى لتحقيق الازدهار. وقال إن الخطوات التي تتخذها الحكومة السورية اليوم تاريخية، وأن بناء الثقة عملية تحدث تدريجياً وببطء لكنها تستمر لسنوات طويلة.
وأضاف أن الحكومة السورية بالتعاون مع الأردن تعمل على رعاية خارطة طريق تجمع الأجزاء المختلفة للوصول إلى صورة واضحة ومتكاملة، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة ساهمت في هذا المسعى لتحقيق الهدف المنشود.
وأوضح باراك أن الفترة الممتدة من كانون الأول 2024 حتى اليوم فترة قصيرة، لكنها شهدت بناء طرقات واسعة لأجيال قادمة، معتبراً أن هناك تحديات ومواقف سيتم التعامل معها خلال الطريق، ومؤكداً أهمية تصميم خارطة طريق واضحة توجه العمل المستقبلي. وأشار إلى أن سوريا اليوم تبني الأمل والثقة والتفاهم والتسامح، معرباً عن استعداد بلاده لتقديم المشورة والاستفادة من دروس الماضي وأخطائها لمساعدة الشعب السوري، ناقلاً تمنيات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لسوريا بالنجاح في مسيرتها.
واشنطن والرياض ترفعان العقوبات عن سوريا
ورداً على سؤال حول إمكانية تقديم الولايات المتحدة دعماً إنسانياً لسوريا ومساعدتها في إعادة الإعمار، قال باراك إن الرئيس ترامب وولي العهد السعودي محمد بن سلمان اتخذا في العاشر من أيار الماضي قراراً برفع العقوبات بشكل كامل عن سوريا، والتي كانت مفروضة لأكثر من 20 عاماً. وأضاف أن الولايات المتحدة تدرك موارد سوريا سواء داخل البلاد أو خارجها، وتسعى لدعمها لاستغلال مواردها في بناء بلدها بنفسها، مؤكداً أن توقيعه على الوثيقة نيابة عن الرئيس الأمريكي ووزير الخارجية يمثل التزامًا واضحًا لمساعدة سوريا.
وختم باراك بالقول إن الولايات المتحدة تعمل مع جيران سوريا والدول ذات النفوذ في المنطقة، وبعض الدول التي لا تملك نفوذاً عليها بطرق أخرى، لجمع هذه الخيوط وتقديم الدعم اللازم لسوريا كي تقف على قدميها.
الحرية _ متابعة أمين الدريوسي