بقلم: يسرى المصري
ما بين الحب والجفاء أميال ضوئية قطعها الرئيس السوري أحمد الشرع بابتسامة واثقة, بانياً جسراً إلى العالم بالتفكير السليم والتخطيط الرشيد والكلام الفصيح ومراهناً على الصدق والمحبة والسلام في تمتين الأواصر ووصل ما انقطع.. ولعل تصريحات الرئيس ترامب بعد اللقاء تعكس بشفافية نجاح وشرعية الرئيس أحمد الشرع في قيادة سوريا الجديدة باقتدار وثقة نحو الازدهار والنهضة والتنمية والرفاهية.
رئيس الولايات المتحدة الأمريكية تحدث بعد اللقاء مع وسائل إعلام وصحفيين، معبّراً عن تناغم وتفاخر ودعم للقيادة الجديدة: “توصلت إلى اتفاق مع الرئيس الشرع، إنه قائد قوي جداً، يأتي من مكان قاسٍ، وهو رجل صلب، لقد أعجبني، وأنا أتناغم معه، إنه الرئيس الجديد لسوريا، ولدي ثقة بأن الرئيس الشرع سيتمكن من أداء المهمة بكل تأكيد، وسنفعل كل ما في وسعنا لجعل سوريا ناجحة، لأنها جزء من الشرق الأوسط، ولدينا الآن سلام في الشرق الأوسط”.
تأتي التصريحات الأمريكية لتؤكد أن سوريا جزء كبير ومهم جداً من الشرق الأوسط، وينظر إليها بإيجابية واحترام: “إذا نظرنا إلى سوريا عبر السنوات، فسنجد أنها كانت تضم الأطباء والمحامين والعديد من العقول اللامعة، إنها مكان رائع بشعب عظيم، ونريد أن نراها ناجحة إلى جانب بقية الشرق الأوسط ”
ويمكن القول، إن اللقاء فتح الأبواب نحو تحوّل في المسار السياسي الدبلوماسي والاقتصادي لسوريا، في إطار تحوّلات سياسية كبرى شهدتها سوريا بعد سقوط نظام الأسد نهاية عام 2024.
القضايا الجوهرية التي تناولها اللقاء تمثلت برفع العقوبات المتبقية ولاسيما المتعلقة بقانون قيصر لمدة 180 يوماً وإمكانية إلغائها بشكل كامل، وإعادة الإعمار، ومكافحة الإرهاب، والتي تشكّل في مجملها عوامل حاسمة لإحياء الاقتصاد السوري المنهك بعد سنوات من الحرب والعقوبات الدولية.
وتعد عملية إعادة الإعمار أحد أهم المحاور الأساسية التي ناقشها الرئيس الشرع خلال لقائه مع ترامب، وتمثل فرصة تاريخية لإنعاش الاقتصاد السوري من خلال توفير إمكانية الوصول إلى مصادر التمويل الدولية التي كانت مغلقة سابقاً، وكانت الحكومة السورية باشرت فعلياً بإجراءات التمكين لتمويل إعادة الإعمار من خلال خزانة الدولة الحالية والمساعدات الإقليمية والاستثمارات الجديدة، وكذلك الجهود الرامية إلى فك تجميد الأصول السورية الموجودة حالياً في الخارج. ومن النتائج الإيجابية للقاء بين ترامب والشرع سيكون الانفتاح الاقتصادي الدولي، ورغم أن الطريق نحو التعافي الاقتصادي الكامل لا يزال طويلاً وشاقاً، فإن القرار الأمريكي برفع العقوبات سيحدث نقلة نوعية في البيئة الاقتصادية السورية.
الطموح السوري الذي يرافقه التخطيط والعمل والحكم الرشيد قادر على أن يحقق النجاح والاستفادة القصوى من هذه الفرصة التاريخية بوجود الدعم الدولي والقدرة على جذب الاستثمارات الكافية لدعم عملية إعادة الإعمار. ويمكن لسوريا أن تُعيد بناء اقتصادها وتستعيد مكانتها في المحيط الإقليمي والدولي، بما يحقق نقلة اقتصادية نوعية للسوريين بعد سنوات من المعاناة. وتعد من أبرز مجالات الاستثمار والفرص أمام الشركات الأمريكية مشاريع إعادة بناء البنية التحتية، وتطوير الطاقة، وتشييد المصانع (مثل مصانع الإسمنت)، وتطوير الموانئ. تحتاج إلى استثمارات ضخمة، مع تقديرات تصل إلى 400-600 مليار دولار.
أضف إلى صفقات كبرى لإعادة إعمار قطاع الطاقة، مثل الصفقة البالغة 7 مليارات دولار مع قطر وهذا يتطلب استثماراً رأسمالياً كبيراً وخبرة تقنية متقدمة.
وتحت دائرة الضوء.. الخدمات المالية والمصرفية لإعادة ربط القطاع المصرفي السوري بالنظام المالي العالمي، وإعادة العلاقات المصرفية الدولية.
وتعد التكنولوجيا والرقمنة ونقل التكنولوجيا، وتطوير البنية التحتية للاتصالات (4G/5G)، والذكاء الاصطناعي، والعملات المشفرة، وسلسلة الكتل من الاستثمارات الواعدة في سوريا مع توافر قوة عاملة شابة يمكن تدريبها على هذه التقنيات.
ويبدو أن تأسيس مجلس الأعمال الأمريكي- السوري وإنشاء “المجلس التجاري الأمريكي- السوري” في واشنطن العاصمة كجمعية تجارية غير ربحية تأتي في هذا السياق لتسريع التبادل التجاري والاستثمار بين البلدين.
ويتفق الجميع أن الآثار الإيجابية لاجتماع الشرع وترامب في البيت الأبيض أثمرت منذ اللحظات الأولى عبر التواصل المباشر مع مجتمع الأعمال لفتح آفاق شراكات قوية ومستدامة والاستفادة من الفرص الاقتصادية الكبيرة التي توفرها سوريا لمستثمريها المحليين والدوليين.