خبير اقتصادي متفائل بحصة الاستثمار في اهتمامات الإدارة الجديدة للبلاد

مدة القراءة 6 دقيقة/دقائق

الحرية – نهى علي:

اعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور إيهاب اسمندر، أن نص الإعلان الدستوري الجديد صراحة على أهمية الاستثمار وتشجيعه في سوريا؛ أمر يستحق الاهتمام.
وأضاف في تصريح خاص لـ “الحرية”، أن النظرة الكاملة الموضوع تقتضي الوقوف عند بعض التفاصيل؛ وهي استحقاقات تترتب على منظومة كاملة معنية بهذا القطاع الحيوي الهام.. فالاستثمار هو السبيل لتعظيم الثروة الوطنية وزيادة النمو الاقتصادي؛ بما أن النمو الاقتصادي في فترة ما؛ هو نتيجة الاستثمارات التراكمية، حيث إن الاستثمار في الأنشطة  المادية والبشرية في الاقتصاد يحدد حجم التكوين الرأسمالي الذي يحكم سرعة وطبيعة النمو الاقتصادي.

ويستفيض د.اسمندر في عمق الأفق الاستثماري وما يتيح إكمال أو إتمام ما نص عليه الإعلان الدستوري، مشيراً إلى أن مفهوم الاستثمار عموماً، هو توظيف الأموال المدخرة في مجالات تؤدي إلى خلق إنتاج جديد أو توسيع الإنتاج الحالي وزيادة تكوين رأس المال.

وعليه.. يعتمد الاستثمار على جزء الدخل غير المستهلك (الادخار)، ليعاد استخدامه بطريقة مثمرة (الإنتاج)، لذلك يعتمد حجم الاستثمار بصورة رئيسية على حجم الادخار.
وتكمن أهمية الاستثمار في العديد من النقاط، كمواجهة الزيادة في الطلب الكلي، وتحسين دخل السكان وتلبية رغباتهم، وزيادة طاقة البلد الإنتاجية من خلال إنتاج السلع الرأسمالية وتطويرها بحيث تكون أكثر كفاءة إنتاجية بمرور الزمن، ثم المحافظة على حالة التوازن بين الطلب الكلي والعرض الكلي، وضمان استمرار القدرة الإنتاجية في الاقتصاد، إضافة إلى تعظيم الثروة وتحقيق المزيد من الأرباح وتحقيق الرفاهية الاجتماعية.
وإيجاد فرص العمل للوافدين الجدد إلى سوق العمل وبالتالي مكافحة آفة البطالة والمشاكل الاجتماعية المرتبطة بها.
ثم تطوير البعد الثقافي للبلاد من خلال الأنماط الجديدة التي يفرضها الاستثمار.

أصناف
وأشار الخبير اسمندر إلى أن للاستثمار أصناف عديدة، بحسب معيار التصنيف وتأتي إما حسب القطاع: (الاستثمار العام، الاستثمار الخاص).
أو حسب البعد الجغرافي: (الاستثمار المحلي، الاستثمار الأجنبي).
أو حسب مطرح الاستثمار: (الاستثمار في الموارد البشرية، الاستثمار المادي /التغير في المخزون/، الاستثمار النقدي /المقابل النقدي للاستثمار المادي/، الاستثمار في السندات).
أو حسب التأثير على الطاقة الإنتاجية: (الاستثمار الصافي: الإضافة على رصيد الطاقة الإنتاجية، الاستثمار الإحلالي مواجهة استهلاك رأس المال الحقيقي، لذلك الاستثمار الكلي هو مجموع الاستثمار الصافي والإحلالي).
أو  حسب العلاقة بالدخل القومي الاستثمار المستقل، الاستثمار المحفز.

متطلبات
كما يلفت إلى متطلبات الاستثمار والتي هي توفر فائض الدخل النقدي لدى الأشخاص الطبيعيين أو الإعتباريين (هذا الجانب محدود في ظل سياسات الحكومة الحالية)، وتوفر البيئة الاستثمارية المناسبة للاستثمار، ثم توفر درجة مواتية من الوعي الاستثماري لكي يتولد لدى المدخرين حس استثماري يجعلهم يقدرون المزايا المترتبة على توظيف مدخراتهم في شراء أصول منتجة وليس تجميدها، و توفر المناخ العام المناسب للاستثمار (وهذا أيضاً غير متوفر حالياً)، إضافة إلى وجود سوق مالي كفء وفعّال يوفر المكان والزمان المناسبين للجمع بين رغبة المدخرين في استثمار أموالهم، ورغبة المقترضين في الحصول على هذه الأموال.

مبادئ
الآن هناك ما يسمى مبادئ الاستثمار، وعندها يقف د.اسمندر مشيراً إلى أن الفوائض النقدية لدى الأفراد أو المنظمات تتسم بسمة الندرة، لذا تتنافس على توظيف هذه الفوائض على أساس مبادئ معينة، مثل معدل العائد المتوقع على الاستثمار، درجة المخاطرة، السيولة، تكلفة الفرصة البديلة.
ولا بد من الإشارة هنا إلى تفسير الاقتصادي (جون مينارد كينز) للسلوك الاستثماري، حيث اعتبر أنه يعتمد على الكفاية الحدية للاستثمار بالنسبة لسعر الفائدة التى تعكس تكلفة الفرصة البديلة للأموال المستثمرة، وتتمثل الكفاءة الحدية للاستثمار فى سعر الخصم الذي يجعل القيمة الحالية لصافي العائد المتوقع من الأصل الرأسمالي (خلال حياته الإنتاجية) مساوياً لسعر شراء الأصل الرأسمالي (أي سعر عرضه).

بيئة
ونصل الآن إلى البيئة الاستثمارية، إذ يرى الخبير اسمندر أن هناك مجموعة من العوامل التي تشكل البيئة الاستثمارية، التي تشجع أو تنفر الاستثمار، وهي الاستقرار الأمني، الاستقرار الاقتصادي، معدلات أسعار الفائدة، مستوى الدخل القومي، معدلات التضخم النقدي، مستوى الأتمتة، مستوى الانفتاح الاقتصادي..

جدوى
يقف د. اسمندر عند جدوى الاستثمار في سوريا في ظل الوضع الراهن، ويقول:  بموجب دراسة أجريتها مؤخراً؛ عكس مؤشر ICOR إنتاجية منخفضة للاستثمار في سوريا وعدم جدواه؛ كما تبين بموجب الدراسة؛ ضعف شديد بالادخار المحلي، ويلعب دور في ذلك تراجع الدخول مع ارتفاع التضخم والميل الحدي للاستهلاك، حتى العلاقة بين معدل نمو الادخار ومعدل نمو الاستثمار سلبية (-0.1) بين كلا المتغيرين، وهذا يعكس طبيعة الحالة الاقتصادية المضطربة في البلد.
وينبغي أيضاً أن ننظر إلى تقرير مؤشر سهولة الأعمال الذي يصدر عن البنك الدولي (ترتيب سورية فيه متأخر 176؛ وهذا المؤشر يعتبر معيار رئيسي لاتخاذ القرار الاستثماري).

خارطة طريق لإتمام ما نصّ عليه الإعلان الدستوري الجديد

 

فبعد تضمين الإعلان الدستوري ما يشرع أبواب التفاؤل بمستقبل الاستثمار، تبقى هناك حاجة لجهود كبيرة مطلوبة من الحكومة بشكل أساسي، ومنها ضرورة تطوير تشريعات جذب الاستثمار بما يناسب طموح المستثمرين، استقطاب مختلف أنواع المستثمرين (صغار- متوسطين- كبار)، توفير مراكز مؤهلة لتعويض النقص في البنية التحتية خلال الوضع الراهن، دعم الاستثمارات ذات الطبيعة الابتكارية وذات المحتوى التكنولوجي العالي بسبب قيمتها المضافة العالية وتأثيرها الإيجابي السريع على البنية الاستثمارية، تشجيع الاستثمار في مجال الاقتصاد المعرفي، إعداد خطة وطنية متكاملة لزيادة الاستثمار وتراعي التدرج المرحلي (قصير، متوسط، بعيد المدى).

المهم أن ندرك أن تطوير الاستثمار في سوريا لن يحصل بشكل عفوي؛ بل يحتاج إلى فعل قصدي من الحكومة وتعاون من قطاع الأعمال.

Leave a Comment
آخر الأخبار