ماذا بعد رفض ميليشيات الهجري خارطة الحل الثلاثية.. وأي بدائل؟

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية – مها سلطان:
مع إعلان خارطة طريق لحل الأزمة في السويداء، عاد السؤال نفسه يتردد حول ما إذا كانت جهود الدولة المتواصلة في سبيل الحل ستلقى- هذه المرة- رد فعل إيجابياً ومتعاوناً من قبل دعاة الانفصال والتقسيم في المحافظة.
وقد سبق إعلان خارطة الطريق هذه نوع من التفاؤل وخصوصاً بعد فتح طريق دمشق- السويداء مطلع الشهر الماضي وبدء قوافل المساعدات بالوصول إلى أهالي السويداء، حيث بدت احتمالات الحل أوسع، ومسنودة بتطورات عملية من قبل الدولة تثبت حسن النيات والأهداف على قاعدة الوحدة واللحمة الوطنية.
لكن الرد جاء معاكساً للتفاؤل القائم مع إعلان دعاة الانفصال والتقسيم، الذين يتزعمهم الشيخ حكمت الهجري، رفضهم خارطة الطريق التي أعلنت أمس بعد اجتماع ثلاثي في دمشق ضم وزير الخارجية أسعد الشيباني ونظيره الأردني أيمن الصفدي والمبعوث الأمريكي الخاص توماس باراك.
أبرز ما جاء في الرد الرافض لخريطة الطريق، وبصورة مستغربة وبشكل لا يمكن فهمه إلا في إطار النيات الانفصالية المُبيتة.. أن «أبناء السويداء هم من يقررون مصيرهم»، وكأنهم في دولة أخرى لا علاقة لهم بسوريا والسوريين، وكأن الدولة ليست مرجعية لكل السوريين، أو لنقل سوريا الوطن ليست مرجعية لكل السوريين في كل مكان وزمان، أليس هذا ديدن الدول في كل مكان حول العالم، وهو أن تكون الدولة المرجعية في الأمن والاستقرار والسيادة والضمانة النهائية؟.
– أن يتم الرفض على أساس «تقرير المصير» فهذا يفضح عملياً تلك النيات الانفصالية المُبيتة، على قاعدة التعامل مع السويداء وكأنها منطقة مختلف عليها/ متنازع عليها بين دولتين، وبالتالي يتم طلب الحل على أساس تقرير المصير، هل هذا هو الرد الوطني المطلوب، وبما يحقق للأهالي الأمان والاستقرار؟
أما بخصوص الجزئية المتعلقة بتقرير المصير بعيداً عن «بيانات في دمشق» أو التفاهمات الخارجية (في بيان الرفض الصادر عما يسمّى اللجنة القانونية العليا في السويداء) فهذه تعد الأخطر، إذا كان ظاهرها يعكس فعلياً باطنها، فإذا كانت ميليشيات الهجري تطلب تفاهمات بعيداً عن دمشق وعن الدعم والوساطات الخارجية، فما هو المطلوب بالضبط للحل في السويداء؟.. بمعنى ماذا تطلب هذه الميليشيات في سبيل الحل؟ وإذا كانت لا تريد دمشق، أي لا تريد الدولة، فأي جهات تريد ومع من تريد الاتفاق بعيداً عن دمشق؟
هذا ما لا يتم توضيحه من قبل ميليشيات الهجري.
أما ما يتعلق بـ«عقود التهميش والحرمان والإقصاء كأسباب وجيهة للمطالبة بتقرير المصير» الواردة في بيان الرفض، فهذا يتحمله النظام السابق، وليس الدولة السورية الجديدة، والمفترض هنا إعطاء الفرص وفتح السبل باتجاه الحلول وليس إغلاقها على تعنت وتبجح، في آن، والمجاهرة بأن «الانفصال هو الخيار الأخير المتاح لضمن أمن وكرامة ووجود أبناء السويداء» وفق ما جاء في بيان الرفض.
ورغم أن الدولة «تأكيداً منها على الشفافية والثقة» اعترفت غير مرة بأن الانتهاكات التي حدثت في السويداء- خلال الاشتباكات التي وقعت منتصف تموز الماضي- تمت من قبل جميع الأطراف وتعهدت بالمحاسبة (حتى التقارير ولجان التحقيق توصلت إلى هذه النتيجة) إلا أن ميليشيات الهجري اعتبرت نفسها بريئة كلياً، الوحيدة البريئة.
– وعليه تطالب بتجاهل مئات القتلى الذين سقطوا من قوات الأمن والعشائر، والتهجير الكبير الذي لا تزال تعاني منه مكونات المحافظة الأخرى من غير المكون الدرزي (مع الاعتذار سلفاً عن استخدام كلمات مذهبية لا تتوافق نهائياً مع سوريتنا ومع صحيفتنا كجهة وطنية مسؤولة على قاعدة الوحدة واللحمة الوطنية). هؤلاء الضحايا والتهجير تم على يد ميليشيات الهجري، وهذا ما لا يمكن تجاهله في سياق المساءلة والمحاسبة، وعندما تتحدث ميليشيا الهجري عن انعدام الثقة بالقضاء الوطني، فإن انعدام الثقة (في حال سلمنا جدلاً به) فهو يشملها أيضاً وبصورة أساسية، باعتبارها المسؤولة كلياً عن تفاقم مسار التطورات باتجاهات كارثية، فيما انصبت جهود الدولة على تحقيق الحل، مستعينة بدعم عربي وإقليمي، ورعاية أمريكية، للرد على ادعاءات ميليشيات الهجري، والتأكيد على صدق نياتها وتوجهاتها، فإذا كانت الثقة معدومة، فهناك الأردن، وهناك الراعي الأمريكي، اللذان يضمنان الاتفاق والتنفيذ. ولكن عندما تكون الأهداف مُبيتة باتجاه الانفصال والتقسيم فلن تنفع الاتفاقات ولا رعاتها.

الاجتماع الثلاثي في دمشق أمس لم يكن الأول من نوعه بل هو الثالث في سلسلة الاجتماعات حول الحل في السويداء، في 12 آب الماضي، وفي 19 تموز الماضي، وكلا الاجتماعين كانا في العاصمة الأردنية عمان، وصدر عنهما خطط للحل، ولكن أياً منها لم يأخذ طريقة للتنفيذ بسبب ميليشيات الهجري.. وعليه يتم طرح السؤال حول ما إذا كان الرفض الذي أعلنته ميليشيات الهجري سيسقط خريطة الحل الصادرة عن الاجتماع، علماً أن هذه الخارطة وصفت بأنها غير مسبوقة باعتبارها متكاملة الأركان بخطوات محددة واضحة ووفق القواعد الوطنية الجامعة لكل السوريين.
بكل الأحوال، ربما علينا الانتظار قليلاً، فلا نحكم عاجلاً على فرص النجاح والفشل.. لننتظر ونرَ.

Leave a Comment
آخر الأخبار