الحرية – لوريس عمران:
في خطوة وُصفت بأنها أكثر من رمزية، جاء قرار رفع العقوبات عن السيد الرئيس أحمد الشرع ووزير الداخلية أنس خطاب ليشكل نقطة تحول في المشهدين السياسي والاقتصادي السوري، فاتحاً الباب أمام مرحلة جديدة من الانفتاح الدولي وإعادة التموضع الاستثماري.
القرار، الذي يحمل في طياته أبعاداً استراتيجية تتجاوز الأسماء المعنية به، يقرأ على نطاق واسع كإشارة إلى تغيّر في المزاج الدولي تجاه سورية، واستعداد متزايد لإعادة دمجها في منظومة التعاون الإقليمي والدولي. فهل يشكّل هذا التطور بداية فعلية لمرحلة التعافي الاقتصادي؟.. وهل تنجح الدولة في تحويل هذه اللحظة إلى فرصة تاريخية لإعادة البناء والنهوض؟
وفي هذا السياق يرى الخبير الاقتصادي في جامعة اللاذقية الدكتور علي ميا أن هذا القرار يحمل دلالات استراتيجية عميقة، ويعكس إدراكاً متزايداً لدى المجتمع الدولي بأن استمرار العقوبات لفترات طويلة لم يعد يؤدي إلى تحقيق أهدافه، بل ساهم في تعميق الانكماش الاقتصادي وتفاقم الأزمات المعيشية.
وأضاف الدكتور ميا خلال حديثه لـ«الحرية»: إن رفع العقوبات عن شخصيات قيادية مثل الرئيس الشرع ووزير الداخلية خطاب يُعد إشارة قوية للمستثمرين مفادها أن البيئة الاقتصادية السورية بدأت تتسم بالاستقرار التدريجي والثقة المتزايدة، وأن الدولة مستعدة لاحتضان مشاريع تنموية حقيقية، بعيدة عن التجاذبات السياسية السابقة.
وأكد الدكتور على أن القرار يحمل آثاراً مباشرة على الأداء الاقتصادي، حيث يُتوقع أن يساهم في إعادة تفعيل الدورة الاقتصادية الداخلية، وتحريك الأسواق المحلية، واستعادة نشاط التجارة والصناعة والخدمات التي تضررت بفعل القيود السابقة، مبيناً أن رفع العقوبات يمكن أن يؤدي إلى عودة رؤوس الأموال المهاجرة، ويشجع على استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ما يخلق فرصة لإعادة هيكلة القطاعات الاقتصادية الحيوية ودعم النمو المستدام.
ونوّه الدكتور ميا إلى أن الأبعاد الاجتماعية للقرار لها أهمية لا تقل عن الأبعاد الاقتصادية، إذ يتيح تعزيز المشاريع التنموية التي من شأنها تحسين القدرة الشرائية للمواطنين، ورفع مستوى الخدمات العامة، وتقليل الفجوة بين العرض والطلب على السلع الأساسية. وأوضح أن هذا التطور سيعيد التوازن بين الأداء الاقتصادي والمجتمع المدني، إذ يعزز الشعور بالاستقرار والأمل لدى المواطنين، بما ينعكس إيجابًا على الانخراط في النشاط الاقتصادي والإنتاجي.
وأضاف الدكتور ميا إن رفع العقوبات يمثل فرصة لإعادة النظر في السياسات المالية والنقدية للدولة السورية، وإعادة هيكلة مؤسساتها الاقتصادية على أسس أكثر شفافية وكفاءة، بما يشمل تحسين أداء الجهاز المصرفي، بالإضافة إلى تطوير نظم التمويل والاستثمار، وتبني خطط اقتصادية توازن بين الإصلاح والنمو.
وأشار ميا إلى أن هذه الخطوة تعكس رغبة الدول المعنية في تشجيع سورية على الانفتاح التدريجي مع الحفاظ على سيادتها الاقتصادية والسياسية، وهو ما يوفر إطاراً متوازناً للسياسات المستقبلية.
وبيّن الخبير ميا أن الانعكاسات الإقليمية والدولية للقرار تحمل أهمية استراتيجية، إذ تشير إلى تغيير في موازين القوى الإقليمية، وتعكس إرادة سياسية دولية لإعادة إدماج سورية في منظومة التعاون الاقتصادي والتجاري، بما يعزز الاستقرار في المنطقة ويخلق فرصاً لشراكات اقتصادية مستدامة.
وأكد أن القرار سيحفّز الحوار الاقتصادي والسياسي مع شركاء إقليميين و دوليين، ما يعزز قدرة الدولة على تنفيذ خطط تطويرية شاملة، وتحقيق الاستفادة القصوى من الموارد الداخلية والخارجية.
وفي ختام حديثه، يرى الدكتور ميا أن قرار رفع العقوبات عن الرئيس الشرع والوزير خطاب يمثل بداية مرحلة جديدة من التوازن والاستقرار، تتطلب استراتيجيات مدروسة وإدارة رشيدة للفرص المتاحة، حيث يكمن التحدي الأكبر في تحويل هذه اللحظة التاريخية إلى مسار اقتصادي فعلي يعزز التنمية المستدامة ويعيد لسورية موقعها الطبيعي في الإقليم.