الحرية– محمد زكريا:
كما يحلو لمصنّعي المنظفات والصابون والمعقّمات أن يصنفوا صناعتهم ضمن الصناعات الأصيلة والعريقة في سوريا، فهي قائمة منذ عقود من الزمن، حتى أصبحت سوريا منذ سنوات بعيدة مركزاً رئيسياً لتصدير منتجات هذه الصناعة إلى دول العالم العربي.
ورغم دخول التصنيع الحديث المتوالي لهذه الصناعة، إلا أنها حافظت على التصنيع التقليدي، الذي لا يزال مستمراً، وظهرت العديد من الشركات الصناعية في هذا المجال التي تمكنت من تقديم إنتاج متميز، سواء لمنتجات وطنية أو منتجات صنعت بموجب امتياز من شركات عالمية.
بالتأكيد هذه الصناعة تتشابه في تحدياتها وصعوباتها مع بقية الصناعات الأخرى لجهة ارتفاع تكاليف حوامل الطاقة وتقلبات سعر الصرف وارتفاع أجور النقل إلى غير ذلك. والمخيف في الأمر أن هذه الصناعة بدأت بالتراجع الشديد نتيجة هذه التحديات، ولاسيما بعد أن وصلت مساهمة هذا القطاع في التجارة الخارجية في العام 2010 إلى 3.4% من إجمالي الصادرات السورية، وبقيمة تجاوزت 385 مليون دولار، في حين وصلت المساهمة خلال العامين الماضيين إلى حوالي 1.8 % من إجمالي الصادرات السورية، بقيمة تقارب 12 مليون دولار فقط، وبالتالي هذا مؤشر واضح على التراجع لهذه الصناعة، وانحسار القدرة التنافسية لجهة جودة المنتج السوري ودخول المنتج التركي وغيره إلى الأسواق المحلية بديلاً عنه، كل ذلك أدى بالنتيجة إلى هذا التراجع.
وحسب عضو غرفة صناعة دمشق وريفها محمود المفتي، فإن جملة من التحديات ساهمت أيضاً بتراجع هذه الصناعة، منها تغير هيكل الكلفة، فحوامل الطاقة أصبحت تشكل أكثر من 10% من إجمالي الكلفة مقارنة بـ 5% قبل 10 سنوات فقط، إضافة إلى الارتفاعات الكبيرة في الكلفة، وهي ناتجة عن تراجع البنية التحتية الصناعية مثل الكهرباء والنقل، الأمر الذي يرتب على الصناعي كلفاً إضافية، إلى جانب تحديات تتعلق باستمرار مستلزمات الصناعة من مواد أولية ومواد مساعدة. وبيّن المفتي لصحيفة الحرية وجود ضعف في مواكبة تطور المواصفات، وضرورة الانتقال إلى تحديث المواصفة السورية لهذه الصناعة، بحيث تصبح المواصفة حرة وليست مقيدة، أسوة بدول الجوار، الأمر الذي يجعل المنتج السوري يستعيد عافيته ودخوله إلى الأسواق الخارجية.
وأشار إلى ضرورة جعل الرقابة على هذه المنتجات من صلاحيات هيئة المواصفات والمقاييس، منوهاً بسوء المنتجات المسربة الى الأسواق المحلية، وبالتالي يجب العمل على ضبط وتحليل المنتجات الجاهزة المستوردة لبيان مطابقتها للمواصفة القياسية السورية، والسماح بالدخول فقط للمنتجات التي تطابق المواصفة.