الحرية– أمين الدريوسي:
يجري الحديث الآن عن الفوائد الكبيرة التي يمكن أن تجنيها الحكومة السورية والشعب السوري من خلال رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا، لكن هل سيكون لرفع هذه العقوبات أي تأثير على دول الجوار، لبنان مثلاً؟.
إن رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا قد يُحدث تأثيرات اقتصادية مباشرة على دول الجوار بشكل عام وعلى لبنان بشكل خاص، نظراً للعلاقات التاريخية والجغرافية والاقتصادية بين البلدين، فقد أعاد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رفع هذه العقوبات، الأمل بفتح آفاق جديدة أمام لبنان لتعزيز اقتصاده وتحسين قطاعات العمل فيه، ورفع هذه العقوبات قد يفتح أبواباً اقتصادية للبنان، لكن حجم الفوائد يعتمد على عوامل سياسية وأمنية معقدة، وعلى قدرة لبنان على استغلال الفرص بفعالية في ظل أزمته الداخلية، ومن أبرز الفوائد المحتملة:
- على مستوى الطاقة والنقل
ظل لبنان يشكو من تأثره بالعقوبات الأمريكية على سوريا والتي كانت تحول على سبيل المثال دون تفعيل مشروع نقل الغاز من مصر والكهرباء من الأردن إليه، وفي هذا السياق قد يستفيد من مشاريع نقل الغاز أو النفط عبر الأراضي السورية «مثل خطوط الأنابيب من الخليج أو مصر»، خاصةً مع تطوير لبنان لحقول الغاز البحرية، كما قد يؤدي إلى تخفيض تكلفة المحروقات من خلال استيراد المحروقات بأسعار أقل عبر الحدود البرية، ويرى مراقبون أنه مع رفع العقوبات قد يقود ذلك إلى إحياء مشروع نقل الطاقة، إضافة إلى فتح خطوط الترانزيت والتجارة إلى الدول العربية وخاصة الخليجية منها.
كما إن رفع العقوبات عن سوريا يُمثل «فرصة استراتيجية» للبنان لتعزيز اقتصاده وتحسين قطاعاته الحيوية، خاصة الطاقة والتجارة، إلا أن تحقيق هذه الفوائد يتطلب تنسيقاً فعّالاً بين الجانبين اللبناني والسوري، بالإضافة إلى دعم دولي لضمان تنفيذ المشاريع المشتركة بنجاح.
وهذا ما أكده وزير الطاقة والمياه اللبناني جو الصدّي في تصريح اعلامي سابق إن «قرار الرئيس الأمريكي ترامب رفع العقوبات عن سوريا سينعكس إيجاباً في لبنان على صعيد الطاقة والنفط»، موضحاً أن ذلك «سيسهّل استجرار الطاقة عبر سوريا من خلال خط الربط مع الأردن، واستجرار الغاز عبر سوريا».
- هل ينتعش مشروع الطاقة القديم؟
وكان لبنان وسوريا والأردن قد وقعوا أوائل عام 2022 اتفاقيتين، الأولى لتزويد لبنان بالطاقة الكهربائية من الأردن، والثانية لتأمين عبور الطاقة عبر سوريا إلى لبنان، وتتيح هاتان الاتفاقيتان حصول لبنان على الكهرباء الأردنية، والاستفادة أيضاً من الغاز المصري، بهدف رفع ساعات التغذية لشبكة كهرباء لبنان التي تفرض تقنيناً قاسياً بلغ نحو 22 ساعة يومياً عام 2022، غير أن العقوبات الأمريكية على سوريا حالت دون تنفيذ ذلك.
وخطط المشروع أيضاً ليتيح للبنان نقل 300 ميغاوات من الكهرباء الأردنية، بالإضافة إلى تشغيل معمل «دير عمار» لتوليد الكهرباء بقدرة 500 ميغاوات، ما سيرفع التغذية الكهربائية في البلاد إلى حوالي 800 ميغاوات.
وتراوحت الكلفة الإجمالية للمشروع آنذاك بين 200 و300 مليون دولار سنوياً، على أن تموّل بالسنة الأولى بقرض من البنك الدولي.
وتقنياً، يرتبط الأردن وسوريا كهربائياً بخط نقل منذ 2001، وخرج عن الخدمة منتصف 2012 لأسباب فنية جراء الحرب في سوريا، في حين ترتبط سوريا ولبنان بعدة خطوط ربط.
- إحياء التجارة البرية/ الترانزيت
ويفتح رفع العقوبات عن سوريا، المجال أمام لبنان لإعادة تفعيل خطوط الترانزيت البرية التي تربطه بسوريا ومن خلالها إلى الأردن والعراق ودول الخليج، ما يُعيد تنشيط حركة الاستيراد والتصدير بين هذه البلدان، كما أن الشركات اللبنانية قد تلعب دوراً في عملية إعادة إعمار سوريا، سواء من خلال تقديم الخدمات أو التوريد، هذا الدور قد يُسهم في تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين وفتح أسواق جديدة أمام الشركات اللبنانية.
وحيث يعتمد لبنان على سوريا كمعبر رئيسي لتصدير السلع إلى الأسواق العربية «مثل العراق والأردن والخليج» عبر الشاحنات البرية، فإن رفع العقوبات قد يُسهّل حركة هذه الشاحنات والبضائع اللبنانية عبر الأراضي السورية، ما يخفض تكاليف النقل ويعزز تنافسية الصادرات اللبنانية.
كما يمكن له استعادة الأسواق السورية أمام المنتجات اللبنانية «مثل المواد الغذائية والمنتجات الصناعية»، خاصةً مع حاجة سوريا لإعادة الإعمار.
- القطاع المصرفي وتحويلات المغتربين السوريين:
قد تسمح إعادة الانفتاح الاقتصادي لسوريا بإعادة تفعيل العلاقات المصرفية بين البلدين، مثل تحويلات المغتربين السوريين عبر المصارف اللبنانية، ما يُدخل عملة أجنبية تُخفف من أزمة الدولار في لبنان، هذا من ناحية ومن ناحية ثانية ومع تحسن الاقتصاد السوري، قد تزيد تحويلات السوريين العاملين في لبنان إلى عائلاتهم في سوريا، ما يُدعم الطلب على الليرة اللبنانية ويخفف الضغط على سعر الصرف.
كذلك إذا أدى رفع العقوبات إلى استقرار سوريا، قد يبدأ بعض اللاجئين السوريين في لبنان «الذين يقارب عددهم 1.5 مليون» بالعودة، ما يُخفف العبء على البنية التحتية والخدمات العامة اللبنانية «مثل الكهرباء والمياه».
وقد يؤدي استقرار سوريا إلى إحياء السياحة الدينية والثقافية بين البلدين، مثل زيارة المواقع الأثرية السورية «كدمشق وحمص» من خلال لبنان، ما ينعش قطاع السياحة اللبناني.