الاتفاقيات الاستثمارية في سوريا: خطوة استراتيجية لإعادة بناء الاقتصاد الوطني

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية- باديه الونوس:

تمّ التوقيع مؤخراً على العديد من الاتفاقيات الاستثمارية في سوريا و وصفها أهل الشأن الاقتصادي بأنها نقلة نوعية في البنية التحتية والحياة الاقتصادية في البلاد”، وتأتي في إطار خطة أوسع لجذب الاستثمارات وتعزيز التنمية في مختلف القطاعات، تشمل مشاريع إستراتيجية ستسهم في تحفيز الاقتصاد الوطني وإعادة بناء ما دمرته الحرب.
وفي هذا السياق يؤكد الدكتور إبراهيم نافع قوشجي – الخبير الاقتصادي والمصرفي أهمية توقيع هذه الاتفاقيات الاستثمارية في سوريا بقيمة إجمالية تُقدّر بـ 14 مليار دولار، وشملت قطاعات النقل، الإسكان، والسياحة، موزعة على عشر محافظات، لا تمثل مجرد مشاريع إنشائية، بل تشكّل نقطة انعطاف إستراتيجية في مسار التعافي الاقتصادي والتحول الهيكلي بعد سنوات من الحرب وفق توصيفه.
وتشمل بنية الاستثمارات: من البنية التحتية إلى البنية الاقتصادية، لافتاً إلى أن المشاريع الموقّعة ليست مجرد استثمارات رأسمالية، بل أدوات لإعادة تشكيل الاقتصاد السوري على أسس أكثر كفاءة تنوعاً:
– مطار دمشق الدولي (4 مليارات دولار): يعزز الربط الدولي ويضع سوريا على خارطة النقل الجوي الإقليمي.
– مترو دمشق (2 مليار دولار): يخفف الازدحام ويزيد الإنتاجية الحضرية، ما ينعكس مباشرة على جودة الحياة.
– أبراج دمشق وأبراج البرامكة (2.5 مليار دولار): تعكس نهضة عمرانية وتستقطب رؤوس الأموال العقارية.
– مجمع البرامكة التجاري (60 مليار ليرة سورية): ينشّط الحركة التجارية ويخلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة.
– مشاريع المحافظات الأخرى: من حمص إلى طرطوس، توزّع جغرافي مدروس يهدف إلى تنمية متوازنة وتخفيف التركز الاقتصادي.

الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية

وأضاف الباحث الاقتصادي قوشجي: إن هذه الاتفاقيات تحمل في طياتها آثاراً متعددة على الاقتصاد الكلي والمواطن السوري منها:
تأمين فرص العمل لأكثر من 200 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، ما يرفع معدلات التشغيل ويقلل البطالة. ويحسن الدخل والمعيشة وارتفاع الرواتب والأجور نتيجة زيادة الطلب على عناصر الإنتاج، ما ينعكس إيجاباً على مستوى المعيشة.

دفعة قوية لدرجة رأس المال

والنقطة الأهم لهذا الحدث الاقتصادي هي أن ضخ رأس المال من خلال هذه الاستثمارات المُعلنة والتي تعادل نحو 33% من الناتج المحلي الإجمالي، يُعد دفعة قوية لدورة رأس المال الوطني. وانتشار المشاريع في عشر محافظات تعكس توجهاً نحو العدالة التنموية وتقليص الفجوات الجغرافية. إضافة للتوزع القطاعي يوجِد قاعدة اقتصادية متعددة المحاور، ويقلل من هشاشة الاقتصاد السوري أمام الصدمات.

من الاستثمار إلى التحول الهيكلي

الاتفاقيات الموقعة تمثل أكثر من مجرد مشاريع.. إنها أدوات لإعادة بناء البنية التحتية الوطنية وتعزيز القدرة الإنتاجية بصورة حضارية متطورة. عبر نماذج الشراكة مع القطاع الخاص وتأسيس مجالس أعمال مشتركة (مثل المجلس السوري-التركي)، تُفتح آفاق جديدة أمام رؤوس الأموال المحلية والأجنبية. ولضمان الأثر المستدام وفق الباحث الاقتصادي والمصرفية قوشجي أنه لا بدّ من العمل على عدة محاور منها :
ـ تطوير البيئة المؤسسية وتسريع آليات التنفيذ.
ـ تحديث الإطار التشريعي بما يواكب احتياجات المستثمرين.
ـ مواءمة المشاريع مع سياسات وطنية تُركز على التعافي والنمو طويل الأمد.

وبين أنه إذا تم تنفيذ هذه المشاريع وفق معايير الكفاءة والشفافية، فإنها قد تشكّل رافعة حقيقية لإعادة تشكيل المشهد الاقتصادي السوري، وتعزيز الاستقرار الاجتماعي، وتحقيق نقلة نوعية نحو نموذج اقتصادي قائم على الشراكة، التنويع، والتنمية المستدامة.

Leave a Comment
آخر الأخبار