خليل صويلح يوقع “ماء العروس”.. متعة السرد واللغة والفكر
الحرية- وصال سلوم:
لم يكن غريباً أن يوقع خليل صويلح روايته الجديدة “ماء العروس”، في مقهى الروضة بدمشق. فهذا المكان سحب البساط من تحت مقاهي الثقافة الشهيرة، مثل “الهافانا” و”البرازيل” الكائن في فندق الشام، عدا عن أن صويلح، الذي يحتفي بالمكان في عوالمه السردية، صار مع الوقت من أبرز الكتاب الحاضرين في “الروضة”، حيث تجتمع الثقافة مع السياسة مع شرائح متنوعة من الشباب التائق للحوار وتبادل الأفكار.
العثور على لغة خليل صويلح الخاصة، ليس صعباً، فصاحب “اختبار الندم”، الفائزة بجائزة الشيخ زايد للكتاب عام 2018، مهد الطريق لتجربته، بمجموعة إصدارات، مثل “وراق الحب” 2002، و”بريد عاجل” 2004، و”دع عنك لومي” 2006، وغيرها..كأنه كان ينحت ويكرس معجمه الخاص، حتى إن الكثير من القراء، يقولون إنهم يحرصون على متابعة سرديات صويلح، تمتعاً باللغة ومهارة الصورة، فالقارىء يجد نفسه في نصوص صويلح، أمام وجبة لا تقتصر على سرد الحكاية وحسب، بل هي أشبه بعالم آخر من المفردات والمعلومات واللقطات الذكية، التي تذكرنا ببداياته الأولى في الشعر، وإلى جانبها عمله في الصحافة الثقافية وشهرته بكتابة مقال الرأي.
تلك التجربة شكلت مرجعية معجمه اللغوي، ورهافة حسه، حيث لا حشو في الفقرات، ولا إقحام في الانفعالات، ولا استرسال في الأحداث، فصويلح مسكون دائماً بإصابة كبد المعنى، بأقل عدد من السهام، وتلك هي البلاغة دون شك.
حمل صويلح “1959”، معجمه الخاص من الجزيرة السورية، وعممه على نصوصه النقدية والشعرية والروائية. تلك الجغرافيا النائية، ربما نستطيع تسميتها بينابيع التجربة التي تكاملت مع انتقاله لدمشق واختباره المعجم الجديد في حياة المدينة.
في هذه النقطة اختلف صويلح عن روائيي الحكاية، المعتمدين على السرد المشوق للأحداث، بمعزل عن الصورة الماهرة والمفردة الصادمة، ومن هنا يمكن تصنيف السرد عند صويلح، ضمن مصاف النخبة، حيث لا ينمو الشكل على حساب الحكاية، ولا تطغى الحكاية على متعة الصورة واللغة والفكر.
بقدر ما نحن محكومون بعشق السرد، لكننا أيضا نراهن على المغزى، وطبيعة القالب الذي يحمله، وإلا ستكون الرواية مثل حكاية الجدات المشوقة، بلا مستوى أدبي رفيع.
جمع صويلح في سرده وأعماله الروائية، كل تلك الميزات، وتلك صفة أساسية في تجربته الأدبية.
“ماء العروس”، تكلل تجربة زاخرة وغنية، وهي بالتأكيد تحتاج لقراءة متأنية تفكيكية وتحليلية دقيقة، حتى يتمكن القارىء من القبض على الصورة والمفردة والحكاية، معاً.