الحرية_ رشا عيسى:
تعود سوريا إلى قلب الحوار العالمي في قمة الأمم المتحدة للمناخ ” COP30″ في بليم بالبرازيل، وذلك بعد سنوات من الغياب القسري.
ويترأس السيد الرئيس أحمد الشرع الوفد السوري إلى بليم، ليمثل هذا الظهور الأول من نوعه لرئيس سوري على منصة الأمم المتحدة البيئية منذ ثلاثة عقود، وأول زيارة رئاسية سوريّة لأمريكا الجنوبية، ما يؤذن بمسار جديد يربط بين الفرات والأمازون، في رسالة سورية أن العدالة البيئية ليست رفاهية، بل ضرورة تعويضية.
من دمار الحرب إلى نهضة التعافي
وفي قلب غابة الأمازون، حيث يلتقي نبض الأرض بصوت الشعوب، تنطلق ” COP30″ لتكون أكثر من مجرد مؤتمر مناخي، إنها لحظة تاريخية تعيد سوريا إلى قلب الخريطة العالمية بعد, ولأول مرة منذ ثلاثة عقود، يلقي الرئيس الشرع خطاباً على منصة الأمم المتحدة البيئية، لن يكون التركيز فيه فقط على شرح قصة بلد عانى الجفاف والحرب معاً، بل ليرسم مساراً جديداً يربط بين الفرات والأمازون في شراكة خضراء غير مسبوقة كما يؤكد الخبير في السياسات الاستراتيجية والاقتصادية والإدارية الدكتور هشام خياط لـ( الحرية) .
زيارة دبلوماسية غير عادية
ويرى خياط أن هذه الزيارة ليست زيارة دبلوماسية عادية، بل إنها أول خطوة رئاسية سورية نحو أمريكا الجنوبية، وأول خطاب سوري في سلسلة( COP )منذ انطلاقتها.
و يحمل الرئيس الشرع معه ملفاً ثقيلاً: سوريا التي خسرت نصف أراضيها الزراعية، وثلثي أنهارها تلوثاً، وغاباتها احترقت في لهيب الحرب قبل أن يجففها المناخ. لكنه يحمل أيضاً رؤية: أن تتحول سوريا من ضحية مزدوجة – حرب وتغير مناخي – إلى نموذج للنهضة البيئية.
الأمازون مرآة للعدالة البيئية
الأمازون ليست مجرد خلفية ، بل إنها مرآة، كما يهدد حرق الغابات هناك حياة الملايين، فإن تلوث الفرات وجفاف السهول السورية يهددان مستقبل شعب بأكمله، لكن الفرق أن سوريا لم تخسر غاباتها بسبب الانبعاثات الصناعية التاريخية للغرب فحسب، بل بسبب حرب مدمرة استمرت أكثر من عقد، وهنا تكمن قوة الرسالة السورية: العدالة البيئية ليست رفاهية، بل ضرورة تعويضية.
رؤية سوريا في “COP30”
يوضح خياط أنه في “COP30″، لن تطلب سوريا الصدقة, بل ستطالب بحقها في صندوق “الخسائر والأضرار”، وبالتمويل الأخضر الذي يُمنح للدول النامية، وبالشراكات التكنولوجية التي تحول الدمار إلى فرصةويضيف: تخيلوا مزارع سوريّة تستخدم تقنيات برازيلية للزراعة المقاومة للجفاف، أو مشاريع طاقة شمسية على ضفاف الفرات تمولها استثمارات لاتينية، أو برامج إعادة تشجير تربط بين غابات الأمازون والجبال السورية هذه ليست أحلاماً، بل خطط وطنية للتكيف تتماشى مع هدف حصر الاحترار عند 1.5 درجة مئوية – وتجاوزه إلى بناء نموذج تنموي جديد.
الأبعاد السياسية والاقتصادية
ويرى خياط أن الأبعاد السياسية والاقتصادية تتقدم في هذه اللحظة، والمشاركة تعيد الشرعية، و تفتح الأبواب، و تجذب الاستثمارات، وتكسر آخر جدران العزلة، لكن هذا لا يقلل من جوهر الرسالة البيئية، فالسياسة هنا أداة، والاقتصاد وقود، والمناخ الهدف، سوريا لا تطلب مقعداً على الطاولة فحسب، بل تسعى لبناء طاولة جديدة – طاولة العدالة البيئية التي تربط ضحايا الحروب بضحايا المناخ، وتحول الدمار إلى نهضة.
العودة إلى سوريا
ويؤكد خياط أنه عندما يعود الرئيس الشرع من بليم، لن يحمل معه صوراً تذكارية فحسب، بل التزامات مالية، وشراكات تقنية، ورؤية مشتركة مع البرازيل ودول الجنوب، سيعود ببذرة يمكن أن تنمو إلى غابة – غابة سورية جديدة، ليست فقط خضراء، بل عادلة ومستدامة ومفتخرة بأنها تحولت من رماد الحرب إلى رمز للتعافي العالمي.
ويختم خياط بالقول : هذه ليست نهاية قصة سوريا مع المناخ، إنها بداية فصل جديد عنوانه: من دمار الحرب إلى نهضة التعافي. سوريا في قلب الأمازون، من دمار الحرب إلى نهضة التعافي، تعلن عن نفسها كشريك عالمي في المعركة ضد التغير المناخي، وتستعد لبناء مستقبل أفضل لكل من شعبها ومنطقة الأمازون.
ويشار إلى أن المؤتمر الثلاثين للأمم المتحدة بشأن المناخ ينعقد في الفترة من 6 إلى 21 تشرين الثاني/2025 في بليم، البرازيل، وسيجمع قادة العالم والعلماء والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني لمناقشة الإجراءات ذات الأولوية للتصدي لتغير المناخ.