الحرية- إخلاص علي:
ربما جاء دمج وزارتي النفط والكهرباء في وزارة واحدة للطاقة محققاً لرغبة الكثير من المواطنين قبل المعنيين، الذين عانوا لعقود من الاتهامات المتبادلة بين الوزارتين عن المعني بتفاقم أزمة الكهرباء.
عملية دمج وزارتي النفط والكهرباء تتطلب وضع هيكل تنظيمي جديد والإسراع بصياغة النظام الداخلي وبرامج التدريب
الدمج في المحصلة هو المنطق وفقاً لمعطيات الواقع وكذلك لتطبيق ذلك في كثير من دول العالم.. فهل يحل الدمج جزءاً من معاناة هذا القطاع؟ أم إن الأمر مبكّر باعتبار أن ذلك يحتاج وقتاً طويلاً؟
الخبير الاقتصادي الدكتور زياد عربش: إيلاء شؤون الطاقة لجهة مركزية واحدة يعني تتبع سلسلة الطاقة من مصادر التوليد إلى أماكن الاستهلاك بشقيه التجاري والسكني
هيكل تنظيمي جديد
حول هذا الموضوع رأى الخبير الاقتصادي الدكتور زياد عربش أن عملية الدمج ضرورية وطال انتظارها من حيث المقاربة الكلية لحوكمة الحكومة ككل ورشاقة الأداء، ففي السياق الحالي المعقد وبهدف زيادة التنسيق، فإن إيلاء شؤون الطاقة لجهة مركزية واحدة يعني تتبع سلسلة الطاقة من مصادر التوريد أو الإنتاج المحلي والتوليد وإتاحة مشتقات الطاقة بمكوناتها المختلفة إلى أماكن الاستهلاك بشقيه التجاري والسكني.
الطاقة هي اقتصاد وتنمية وليس حرق برميل نفط أو توليد كيلواط من الكهرباء لذلك لا بد من هجرة المنهج التقليدي السائد
مبيناً أن تحقيق هذه المرونة وهجر ما كان سائداً عبر عقود من تقاذف المسؤوليات بلوم وزارة الكهرباء من قبل وزارة النفط وبالعكس يتطلب وضع هيكل تنظيمي جديد، والإسراع بصياغة النظام الداخلي وبرامج التدريب للكوادر بحسب المهام الجديدة التخصصية وليس فقط بفعل عملية الدمج بل أيضاً لبروز تحولات هيكلية في مجمل قطاع الطاقة وتتطلب مواجهة ابتكارية ضمن السياق الاقتصادي ككل.
لا بد من تبني السياسة الطاقوية من قبل الجميع والشفافية مع الفعاليات الاقتصادية والقطاع السكني
تبني السياسة الطاقوية
وأضاف الخبير خلال حديثه لصحيفة “الحرية”: عملية الدمج أبعد بكثير من كونها مسألة إدارية، حيث كنا ننادي بأهمية وضع سياسة طاقوية قابلة للتنفيذ وليس إدخال أرقام ومعطيات مُتصورة لا يمكن التحقق منها. وكنا نلاحظ جميعاً النزاع المؤسساتي وتقاذف المسؤوليات في السابق. لذلك لا بد من الشفافية حول الواقع الراهن سواء تجاه الفعاليات الاقتصادية أو القطاع الأهلي والسكني والمصارحة بما هو ممكن وتبني السياسة الطاقوية من قبل الجميع.
وأضاف عربش: لا بد من الاستغناء عن المنهج التقليدي السائد ألا وهو التركيز على التوليد وزيادة الكميات المحروقة عبر الاستيراد واستنزاف القطع الأجنبي. فالطاقة هي اقتصاد وتنمية وليست حرق برميل نفط هنا أو توليد كيلواط من الكهرباء، نفقد نصفه تقريباً عند وصوله للمستهلك النهائي، ودون أي حساب للتكاليف الحقيقية.
خطوات ضرورية لنجاح الدمج
ونوّه بضرورة استعجال صياغة الرؤية الطاقوية من المدخلات إلى المخرجات والبدء باستراتجيات تخفيض كل الفواقد وقبل أي إضافة لطاقات إنتاجية أو استيراد النفط والغاز. إضافة إلى وضع البنية التشريعية الجديدة الجاذبة للاستثمار، وخاصة أن سوريا لم تستفد إلا اليسير من حقوقها ضمن الاتفاقيات الإطارية لمواجهة التغير المناخي واتفاقية باريس. ناهيك بضرورة الاستفادة الجدية من المنح الدولية (وما تم التعهٍد به بمؤتمر المانحين المنعقد الشهر المنصرم ببروكسل)، وكذلك السير بالتوازي بإستراتيجات تعزيز دور البلديات والمحليات خاصة لجهة الولوج المتقدم في الطاقات الجديدة والمتجددة على المستوى الجمعي وليس فقط الفردي.
مع ضرورة هجر كل القوانين والإجراءات واللوائح المتعلقة بحسابات التكاليف المعتمدة في سورية والتي أصبحت خارج كل سياق اقتصادي، واعتماد النظم المحاسبية الحديثة والمعتمدة عالمياً.
ضرورة اعتماد النظم المحاسبية الحديثة والمعتمدة عالمياً واعتماد تسعير مشتقات الطاقة كافة كتسعير اقتصادي
وأيضاً اعتماد تسعير مشتقات الطاقة كافة كتسعير اقتصادي، واستقدام الشركات الدولية لتطوير الحقول الحالية بعد تنفيذ بنود الاتفاق مع “قسد” وعقد الاتفاقيات الجديدة في المياه الإقليمية (عقود تقاسم الإنتاج)، مع بناء مصافي التكرير ومحطات التوليد صغيرة الحجم وذلك بمؤازرة الدول الصديقة.
أهمية استقدام الشركات الدولية لتطوير الحقول الحالية بعد تنفيذ بنود الاتفاق مع ” قسد” وعقد الاتفاقيات الجديدة في المياه الإقليمية مع تطوير مصافي التكرير وبناء محطات التوليد صغيرة الحجم بمؤازرة الدول الصديقة
وختم عربش بالقول: بالتالي يتم استحداث المديريات المتوافقة مع عمل الوزارة الجديد ضمن هيكل تنظيمي مستقر وواضح الصلاحيات وآليات تتبع القرارات والمحاسبة والتصويب، بالتوازي مع الشروع بتنفيذ برنامج تدريبي متطور ليتجاوز عمل كوادر الوزارة مفهوم الكفاية ويبلغ الكفاءة المطلوبة.