الحرية – بشرى سمير:
تلجأ كثير من الأمهات إلى إعطاء هواتفهن المحمولة لأطفالهن بهدف تسليتهم عبر مشاهدة الأفلام أو الأغاني، دون إدراك حجم الخطر الكامن في ما قد يتعرض له الطفل من خلال الفيديوهات القصيرة، المعروفة بـ«الريلز» هذه المقاطع لا تتجاوز عادة دقيقة واحدة وتظهر وتختفي بسرعة ما يجعل من الصعب على الأهل متابعتها أو معرفة محتواها، وبالتالي لا تعلم الأم إذا ما كان طفلها قد شاهد مشاهد عنف أو مقاطع غير أخلاقية.
فيديوهات قصيرة… تأثيرات عميقة
يقول المهندس سليم حجيج، خبير الإعلام الرقمي وتكنولوجيا الاتصالات إن الـ«ريلز» هي مقاطع فيديو تتراوح مدتها بين 15 و60 ثانية وتنتشر بشكل واسع على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تتيح للمستخدمين التعبير عن إبداعهم بإضافة الموسيقى والتأثيرات والنصوص، والملصقات إلا أن هذه الخصائص التفاعلية والجاذبة قد تُخفي وراءها محتويات غير ملائمة للأطفال.
ويلفت حجيج إلى أن عدداً متزايداً من الآباء لاحظوا مؤخراً تأثيرات سلبية لهذه المقاطع على أطفالهم، خصوصاً من حيث الانحراف عن القيم التربوية، نظراً للطابع الترفيهي المرح الذي يغلف مقاطع تحمل في طياتها رسائل خاطئة أو حتى خطيرة.
مخاطر متعددة
من أبرز المخاطر التي تشكّلها هذه المقاطع وفق حجيج التعرض لمحتوى غير مناسب، كالتعصب والتطرف الفكري والسلوكي.
وتأثير سلبي على الصحة النفسية، من خلال تحفيز الطفل على مقارنة نفسه بالآخرين اضافة الى انحسار التفاعل الاجتماعي نتيجة الانغماس في المشاهدة المفرطة.
ويشير بعض الآباء إلى أن بعض المقاطع تحفّز روح التعصب والعدوانية عبر وضع الطفل أمام خيارات متضادة تتنافى مع مفاهيم التسامح وتقبّل الآخر.
مسؤولية الأسرة والمدرسة
من جانبها أكدت الدكتورة محاسن عباس، خبيرة في التربية وعلم الاجتماع أن منصات التواصل الاجتماعي أصبحت تعجّ بمحتويات غير مناسبة للأطفال ما يؤدي إلى غرس سلوكيات سلبية كالتنمر والتعصب، وشددت على أهمية دور الأسرة والمدارس في توجيه الطفل نحو التفكير القويم والقيم الإنسانية.
وأضافت إن بعض مقاطع “الريلز” توجَّه للأطفال بطريقة تبدو بريئة ومرحة لكنها في جوهرها تغرس بذور الكراهية والأحكام المسبقة، ويدفع الفضول أحياناً الأطفال إلى مشاهدة محتويات قائمة على السخرية والتنمر تُصوّر الآخر بشكل سلبي.
ودعت عباس إلى أن تكون المؤسسة التعليمية حجر الأساس في تنمية وعي الطفل وتوجيهه نحو احترام الآخر ما يوفّر له درعاً فكرياً وأخلاقياً يحميه على المدى الطويل.
كما أكدت على ضرورة تضمين مناهج التربية الأخلاقية والاجتماعية موضوعات عن التسامح والتنوع الثقافي من خلال قصص وسيناريوهات تعزز قيم احترام الآخر على اختلاف ديانته أو خلفيته الثقافية.
المحتوى الجذاب… سلاح ذو حدين..
رغم وجود محتوى إيجابي على منصات التواصل الاجتماعي إلا أن الكثير منه أيضاً مليء بمشاهد العنف، التنمر والألفاظ الجارحة، والتعصب، وتكمن الخطورة في طريقة تقديم هذه المواد، إذ تُعرض بطريقة جذابة ومسلية ما يساعد على تسرب الرسائل السلبية إلى نفوس الأطفال بسهولة.
وتضيف عباس: الأسرة هي المدرسة الأولى للقيم والسلوك. وعندما نخصص وقتاً للجلوس مع أطفالنا، والتحاور معهم فإننا لا نكتفي بالمراقبة بل نرشد ونوجّه ونفكر معهم”.
كما شددت على أهمية غرس قيمة الحوار في نفس الطفل وتعليمه أن القوة ليست في الصراخ أو العدوانية بل في التفاهم والنقاش.
بدائل تربوية فعالة..
يمكن مواجهة هذه الظاهرة من خلال توفير بدائل تربوية ترفيهية مثل القراءة، الألعاب الإبداعية والأنشطة الرياضية التي تسهم في تقليل الوقت الذي يقضيه الطفل أمام الشاشة وتعزز من نموه السليم.
إجراءات لحماية الطفل..
لحماية الأطفال من المخاطر المحتملة لمقاطع الـ«ريلز» وضمان استخدام آمن للإنترنت ترى عباس أهمية مراقبة نشاط الطفل الرقمي وتحديد وقت محدد لاستخدام الأجهزة. وتوعية الطفل بالمخاطر الرقمية وتعليمه استخدام الإنترنت بأمان ومسؤولية اضافة إلى استخدام أدوات الرقابة الأبوية لتصفية المحتوى وتمكين الأهل من التحكّم بما يراه أطفالهم.