الحرية – دينا الحمد:
لم يأت قرار مجلس الأمن الدولي رفع اسم السيد الرئيس أحمد الشرع ووزير الداخلية أنس خطاب من قوائم العقوبات من فراغ، بل جاء نتيجة طبيعية لعوامل عديدة، أولها وفي مقدمتها أن العالم رأى بالوقائع الملموسة أن القيادة السورية حققت الكثير من الخطوات الخاصة بتحقيق الاستقرار المحلي والإقليمي، والبحث عن كل ما يمكن أن يوصل المنطقة للسلام العادل في المنطقة، وتصفير المشاكل مع محيط سوريا والعالم، والعمل بكل ما بوسع دمشق لمحاربة التطرف والإرهاب، وإعادة الإعمار وفتح آفاق التنمية، وقبل كل هذا وذاك إدراك الأقطاب الدولية أن العقوبات أساسا ووضع أسماء الكثير من السوريين الذين ناضلوا ضد نظام الأسد البائد لم تكن إلا قرارات سياسية غير منصفة لها ظروفها وتوقيتها وأهدافها التي يعرفها الجميع.
والواقع فإن تصويت مجلس الأمن على القرار المذكور يعد إنجازاً جديداً يضاف لنجاحات الدبلوماسية السورية، ويؤكد على أن واشنطن التي تمسك بخيوط السياسة الدولية مقتنعة بخياراتها في استقرار سوريا ودعمها لإنجاز التعافي لما فيه مصلحة المنطقة والعالم وأمنيهما، والدليل على ذلك أن جلسة مجلس الأمن الدولي الطارئة الخميس، دعت لها البعثة الأميركية تحديداً، وتم فيها رفع اسم الرئيس ووزير الداخلية من قوائم العقوبات.
ومن يقرأ تفاصيل قرون الاستشعار الدولية في هذه المرحلة يدرك تماماً أن الغرب ورأسه الأميركي ماضون في هذا الخيار، والأدلة أكثر من أن تحصى، فمن طي صفحة قانون “قيصر” ورفع كامل العقوبات عن كاهل السوريين، إلى توجه المنظمة الأممية إلى دعم رفع العقوبات عن الشعب السوري، لأن موجبات فرضها قد ذهبت مع سقوط النظام البائد من جهة أخرى، مروراً بقناعة حتى من كان يدعم النظام البائد بأنه آن الأوان لفتح صفحات جديدة مع سوريا تحقق مصالحهم ومصالح الشعب السوري بشكل كامل.
وعلى ذات المسار رأينا كيف تتجه دول عديدة، وأقطاب دولية متنوعة، على ضرورة وأهمية تحقيق الاستقرار والازدهار الاقتصادي في سوريا، وبينت أن العقوبات تعيق الاستثمار العاجل واللازم لاقتصاد سوريا، محذرة من خطر التقاعس عن العمل، ومؤكدة أن الوقت قد حان لفتح كل النوافذ لسوريا مستقرة وآمنة ولديها المناخ اللازم للبدء بالاستثمارات والتنمية وإعادة الإعمار.
وليس هذا فحسب بل كانت خطوات السياسة السورية الجديدة بعد التحرر من النظام البائد بإغلاق ملفات الأسلحة الكيميائية، وفتح ملفات العدالة الانتقالية، وغيرها الكثير من الخطوات دافعاً آخر على ترسيخ التيار الدولي الداعم لاستقرار سوريا والدفع لإلغاء العقوبات عن شعبها، ولاسيما أنها تقاطعت مع رؤية دمشق لضرورة خلو منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة الكيميائية، واتخاذ سوريا جملة من الخطوات لترسيخ رؤيتها تلك، فقدمت جميع التسهيلات الممكنة لإغلاق الملفات القديمة التي ورثتها البلاد من مراحل سابقة في عهد النظام البائد.
اليوم ومع تصويت مجلس الأمن على قراره المذكور سيلمس الجميع داخل سوريا وخارجها انعكاسات إيجابية له على مسارات عديدة تعيد الحياة في شرايين سوريا، ونهوضها بعد سنوات من الحصار والمعاناة والحرب الظالمة.