الحرّية-هبا علي أحمد:
لا يُعدّ المناخ موضوعاً فنياً أو بيئياً فحسب، بل أصبح أيضاً ساحة سياسية للدبلوماسية الجديدة، من هنا فإن المشاركة السورية في مؤتمر المناخ «COP30» المنعقد في مدينة بيلم البرازيلية ممثلة بالرئيس أحمد الشرع تحمل أبعاداً مختلفة أهمها البعد الدبلوماسي وعودة سوريا إلى الانخراط الدولي، وتُمثل رمزية كبيرة بشرط أن تترجم هذه المشاركة إلى عملية مستمرة وليس مجرد ظهور رمزي، ولاسيما أن المؤتمر يُعطي لسوريا فرصة افتتاح بوابة جديدة بعيدة عن الملفات التقليدية (كالأمن، الحرب).
*الرسالة السورية
وترى المهندسة مرح يحيى اللحام، معيدة في جامعة دمشق كلية الهندسة الزراعية -قسم الموارد الطبيعية المتجددة والبيئة، أن المشاركة السورية في المؤتمر تحمل أبعاداً سياسية واقتصادية:
المشاركة السورية في مؤتمر المناخ تبعث برسالة إلى المجتمع الدولي بأن دمشق ترغب في إعادة الاندماج والتعاون على مختلف الصعد
-من الناحية السياسية، فإن المشاركة تبعث برسالة إلى المجتمع الدولي بأن دمشق ترغب في إعادة الاندماج والتعاون على مختلف الصعد، ليس فقط في الملف الأمني أو السياسي، بل في الملف المناخي والبيئي، وهذا قد يُسهّل المناقشات حول تخفيف العقوبات أو فتح أبواب التعاون الدولي إن ارتبط بالمسؤولية البيئية والاستدامة.

-من الجانب الاقتصادي وإعادة الإعمار: التواصل في مؤتمر مثل COP30 قد يفتح لسوريا فرصاً للحصول على تمويل دولي أو شراكات تقنية في مجالات إعادة الإعمار الأخضر: الطاقة المتجدّدة، إدارة المياه، الزراعة المستدامة، والبُنى التحتية المناخية. هذه المشاريع قد تُنجز ضمن سياق إعادة الإعمار، ما قد يُساعد على تحفيز الاقتصاد المحلي وتنويعه.
يُمكن لسوريا أن تلعب دوراً في قضايا المياه العابرة للحدود وتأثيرات التغير المناخي على الأمن الغذائي في الشرق الأوسط
وتوضح اللحام في تصريح لـ«الحرّية» أن الرسالة السورية لمؤتمر المناخ يجب أن تجمع بين الاعتراف بالتحدّيات الداخلية وبين الطموح نحو تعافي أخضر، ومن بين النقاط التي يُمكن لسوريا أن تطرحها في المؤتمر:
– المعاناة من الجفاف الشديد وتدهور الأراضي الزراعية وقلّة المياه، وأن تأثيرات تغيّر المناخ باتت ملموسة لديها (مثل انخفاض معدّل الأمطار، تراجع الأبحاث والمجالات الزراعية، أزمات المياه).
– بالرغم من محدودية انبعاثاتها، لا بُدّ أن تطلب سوريا الاعتراف بأن الدول المتضرّرة –من بينها سوريا- تستحق دعماً إضافياً وهذا يعكس مفهوم «العدالة المناخية».
– إن لديها تطلّعاً نحو الانتقال إلى اقتصاد أخضر: استصلاح الأراضي، تحسين إدارة المياه، إعادة التشجير، دعم الزراعة المستدامة، وتعزيز المرونة المناخية للمجتمعات.
الرسالة السورية لمؤتمر المناخ يجب أن تجمع بين الاعتراف بالتحدّيات الداخلية وبين الطموح نحو تعافي أخضر
إذاً، الرسالة الأساسية، وفقاً للمهندسة: «نحن نتضرّر من التغيّر المناخي، ونريد أن نكون جزءاً من الحلّ، لكننا نحتاج شراكات دولية عادلة وتمويلاً وتكنولوجيا لنتمكّن من ذلك».
*الخطوات العملية
ما سبق ذكره يحتاج إلى خطوات عملية للاستفادة مع الحضور بالمؤتمر وتحقيق الفائدة المرجوة بما يُمكننا من مواجهة التغيير المناخي على المستوى الداخلي، حسب اللحام مثل:
– صياغة وتحديث المساهمة المحدّدة وطنياً(NDC) التي تُعكس فيها الأهداف الوطنية للإبقاء ضمن 1,5مئوي أو أقرب ما يمكن.
-تبنّي خطة وطنية للتكيّف (NAP) تشمل قطاعات المياه، الزراعة، الأراضي المتدهورة، وتأهيل البُنى التحتية.
-إطلاق مشاريع استصلاح الأراضي ،التشجير ، إدارة مستدامة للمياه، تحسين البنى التحتية للمياه والزراعة.
-تعزيز القدرات المؤسّسية: تدريب، تشريعات ، تنظيم، إشراك المجتمع المحلي والمنظمات غير الحكومية.
-تأمين التمويل والمساعدات: التفاوض على منح، قروض ميسّرة ، شراكات دولية وتقنيات نقل.
يُمكن لسوريا أن تضغط في المفاوضات على بند «الخسائر والأضرار» والتمويل العادل وتشترك في بيانات مشتركة أو تجمع دولي
-وضع آليات متابعة وتقييم بحيث تُعرض النتائج سنوياً أو كل بضع سنوات أمام مؤتمر المناخ أو جهات دولية.
*التحدّيات الداخلية
من البدهي بعد سنوات الحرب أن تواجه كل الملفات والقضايا الداخلية في سوريا جملة من التحدّيات بما في ذلك موضوع المناخ، ومن أبرز التحدّيات كما عرضتها اللحام:
-البُنى التحتية المدمّرة أو المتضرّرة بفعل الحرب: المياه، الري، الأراضي الزراعية.
-نقص الموارد المالية، وقدرة الدولة على تعبئة التمويل الخارجي أو الداخلي.