دلالات مرحلة جديدة تحمل فهماً خاصاً للاستثمار في سوريا..

مدة القراءة 6 دقيقة/دقائق

الحرية – سامي عيسى : 

الاقتصاد السوري اليوم أمامه الكثير من التحديات الصعبة، التي ورثها عن السنوات السابقة، وهذه بدورها شهدت جملة من المشكلات، منها ما هو ناجم عن سوء التخطيط والإدارة وحتى التنفيذ، ومنها ناجم عن تعرض البلاد لحروب طويلة، أرهقت الاقتصاد الوطني بكل مكوناته الإنتاجية والخدمية، وتدمير الكثير من مقومات التصنيع والإنتاج، من دون تجاهل العقوبات الاقتصادية والحصار الاقتصادي، والذي مازلنا نعاني تبعاته في كافة الاتجاهات، إلى جانب أمور أخرى في غاية الأهمية في مقدمتها؛ هروب رأس المال الوطني وأهله إلى بلدان أخرى، من دون أن ننسى أيضاً هروب الكفاءات والخبرات البشرية، والتي هي أساس أي تطور، أو حتى بناء القوة الاقتصادية والخدمية المؤسسة لحياة كريمة ومعيشة أفضل للمواطن السوري من جهة ، وتحقيق عوائد مادية وربحية تسهم في زيادة الإنتاجية المحلية، في كافة المجالات أيضاً..

فرص أوسع للاستثمار

واليوم هناك فرصة واسعة المساحة أمام الحكومة السورية، للاستفادة من حالة الانفتاح على العالم الخارجي، ولاسيما الدول التي تمتلك رؤوس أموال واستثمارات مالية ضخمة، كما هو الحال لدى السعودية واتفاقية الأسمنت التي وقّعت في الأمس القريب ..

خبير اقتصادي: يدعو الحكومة لتوفير خريطة استثمارية، وأخرى للاحتياجات، لاستهداف الدول المتطورة في مجالات الاستثمار والإعمار، والتي حققت فيها نجاحات متطورة، للاستفادة منها بصورة مباشرة..

الخبير الاقتصادي محمد الحلاق خلال تصريحه “للحرية” قدم مقاربة منطقية في إجابته حول كيفية توجيه رأس المال القادم إلى سورية من قبل الحكومة باتجاه الفرص التي تحتاجها، والمجالات التي تحتاج لضخ أموال جديدة، لإعادة انعاشها من جديد، إلى جانب ما هي أولويات الاستثمار في سوريا وفق الحاجة والمصلحة الاقتصادية والاجتماعية، موضحاً فيها أنّ لكل دولة مزاياها الخاصة بها، باقتصادها وحياتها وغير ذلك، نذكر على سبيل المثال “تونس” تريد الاستثمار في سوريا، فأي “استثمار تتجه إليه..؟” المجال الذي نجحت به، وخاصة أنّ لديها خبرة في زراعة الزيتون والصناعة المرتبطة به وهي متنوعة، وبالتالي خبرتها في هذا المجال عالية جداً، و بالتالي من الخطأ أن أطلب منها المشاركة في إعادة الإعمار..!

استهداف مواقع النجاح

و بالتالي حتى نستفيد من انفتاح الدول على الواقع السوري، لابدّ من البحث في إمكانية مساهمة كل دولة، والمجالات المتقدمة بها، واستثمارها لخدمة إعادة الإعمار في بلدنا، فمثلاً” هولندا وألمانيا” لديهما تربية الأبقار ومنتجاتها من الحليب ومكوناته التصنيعية، لديهما قدرات عالية في هذا المجال ويمكن الاستفادة منها في هذا الجانب، وبالتالي من الخطأ أن أطلب من السعودية إنشاء مشروع أبقار، علماً أن لديهم مشاريع ناجحة في هذا المجال، لكنه ليس القطاع الذي يحققون فيه نجاحات، وهنا خبرة الحكومة السورية في الذهاب الى الجوانب الناجحة، والاستفادة منها، أي من الضروري استهداف الدول التي تخدم مصلحتنا كلاً حسب خبرته، الجوانب والمشروعات التي تحقق لنا الفائدة والاستفادة ، وخير مثال السعودية اليوم مدت يدها للاستثمار في سوريا، وهنا واجب على الحكومة السورية تقديم خريطة استثمارية، وتدارسها فيما بين الجانبين، واختيار المشروعات التي تحقق لنا الفائدة، وتسهم في إعادة إعمار قطاعات محددة، تمتلك السعودية فيها خبرات متميزة وكفاءات حققت نجاحات مهمة، لاسيما في مجالات الإعمار والبناء…

خريطة احتياجات

لذلك من المهم جداً أن تكون للحكومة السورية، خريطة استثمارية وخريطة للاحتياجات نؤمن من خلالهما الفرص الاستثمارية، وخاصة أن لدينا فرصاً عالية جداً، ومن خلالها أحدد الدولة التي استهدفها لتطوير القطاعات المطروحة للاستثمار وإعادة البناء في مجالات التصنيع، والإنتاج والإدارة، وغير ذلك..

الحلاق : ضرورة توفير بيئة عمل مناسبة، قادرة على جذب الخبرات والكفاءات السورية المهاجرة، والعودة للاندماج في المجتمع السوري، والمساهمة في بناء الإنسان والحجر على السواء..

وبالتالي هذا ما ينطبق على واقعنا المحلي في تحديد أولويات هذه الاحتياجات، ففي رأي “الحلاق” واقعنا كله أولويات، وهناك الكثير من الفرص المتاحة، ومن الضروري استغلال أي فرصة، تخدم أي قطاع اقتصادي أو خدمي، وحتى في مجالات التنمية البشرية، والزراعية بشقيها النباتي والحيواني، والإنتاج الصناعي الإستراتيجي كالأسمنت مثلاً ..

بيئة مشجعة

ونحن اليوم أمام خيار مهم جداً يضعنا ضمن حلقة الاختيار ما بين بناء الإنسان، أو الحجر، وبالتالي هنا بناء الإنسان مهم جداً، ويرافق ذلك اهتمام كبير جداً في اتجاه استثمار الخبرات السورية التي تطورت في الميدان الخارجي، وتشجيعها على العودة للمساهمة في ميدان الإنتاج والإعمار، وهذا يتطلب توفير بيئة مناسبة للعودة تتخللها ” مصادر دخل، مواقع توظيف جديدة، كيفية استثمار هذه الكفاءات، بيئة آمان…” وغيرها من عوامل توفير بيئة مناسبة قادرة على جذب الخبرات والكفاءات السورية المهاجرة، والعودة للاندماج في المجتمع السوري، والمساهمة في بناء الإنسان والحجر على السواء..

ويرى” الحلاق” أننا في سورية بحاجة لاستثمار كلّ الفرص المتاحة، لكن بالمقابل لسنا بحاجة أن نكون مكاناً للتجريب، نحن بحاجة للحصول على ما يناسب واقعنا، والقائمون على هذا الواقع، هم الأقدر على تقدير الاحتياجات، والمناسب لتطوير كل القطاعات ، وفق خريطة احتياجات مبنية على الواقع الفعلي للتطوير والتحديث، بقصد بناء الحالة الاقتصادية والاجتماعية، والتي تمر عبر آليات محددة يتم وضعها لتنفيذ طموحاتنا في بناء الدولة الواحدة والاقتصاد الواحد القائم على التشاركية الواحدة، في مجالات التنمية البشرية والاقتصادية، والصناعية، والسياحية والزراعية، واستثمار الخبرات والكفاءات الجيدة لإدارة هذه الجوانب، وهذا لايقتصر على الجانب المحلي فحسب، بل على الدول التي تمتلك خبرات وكفاءات متقدمة للمساهمة في إعادة إعمار ما خرّبته سنوات الحرب الماضية، والخلاص من مشكلة كبيرة أسهمت في إضعاف الحالة الاجتماعية والاقتصادية، والتي تكمن في مشكلة المحسوبيات والولاءات الشخصية، وإخضاع الكفاءات والخبرات الجديدة للمحاسبة خلال فترات محددة لمراقبة العمل ونجاحه..

Leave a Comment
آخر الأخبار