إعداد: وديع فايز الشماس:
في تحول مفاجئ في السياسة الأمريكية، أعلن الرئيس دونالد ترامب من الرياض عن رفع جميع العقوبات المفروضة على سوريا بوساطة سعودية وتركية، معتبراً أنه “حان وقت تألقهم. سنلغي جميع العقوبات” . هذا القرار يُعد نقطة تحول بعد أكثر من عقد من العقوبات التي أثقلت كاهل الاقتصاد السوري وأثرت بشكل مباشر على حياة المواطنين.
الواقع الاقتصادي قبل رفع العقوبات
عانى الاقتصاد السوري من انكماش حاد تجاوز 80% بين عامي 2010 و2023، وفقاً لتقديرات البنك الدولي، إذ تدهورت قيمة الليرة السورية بشكل كبير، حيث تجاوز سعر الصرف 20 ألف ليرة مقابل الدولار في السوق الموازية.
كما ارتفع معدل التضخم إلى أكثر من 120%، ما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتفاقم الأوضاع المعيشية للسكان، حيث يعيش 90% من السوريين تحت خط الفقر.
التأثيرات المتوقعة لرفع العقوبات:
1. تحسن قيمة العملة المحلية:
أعلن مصرف سوريا المركزي عن رفع قيمة الليرة لتصل إلى 11 ألف ليرة مقابل الدولار، بعدما كان السعر 12 ألفاً للدولار قبل يوم. وفي السوق السوداء انخفض سعر الدولار إلى ما دون 9000 ليرة ويتوقع الخبراء أن ترتفع قيمة الليرة السورية بنسبة 30% أمام الدولار خلال الأشهر الستة الأولى.
2. انخفاض معدل التضخم:
من المتوقع أن ينخفض معدل التضخم من 120% إلى نحو 60% خلال العام الأول لرفع العقوبات، وذلك بالتوازي مع فتح المعابر وعودة تدفق السلع الأساسية.
3. زيادة الناتج المحلي الإجمالي:
يشير الخبراء إلى أن رفع العقوبات يمكن أن يرفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تتراوح بين 5% إلى 7% خلال العام الأول، بسبب عودة التحويلات الخارجية التي تمثل نحو 18% من الاقتصاد السوري سابقاً، وعودة الاستيراد بشكل أكثر انسيابية.
4. فرص عمل جديدة:
رفع العقوبات يفتح المجال أمام مشاريع إعادة إعمار تقدر تكلفتها الإجمالية بأكثر من 400 مليار دولار، حسب البنك الدولي، وهو ما يمكن أن يولد 3 ملايين فرصة عمل خلال 10 سنوات.
التحديات والقيود المستمرة
1. الحاجة إلى إصلاحات داخلية:
لتحقيق استفادة كاملة من رفع العقوبات، تحتاج الحكومة السورية إلى تنفيذ إصلاحات اقتصادية وإدارية لتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد، ما يشجع على جذب الاستثمارات الأجنبية وتحسين بيئة الأعمال.
2. التحديات الإنسانية المستمرة:
على الرغم من التحسن المتوقع في الوضع الاقتصادي، فإن التحديات الإنسانية لا تزال قائمة، حيث يحتاج 16.5 مليون سوري إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية لتلبية احتياجاتهم الأساسية.
بين الأمل والواقع
يمثل رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا خطوة إيجابية نحو تحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطنين السوريين، من خلال تسهيل إعادة الإعمار وتعزيز فرص الاستثمار والتوظيف.
ومع ذلك، فإن الاستفادة الكاملة من هذه الخطوة تتطلب تنفيذ مواصلة الدعم الدولي لمعالجة التحديات الإنسانية المستمرة.