الحرية – تحقيق – فردوس دياب:
في داريا، تُختصر الحكاية، حالها حال كثير من المدن والمناطق التي تفنن النظام في تدميرها وتعذيب وقتل أبنائها.
في داريا، يُسمع أنين الشهداء، ليس من آهات وحناجر الناجين والأحياء التي تغص بالحروف والكلمات فحسب، بل يُسمع أيضاً من تحت ركامات المنازل والمقابر، وأطلال الحارات والشوارع التي أضحت أغلبها مجرد أكوام من الوجع وهياكل إسمنتية من الذكرى.
من يزور داريا اليوم، لابد أنه سيحمل كثيراً من الألم والوجع ، لما سوف يشاهده من حزن لا يزال يخيم على وجوه أهالي المدينة الذين لم يتبق منهم إلا القليل القليل، بعد أن استشهد كثيرهم في المعتقلات وسجون النظام، وتهجر آخرون خارج مدينتهم وخارج وطنهم.
“مجزرة القبو “.. إعدام 68 شخصاً بينهم أطفال و رضع
السيدة خلود السقا تروي لنا تفاصيل المجزرة المروعة التي ارتكبتها قوات الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري بحق أفراد عائلتها بالكامل في أواخر آب من العام 2012، نقلاً عن أخيها الناجي الوحيد من المجزرة والذي اعتقل فيما بعد ولم يعرف مصيره حتى الآن، حيث تقول إن قوات النظام قامت باقتحام منزلها واعتقال والدها عبد الحفيظ موسى السقا وأشقائها الستة و22 فرداً من أفراد العائلة، بينهم نساء وأطفال منهم رضيعان بأعمار الأول بعمر 40 يوماً، والرضيع الثاني بعمر 6 أشهر، وأطفال آخرون بأعمار 3 و5 و6 و7 و8 و 10 سنوات، و12 و16 سنة،
وبعد ذلك قاموا بإنزال الرجال إلى قبو البناء، حيث كان فيه العشرات من أبناء الحي ، ثم قاموا بإعدامهم جميعاً رمياً بالرصاص، حيث وصل العدد بحسب إفادات أهل الحي إلى 68 شهيداً، ثم قامت قوات النظام بعد ذلك بالصعود إلى الطابق الذي يتواجد فيه النساء والأطفال من أفراد عائلتها، وقتل كل الموجودين فيه رمياً بالرصاص.
مجزرتا “داريا “و”الشاميات”.. أكثر من 2000 شهيد
بدروه محمد هدله الملقب بأبو بكر والذي انشق عن صفوف جيش النظام في العام 2011 والتحق بصفوف الجيش الحر في داريا، روى مشاهداته عن المجازر التي ارتكبتها قوات النظام الأسدي عندما اقتحمت المدينة بداية العام 2012، وقتلت عدداً من المدنيين فيما سمي بـ(الجمعة العظيمة) التي أشعلت نار الثورة وفجرت غضب الأهالي لتتوالى الأحداث، حيث استشرست قوات النظام المجرم بقتل المدنيين وارتكاب الفظائع والمجازر، وكان أكثرها وحشية ودموية بحسب هدله،” مجزرة داريا” التي ارتكبها النظام في عيد الفطر عام 2012 والتي راح ضحيتها نحو 2000 شهيد معظمهم من الأطفال والنساء.
ويضيف هدله أن الأهالي قاموا بتجميع جثث الشهداء في باحة جامع أبو سليمان الديراني، ثم قاموا بدفنهم جميعاً بمقابر جماعية في محيط الجامع.
وتحدث هدله عن “مجزرة الشاميات” حيث أقدمت قوات النظام على قتل عوائل بأكملها، كعائلة النكاش، وعائلة قفاعة، والتي لم ينجُ منها إلا شخص واحد هو عصام قفاعة، وفي تفاصيل هذه المجزرة يروي لنا هدله كيف أن قوات النظام كانت تقتل الأطفال دعساً بالأحذية العسكرية.
مجزرتا “المطبخ” و”الدم والعنب” 74 شهيداً
أما السيد أبو فادي الصمادي فتحدث عن “مجزرة المطبخ” والتي راح ضحيتها 12 مدنياً بينهم ولداه (فهد 18 عاماً)، و(فادي 20 عاماً والأب لثلاثة أطفال هم مصطفى وفهد ويوسف)، وابن أخيه، حيث قامت قوات الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري بتجميع الضحايا في مطبخ أحد البيوت ثم قامت بقتلهم بالرصاص.
من جانبه أوضح محمد سعيد خشيني أبو سعيد، كيف اختلطت دماء شهداء داريا بعرائش العنب، بالمجزرة التي ارتكبها مجرمو النظام في موسم قطاف العنب، حيث كانوا يقتحمون المنازل ويطلقون النار على ساكنيها ، والتي سماها أهالي داريا ” مجزرة الدم والعنب “، والتي راح ضحيتها بحسب خشيني 62 شهيداً جميعهم مدنيون نساء وأطفال، كان ذنبهم الوحيد أنهم هتفوا (حرية ،حرية).
البراميل المتفجرة والصواريخ قتلت المئات
أما السيد أبو حفص فتحدث عن حصار داريا الذي استمر 4 سنوات، حيث كانت قوات النظام البائد تلقي عليهم عشرات البراميل المتفجرة كل يوم، بالإضافة إلى قصفهم بالصواريخ والقذائف المدفعية والطائرات العسكرية والحربية الروسية، وهذا بدوره أدى إلى استشهاد مئات المدنيين من النساء والأطفال وإلى تدمير آلاف المنازل والأحياء في المدينة وتحويلها إلى ركام وهياكل حديدية وإسمنتية.