الحرية- إلهام عثمان:
مع التطورات الحديثة التي شهدتها ساحة التربية والتعليم، أصبحت الاختبارات التحصيلية من الأدوات الأساسية في قياس مستوى فهم الطلاب وتقييم مهاراتهم الأكاديمية بشكل دقيق وموضوعي.. هذه الاختبارات تتنوع في أشكالها وأساليب تصميمها، ويتطلب استخدامها الفعّال والمثمر معرفة متعمقة بأنواعها وأساليب إعدادها وتوظيفها بما يتلاءم مع أهداف العملية التعليمية، إذ يتضح أن الجمع بين أنواع الاختبارات المختلفة وتصميم أسئلتها بشكل منهجي ومدروس، يسهم بشكل كبير في تقديم تقييم شامل يعكس قدرات الطلاب ويحفز عملية التعلم والتطوير المستمر، لكن ما الرؤى الحديثة حول الاختبارات التحصيلية وأنواعها وأساليب تصميمها وتوظيفها، وإلى ما يهدف تقديم رؤية واضحة تساعد على تحسين ممارسات التقييم داخل الفصول الدراسية.
العباس: خطوات إعداد الاسئلة يجب أن تكون منظمة لضمان تغطية جميع الأهداف وتحقيق العدالة
الدكتور وليم العباس، اختصاصي في القياس والتقويم التربوي والنفسي في جامعة حماة، أشار من خلال حوار مع ” الحرية”، إلى مجموعة من الرؤى المهمة حول الاختبارات التحصيلية وأنواعها وأساليب تصميمها وتوظيفها بشكل فعال في العملية التعليمية.
أنواع الاختبارات
وأوضح العباس أن هناك نوعين من الاختبارات التحصيلية المستخدمة لقياس مستوى فهم الطلاب ومستواهم المعرفي، وهما: الاختبارات الموضوعية، وهي تلك التي تتضمن أسئلة ذات بنية محددة، تتطلب إجابات واضحة ومحددة، مثل اختيار الإجابة الصحيحة من متعدد، والصواب والخطأ، والمطابقة، وملء الفراغات.. أما الاختبارات المقالية، فهي التي تتطلب إجابات ذات بنية جزئية أو كلية، حيث يكتب الطالب إجابة قصيرة أو طويلة حسب نوع السؤال المطروح.
الفروق
وعن الفروقات بين الاختبارات الموضوعية والمقالية، بين العباس وجود فروق من حيث الهدف، حيث تركز الأسئلة الموضوعية على المستويات المعرفية الدنيا كالذاكرة والفهم والتطبيق، ويمكن أن تقيس المستويات العليا إذا وضعت بطريقة تسمح بالتحليل والتفكير، ويعتمد ذلك على مهارة واضع الاختبار- فيما تركز الاختبارات المقالية على قدرات التحليل، وربط المفاهيم، والتنظيم، إضافة إلى الإبداع والتعبير الكتابي.
تصحيح الاختبارات
أما من ناحية التصحيح، أضاف العباس: إن الاختبارات الموضوعية تصحح بشكل آلي، ما يضمن موضوعية ودقة النتائج، ويستغرق وقتاً أقل، بينما يصحح الاختبار المقالي يدوياً، مما قد يُظهر عوامل ذاتية ويحتاج لوقت أطول.
وبالنسبة لاختيار النوع الأنسب، يشير العباس إلى أن ذلك يعتمد على طبيعة المادة، فبعض المواد كالرياضيات والعلوم يفضل فيها الاختبارات الموضوعية، بينما تتطلب مواد مثل التاريخ واللغة العربية إجابات كتابية وتفصيلية.
الأسئلة الجيدة وتصميمها
ولفت العباس إلى أهمية مراعاة شروط كتابة أسئلة الاختبار الجيد، على أن تكون واضحة ودقيقة، وأن تدور حول فكرة محددة، بحيث تكتب بلغة سليمة، ويجب أن تقلل الاعتماد على التخمين وأن تكون البدائل جذابة لتقليل احتمالية اكتشاف الإجابة الصحيحة بشكل مباشر.
وهنا أكد العباس أن خطوات إعداد الاسئلة يجب أن تكون منظمة، لضمان تغطية جميع الأهداف وتحقيق العدالة، حيث يتم تحديد الهدف من الاختبار، وتحديد الأهداف التعليمية، وتصميم المحتوى، وإعداد جدول مواصفات يربط الأهداف بالمحتوى، وتحديد نوعية الأسئلة وعددها، مع مراعاة تنويع مستويات الصعوبة، ثم إخراج الاختبار بشكل نهائي.
دمج الاختبارات الموضوعية والمقالية
وأوصى العباس ببناء الاختبار استناداً إلى جدول مواصفات يوضح الأهداف التعليمية ومستوياتها، ثم إعداد أسئلة متنوعة تتناسب مع الأهمية النسبية لكل موضوع، مضيفاً بأن الجمع بين الأساليب يعتبر أكثر فاعلية، حيث يبدأ بالأسئلة الموضوعية (الصواب والخطأ، الاختيار من متعدد،إكمال الفراغ)، تليها الأسئلة المقالية ذات الإجابات القصيرة (التعريف، التعليل)، وأخيراً الأسئلة المقالية الطويلة (المناقشة، التعبير).
فهذا النهج يعكس توازناً بين قياس المعرفة والقدرة على التفكير النقدي والتحليل، ويحقق تقييماً شاملاً ومستفيضاً للطلاب.
وأكد العباس في ختام حديثه على أهمية الجمع بين نوعي الأسئلة، الموضوعية والمقالية، ضمن الاختبارات التحصيلية، لا سيما أن دمجهما يعزز من قدرة الاختبار على قياس مستوى المعرفة بشكل دقيق، بالإضافة إلى تقييم مهارات التفكير النقدي والتحليل التي يتمتع بها المتعلمون. ويعتقد أن الاعتماد على كلا النوعين يساعد في تلافي العيوب والصعوبات المرتبطة بكل نوع بشكل منفرد، مما يحقق أداءً تقييمياً أكثر عدالة وشمولية يعكس مستوى تحصيل الطلاب بشكل متكامل.