الحرية – مها سلطان:
لن تكون مدينة جرمانا، ولا في أي وقت، ممراً للعدو الإسرائيلي، أو أي عدو، ولن يكون أهلها إلا كما كل أهل الوطن، سوريين وطنيين، أحراراً، قولاً وفعلاً، وهذا ما أثبته أهل جرمانا ليقطعوا سريعاً طريق الفتنة، ويغلقوا الباب في وجه كل استثمار خارجي، من أي طرف كان.. وليوجهوا رسالة مباشرة للعدو الإسرائيلي بأن سوريا وحدة جغرافية وديمغرافية، قوتها بجميع مكوناتها، عصيَة على الفتنة وإن ظن البعض، أو توهم، بأنه من الممكن أن تجد هذه الفتنة طريقها إلى السوريين عبر أحد مكوناتهم.. وإن كان العدو الإسرائيلي يتصيّد أي فرصة لتحقيق اختراق وتهديد الأمن الكلي لسوريا وأهلها، فإن رسالة أهل جرمانا هي رسالة كل السوريين.
لا شك أن لدى السوريين هواجس أمنية لا تتوقف، وهم في مرحلة بناء دولة جديدة، ولا شك أنهم مع كل حدث أمني يضعون أيديهم على قلوبهم، ليس خوفاً من حدث أمني هنا وهناك، فالقيادة السورية الجديدة قادرة دائماً على التعامل معها واحتوائها واستعادة الأمن للمناطق وأهلها، بل لأن كثيراً من الأطراف في الخارج تتربص بسوريا وتتحيّن الفرص للتدخل وليكون لها دور مسيطر على الساحة السورية السياسية، وحتى الجغرافية.. لذلك فإن هواجس السوريين ومخاوفهم لها ما يبررها.
أهل جرمانا، وجدوا أنفسهم في قلب الأحداث الأمنية، وجهاً لوجه، وليس في قلب مخاوفها فقط، وكان لا بد أن يكونوا على قدر التحدي الأهلي داخل مدينتهم، والتحدي الوطني، وكانوا كذلك. أصدروا بياناً أكدوا فيه رفضهم القاطع لتصريحات العدو الإسرائيلي، مشددين على وحدتهم الوطنية ورفضهم لأي تدخلات خارجية في شؤونهم. مدينتهم جزء من التراب الوطني السوري، مرجعيتها الدولة، أمنهم من أمنها، مصيرهم من مصيرها، هي الضامنة وهي الحامية، وأنهم مع جميع السوريين يداً واحدة بمواجهة كل التحديات، وعلى رأسها الأمنية، من أجل إسقاط كل محاولات الهيمنة، وإغلاق الباب أمام العدو الإسرائيلي لاستغلالهم في سياق الاعتداءات والضغوط التي يمارسها على الدولة السورية في سبيل إضعافها، وتفكيك قواسمها الوطنية، وهو الذي يجاهر بمخططاته الرامية إلى تقسيم البلاد والعباد.
النقطة الأهم في بيان أهل جرمانا هي تأكيدهم بأن سوريا ليست أجزاء ديمغرافية، بمعنى أنهم لن يسمحوا لأي أحد أن يضعهم في «دائرة الأقليات» عندما يكون الوطن مُهدداً. هم ليسوا قلة عندما يستدعيهم الواجب الوطني، بل هم كل سوريا، كل السوريين، إذا ما كان العدو يسعى لتمرير مخططاته التدميرية عبرهم أو عبر مناطقهم.
جرمانا وأهلها يسقطون ذرائع المحتل الإسرائيلي.. سوريون تحت سقف الدولة هي الضامنة وهي الحامية
اليوم أعاد أهل جرمانا مع القوات الأمنية، متعاونين يداً بيد، الهدوء والأمان لمدينتهم، وهذه هي الرسالة المباشرة الثانية للعدو الإسرائيلي. رسالة عنوانها ومضمونها أن السورين يقظون، متحفزون، متأهبون، وقادرون على مواجهة التحديات، وهي تحديات كانوا يتوقعونها، ويتحضّرون لها، ويعلمون أنها لن تنتهي بين ليلة وضحاها، وأنها قد تمتد لبعض الوقت، وأن العدو الإسرائيلي سيسعى لاستغلالها.. لذلك هم يقظون ومتأهبون، وردهم في كل مرة سيكون جازماً حاسماً قاطعاً.