الحرية -رشا عيسى:
ترسمُ دمشق ملامح العلاقات الاقتصادية والاستثمارية مع الجوار والإقليم والعالم بصيغة معجّلة بما يُسهم في دعم عملية إعادة الإعمار وخلق فرص متنوعة، وتطوير البنية التحتية في لحظة تحولات كبيرة ربطاً بنتائج العمل الجاري على الصعيد الخارجي سياسياً واقتصادياً.
وتنطلق إلى الواجهة الشراكات الاستثمارية مع دمشق بحضور عربي ودولي يحمل ثقلاً مهماً لإنجاز هذه الشراكات بعد قرار رفع العقوبات الأميركية والأوروبية.
ورغم أننا لا نغفل أن الواقع المحلي مريض ببنية تحتية مهدمة، وببيئة قانونية ينقصها التحديث ما يحتاج عملاً داخلياً دؤوباً وشفافاً، إلا أن سوريا بموقعها ومواردها وثرواتها تشكل أيضا فرصاً استثمارية مهمة وجاذبة للمستثمرين ونقطة عبورٍ نحو المزيد من الفرص والأرباح.
نقطة تحول
وتشكل هذه الشراكات الاستثمارية نقطة التحول الاستراتيجي في سوريا كما يوضح الباحث في الشأن الاقتصادي والسياسي المهندس باسل كويفي ل ( الحرية)،
ومحوراً مهماً في مرحلة التعافي وإعادة الإعمار والتحول الاقتصادي الذي تشهده، بعد سنوات عجاف سببّها النظام السابق، ومن هذا المنظور تسعى دمشق إلى جذب استثمارات أجنبية ومحلية لإعادة بناء البنية التحتية، وتنشيط القطاعات الإنتاجية (كالزراعة، الطاقة، والخدمات)، ومع ذلك، فإن البيئة الاستثمارية لاتزال تواجه تحديات كبيرة، منها تعزيز الاستقرار و ضعف البنية التحتية التي أصاب التدمير والفساد معظم المنشآت الصناعية والخدمية فيها.
من هذه الرؤية يرى كويفي أن الشراكات الاستثمارية أضحت ضرورة بالاعتماد على شراكات مع حلفاء إقليميين ودوليين وعلى الأخص بعد رفع العقوبات الامريكية والأوروبية عن سوريا بجهود كبيرة من دمشق.
الاقتصاد الرقمي والخدمي
إن نقطة التحول الاستراتيجي في هذه السياسات كما يراها كويفي قد تشمل التوجه نحو الاقتصاد الرقمي والخدمي لتجاوز مشاكل البنية التحتية المادية، مع التركيز على القطاعات ذات الأولوية مثل حوامل الطاقة والمتجددة منها، والزراعة لتحقيق الأمن الغذائي والتي هي بحاجة أساسية لحوامل الطاقة، مع ما يرافق ذلك من إصلاحات تشريعية لجذب الاستثمار، والتكامل الاقتصادي الإقليمي مع دول الجوار عبر مشاريع نقل الطاقة أو الممرات التجارية.
تكامل الجهود
وقد تكاملت الجهود السياسية والدبلوماسية والحكومية والفنية والإدارية السورية في استثمار هذه التغييرات والمستجدات الإقليمية والدولية للشروع في تحقيق أهدافها التنموية والاقتصادية، فقد تم توقيع شراكات استثمارية كبيرة تساعد على النهوض وتعزيز الاقتصاد الوطني، وأهمها توقيع اتفاقية هي الأضخم في قطاع الكهرباء بقيمة 7 مليارات دولار لتعويض النقص وإنشاء محطات حرارية جديدة، فالقطاع الخاص شريك محوري في إعادة بناء الدول الخارجة من الأزمات، من خلال استثمارات طويلة الأجل في قطاعات حيوية.
وقبل الاتفاقية الأخيرة التي وصفت بالتاريخية، فقد تم توافق سوري _ تركي على مضاعفة الجهود لإكمال خط الغاز الواصل بين كلس وحلب لإمداد محطات التوليد بما يعادل 6 ملايين متر مكعب من الغاز يومياً، بالاضافة الى تسريع عملية الربط الكهربائي وتأهيل خط ال 400 الواصل بين سوريا وتركيا لوضعه في الخدمة بأسرع وقت ممكن.
تجاوز الأزمة
وبناء عليه، يؤكد كويفي أن سوريا الجديدة ستتجاوز أزمة حوامل الطاقة خلال فترة مقبولة، موضحاً ضرورة تعزيز منظومة الربط الكهربائي مع الدول العربية المجاورة وعلى الأخص الأردن، عبر تفعيل وتشغيل خط الغاز العربي والربط الكهربائي الذي سيعزز من موثوقية الأنظمة الكهربائية المرتبطة، ويحقق منافع فنية واقتصادية، ويساهم في السعي نحو تكامل البلدان العربية كمقدمة لسوق عربية مشتركة.
الاستقرار المستدام
وقد يكون الاستقرار المستدام وتعزيزه على الجغرافيا السورية هو حجر الأساس الذي من شأنه البدء في برامج اقتصادية واجتماعية مهمة قابلة للتنفيذ في تاريخ سوريا الجديد. ويسترجع كويفي تصريحات مبعوث الولايات المتحدة الأميركية إلى سوريا السفير توم باراك خلال لقائه الرئيس أحمد الشرع ضمن هذا السياق وقال:( بدأنا اليوم مرحلة جديدة من العلاقات القائمة على الاحترام مع دمشق، رؤية ترامب هي إعطاء فرصة للحكومة السورية دون تدخل، سنعمل على تشجيع التجارة في سوريا للتخلص من آثار العقوبات).و يعتقد كويفي أنها تمثل مؤشراً هاماً وفرصة حقيقية لإعادة صياغة مستقبل زاهر نظراً لرغبة الولايات المتحدة برفع علاقاتها مع سوريا، بما يعزز السلم والأمن الإقليمي والدولي، ويفتح الباب نحو استثمارات أميركية في عمليات إعادة الإعمار عبر شركائها الإقليميين كمرحلة أولى، ومباشرة كمرحلة قادمة.