الحرية – رشا عيسى:
في عالم يتصارع على الأهداف والمصالح، أصبح التصنيف الدولي ومؤشرات تقييم أداء الدول أداة حيوية لفهم الواقع الاقتصادي والاجتماعي، ولرسم استراتيجيات تنموية مستدامة، وحضور سوريا في هذه المؤشرات ليس مجرد إجراء إحصائي، بل خطوة حيوية لإعادة دمجها في الاقتصاد العالمي.
*خياط: التصنيف الدولي يوفر مرآة عاكسة لمكانة كل دولة على الساحة الدولية
رئيس مجلس إدارة الجمعية السورية لمستشاري الإدارة الدكتور هشام خياط بين لـ( الحرية) أن المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF)، يعد من بين المؤسسات التي تقدم تقارير التنافسية العالمية، حيث يتم قياس أداء 141 دولة عبر 12 محورًا و103 مؤشرات تشمل البنية التحتية، الاقتصاد الكلي، التعليم، الابتكار، وكفاءة الأسواق، ما يوفر مرآة عاكسة لمكانة كل دولة على الساحة الدولية، لكن غياب دول مثل سوريا عن هذه المؤشرات يثير تساؤلات حول الأسباب والتداعيات، خاصة مع تاريخ مشاريع مثل المرصد الوطني للتنافسية الذي أُجهض سابقاً بحجج سياسية.
*خياط: مؤشرات تقييم الأداء تساعد في تحديد نقاط القوة والضعف داخل الاقتصاد الوطني
تعزيز التنافسية
يؤكد خياط أن التصنيف الدولي ليس مجرد أرقام أو ترتيبات، بل أداة للتحليل والتطوير يساعد في تحديد نقاط القوة والضعف داخل الاقتصاد الوطني، ما يتيح للحكومات صياغة سياسات تركز على تحسين البنية التحتية، تعزيز التعليم، أو تطوير البيئة الاستثمارية.
وعلى سبيل المثال، دول مثل الإمارات العربية المتحدة حصلت على مراكز متقدمة في استقرار الاقتصاد الوطني، وتبني التكنولوجيا، ما يعكس استثمارات استراتيجية أثمرت عن نمو ملحوظ، هذه المقارنات تدفع الدول للتنافس على تحسين أدائها، ما يعزز الابتكار ويولد فرصاً اقتصادية.
أهمية المقارنة الدولية
القياس بالمقارنة مع دول العالم يوفر رؤية موضوعية تتجاوز الحدود السياسية أو الروايات الداخلية ويوضح خياط ذلك بأن مؤشر الناتج المحلي الإجمالي (GDP)، وتعادل القوة الشرائية (PPP) يبرزان الفجوات في مستوى المعيشة وكفاءة الاقتصاد، ما يساعد في صياغة خطط تنموية تراعي السياق العالمي.
غياب دولة عن هذه المقارنات، كما في حالة سوريا، قد يعني عزلة عن التطورات العالمية، ويحد من قدرتها على جذب الاستثمارات أو الاستفادة من الخبرات الدولية.
*خياط: إحياء المرصد الوطني للتنافسية خطوة طموحة لتوفير بيانات دقيقة تُظهر أداء الدولة محلياً
المرصد الوطني للتنافسية
فكرة المرصد الوطني للتنافسية كانت خطوة طموحة بحسب خياط، لتوفير بيانات دقيقة تُظهر أداء الدولة محليًا، لكن إجهاضها بحجة “التمييز السياسي” أو “عدم خدمة المصلحة الوطنية” يشير إلى نقص في الرؤية الاستراتيجية.
التصنيفات الدولية، على الرغم من انتقاداتها حول انحيازات محتملة، تظل أداة شفافة إذا تم التعامل معها بحكمة، وإهمالها قد يؤدي إلى عزلة اقتصادية، حيث تصبح الدولة غائبة عن خريطة التنافسية العالمية، ما يعيق قدرتها على جذب الشراكات أو تحسين صورتها الدولية.
التأثير على التنمية المستدامة
وجود مؤشرات تقييم يدعم التنمية المستدامة من خلال تحديد المجالات التي تحتاج إلى استثمار، مثل التعليم أو البيئة، والدول التي تشارك في هذه التقييمات، كالنرويج أو سويسرا، تُظهر تقدماً في مؤشرات التنافسية بفضل استهدافها للتحسين بناءً على البيانات، أما الغياب عن هذه التقارير، فقد يعني تفاقم الفجوات الاقتصادية والاجتماعية، خاصة في ظل تحديات مثل التغير المناخي والتقدم التكنولوجي كما يشرح خياط.
حضور سوريا
وعن أهمية حضور سوريا في هذه التصنيفات، شرح خياط أن حضورها في هذه المؤشرات ليس مجرد إجراء إحصائي، بل خطوة حيوية لإعادة دمجها في الاقتصاد العالمي، وغيابها عن تقارير مثل تلك الصادرة عن WEF يعني عزلة عن المستثمرين الدوليين، الذين يعتمدون على هذه البيانات لتقييم المخاطر والفرص. وجود سوريا في التصنيفات يمكن أن يجذب رؤوس الأموال ويعزز الثقة لدى المستثمرين عبر إظهار تحسن في البنية التحتية أو الاستقرار الاقتصادي، ويوفر بيانات موضوعية، ويساعد الحكومة على تحديد نقاط القوة والضعف، ما يدعم صياغة سياسات استثمارية فعّالة، ويحسن الصورة الدولية والعودة إلى الخريطة الاقتصادية العالمية، ويعزز مكانة الدولة ويفتح أبواب الشراكات.
ومع ذلك، يجب النظر بحذر إلى هذه التصنيفات كما يشير خياط، إلى أنها قد تعكس أحيانًا انحيازات سياسية أو اقتصادية لصالح دول معينة، لكن تجاهلها تماماً، كما حدث مع إجهاض المرصد الوطني للتنافسية، قد يكون حرم سوريا من فرص للتحسين.
إعادة التركيز على جمع البيانات وتطوير مؤشرات محلية، مع الاندماج التدريجي في التصنيفات الدولية، يمكن أن يكون الطريق الأمثل لتشجيع الاستثمار ودعم التعافي الاقتصادي.