الحرية – نهلة أبو تك:
شهدت محافظة اللاذقية اليوم مشاركة شعبية واسعة في المسيرات التي انطلقت ضمن احتفالات ذكرى “ردع العدوان”، حيث تجمع آلاف المواطنين في ساحات المدينة الرئيسية للتأكيد على رفضهم القاطع لأي دعوات انفصالية أو مشاريع تستهدف وحدة البلاد.
وتميّزت الفعالية بحضور مختلف الفئات الاجتماعية والمهنية، في مشهد عكس انسجاماً واضحاً بين مكوّنات المجتمع السوري، وسط لافتات رفعت شعارات تؤكد أن سوريا وطن لجميع أبنائها، وأن أي محاولة لتقسيمها ستُواجَه بإرادة شعبية رافضة.
رسائل واضحة: لا مكان للفرقة
أظهرت الشعارات والمشاركات أن جوهر الرسالة يتمثل في التمسك بالوحدة الوطنية كخيار جمعي.
وعبّر المشاركون عن أن التحديات الراهنة، سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية، تطول السوريين جميعاً دون تمييز، ما يجعل تعزيز التضامن بين مكوّنات المجتمع ضرورة لا خياراً.
كما ركّزت اللافتات على ضرورة نبذ الخطاب الطائفي، باعتبار أن الانتماء الديني أو المذهبي يجب أن يكون حافزاً للتسامح والإنسانية، لا مدخلاً للفرقة، وبرز شعار: كن إنساناً ومواطناً سورياً أولاً بشكل لافت بين المشاركين.

وفي حديثه لـ”الحرية”، أكد تيسير محمد، موظف من أبناء اللاذقية، أن الحضور الشعبي لم يكن إلا رد فعل طبيعياً على محاولات تقديم خطاب تقسيمي في بعض المنصات، مضيفاً: “الناس تشعر أن مسؤولية حماية وحدة البلاد تقع على الجميع، وليس فقط على المؤسسات، والحضور اليوم يعكس قناعة عامة بأن سوريا تواجه مرحلة تتطلب التمسك بوحدة الأرض والشعب أكثر من أي وقت مضى”.
وأشار إلى أن الفعالية شكّلت تأكيداً على أن الانتماء الوطني ما زال هو القاسم المشترك الأكبر بين السوريين.
أما سوسن سمية، ربة منزل فشاركت مع أفراد أسرتها، فقالت لـ”الحرية”:
“حضوري اليوم هو تعبير عن قناعتي بأن العيش المشترك في اللاذقية لم يكن يوماً شعاراً فقط، بل ممارسة يومية. نحن نعيش معاً، ونعمل معاً، ونجتاز الصعوبات ذاتها. لذلك لا نقبل أي خطاب يدعو إلى فصل السوريين عن بعضهم.”
وأضافت إن مشاركة النساء كانت لافتة، لأن الأمهات يشعرن أن وحدة البلاد هي أول ما يحمي مستقبل أبنائهن.
من جانبه، رأى المهندس ممدوح الأغا أن الرسالة الأوضح في المسيرة هي أن الشارع السوري بات يميّز بين حرية التعبير المشروعة وبين الخطابات التي تستهدف تهيئة بيئة مناسبة للتقسيم أو التحريض الطائفي.
وقال لـ”الحرية”: “ما جرى اليوم يعكس إدراكاً جمعياً بأن أي مشروع تقسيمي يبدأ بتغيير المزاج العام، ولذلك خرج الناس ليؤكدوا أن المزاج ما زال وطنياً خالصاً. وحدة سوريا ليست شعاراً سياسياً، بل مسؤولية مجتمعية.
اللاذقية.. موقف واحد في لحظة مفصلية
وبدا واضحاً أن مشاركة اللاذقية في ذكرى “ردع العدوان” لم تكن مجرد احتفال رسمي، بل كانت موقفاً سياسياً وشعبياً متماسكاً في لحظة وصفها كثيرون بأنها حساسة وتحمل مؤشرات تتطلب المزيد من الحذر، لتقدّم المدينة عبر هذه المسيرات رسالة واضحة المعالم:
سوريا دولة واحدة، بكل مدنها وقراها وطوائفها ومكوناتها… وأي محاولة للمساس بهذه الحقيقة ستُواجَه بإجماع شعبي رافض.