«خيوط من ذاكرة الوطن».. الفنان محمود نداف يعيد رسم الحنين من بين الركام

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية – آلاء هشام عقدة

في زوايا منسية من مدينة اللاذقيّة، حيث تختلط رائحة البحر بذكريات الطفولة، ولد الفنان التشكيلي محمود نداف في السابع من كانون الثاني عام 1958 في حي بستان الريحان، حاملاً معه موهبة دفينة تحاكي الوجدان وتنبض بالحياة رغم الألم.

نداف الذي تخرج من المعهد الصناعي، أمضى سنواته الأولى في ميادين الصناعة، متنقلاً بين الورشات ومصانع المعادن، بداية كمساعد مهندس خراطة وميكانيك، ولاحقاً في الشركة العامة لصناعة المحركات الكهربائية بين عامي 1975 و1998، ثم رئيساً لقسم التصنيع في شركة جود للمعادن حتى عام 2008. لكن روحه لم تكن حبيسة الماكينات، فمع انطلاق الثورة السورية، كان من أوائل من شارك بها، فاعتقل عام 2012، وبعد الإفراج عنه بدأ بعدها رحلة تهجير طويلة، بدأت من منزله الذي دمره النظام وسلبوا محتوياته، وانتهت في تركيا بالعام نفسه، حيث عاش سنوات من الغربة والحنين.
وبعد سقوط النظام، عاد الفنان محمود نداف لمدينته محملاً بالذاكرة والفن.

وفي حديث لـ”الحرية” عن تجربته الفنية والإنسانية بعد العودة أوضح نداف أنه “بادئ ذي بدء استعدت حريتي رغم تلك الجراح التي تضج في ذاكرتي، وبالنسبة للفن استعدت موهبتي، فشرعت أنسج من الخيوط والمسامير لوحات نابضة بالمشاعر، مستخدماً تقنية “الفيلوغرافيك”، التي تمزج بين الفن والدقة، بين الألم والأمل”.

وعن أعماله أوضح أنه من أبرزها حالياً، مجسم لمنزله المدمر، الذي بات رمزاً لصمود الذكرى رغم الخراب، مجسم جامع تشامليجا في اسطنبول، الذي يعكس سنوات غربته، مجسم الجامع الأموي في دمشق، والذي لا يزال قيد الإنجاز، بالإضافة لعدة أعمال أخرى ورسومات.
موضحاً أنه يحاول من خلال أعماله إعادة بناء الهوية حجراً حجراً، وخيطاً خيطاً.

وعن الصعوبات التي تواجهه حالياً أوضح نداف بالقول: “أعاني من عدم توفر المواد الأساسية كالفوم المناسب، لكنني مصرّ على الاستمرار، وأنني أفضل الورق الملون على الإسفنجي بسبب مرونته في تشكيل الزخارف”.
وأشار إلى أنه شارك مؤخراً في بازار “رؤيا” في اللاذقية، ويستعد للمشاركة في معرض الحرف اليدوية في حديقة البطرني، بالإضافة لعدة وعود للمشاركة في عدد من المعارض التي ستقام في اللاذقية قريباً، ويأمل نداف أن يجد قريباً مكاناً مناسباً لتدريب المهتمين بهذا الفن النادر، ليورث موهبته ويعيد إحياء ذاكرة المكان على أيدي جيل جديد.

محمود نداف، هو خيط آخر من خيوط سوريا الممزقة، لكن المربوطة بإحكام بالإبداع، والثبات، والحنين الذي لا يصدأ.

Leave a Comment
آخر الأخبار