رفع العقوبات ودول الجوار.. أي فوائد؟.. لبنان مثلاً

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية– أمين الدريوسي:
يجري الحديث الآن عن الفوائد الكبيرة التي يمكن أن تجنيها الحكومة السورية والشعب السوري من ‏خلال رفع العقوبات الأمريكية ‏عن سوريا، لكن هل سيكون لرفع هذه العقوبات أي تأثير على دول الجوار، ‏لبنان مثلاً؟.‏
إن رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا قد يُحدث تأثيرات اقتصادية مباشرة على دول الجوار بشكل عام ‏وعلى لبنان بشكل خاص، ‏نظراً للعلاقات التاريخية والجغرافية والاقتصادية بين البلدين، فقد أعاد إعلان ‏الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رفع هذه العقوبات، ‏الأمل بفتح آفاق جديدة أمام لبنان لتعزيز اقتصاده ‏وتحسين قطاعات العمل فيه، ورفع هذه العقوبات قد يفتح أبواباً اقتصادية للبنان، ‏لكن حجم الفوائد يعتمد ‏على عوامل سياسية وأمنية معقدة، وعلى قدرة لبنان على استغلال الفرص بفعالية في ظل أزمته الداخلية، ‌‏ومن أبرز الفوائد المحتملة:‏

‏- على مستوى الطاقة والنقل

ظل لبنان يشكو من تأثره بالعقوبات الأمريكية على سوريا والتي كانت تحول على سبيل المثال دون ‏تفعيل مشروع نقل الغاز من ‏مصر والكهرباء من الأردن إليه، وفي هذا السياق قد يستفيد من مشاريع نقل ‏الغاز أو النفط عبر الأراضي السورية «مثل خطوط ‏الأنابيب من الخليج أو مصر»، خاصةً مع تطوير ‏لبنان لحقول الغاز البحرية، كما قد يؤدي إلى تخفيض تكلفة المحروقات من خلال ‏استيراد المحروقات ‏بأسعار أقل عبر الحدود البرية، ويرى مراقبون أنه مع رفع العقوبات قد يقود ذلك إلى إحياء مشروع نقل ‏الطاقة، ‏إضافة إلى فتح خطوط الترانزيت والتجارة إلى الدول العربية وخاصة الخليجية منها.‏
كما إن رفع العقوبات عن سوريا يُمثل «فرصة استراتيجية» للبنان لتعزيز اقتصاده وتحسين قطاعاته ‏الحيوية، خاصة الطاقة ‏والتجارة، إلا أن تحقيق هذه الفوائد يتطلب تنسيقاً فعّالاً بين الجانبين اللبناني ‏والسوري، بالإضافة إلى دعم دولي لضمان تنفيذ ‏المشاريع المشتركة بنجاح.‏
وهذا ما أكده وزير الطاقة والمياه اللبناني جو الصدّي في تصريح اعلامي سابق إن «قرار الرئيس ‏الأمريكي ترامب رفع العقوبات ‏عن سوريا سينعكس إيجاباً في لبنان على صعيد الطاقة والنفط»، ‏موضحاً أن ذلك «سيسهّل استجرار الطاقة عبر سوريا من خلال ‏خط الربط مع الأردن، واستجرار الغاز ‏عبر سوريا».‏

‏- هل ينتعش مشروع الطاقة القديم؟ ‏

وكان لبنان وسوريا والأردن قد وقعوا أوائل عام 2022 اتفاقيتين، الأولى لتزويد لبنان بالطاقة الكهربائية ‏من الأردن، والثانية لتأمين ‏عبور الطاقة عبر سوريا إلى لبنان، وتتيح هاتان الاتفاقيتان حصول لبنان على ‏الكهرباء الأردنية، والاستفادة أيضاً من الغاز ‏المصري، بهدف رفع ساعات التغذية لشبكة كهرباء لبنان ‏التي تفرض تقنيناً قاسياً بلغ نحو 22 ساعة يومياً عام 2022، غير أن ‏العقوبات الأمريكية على سوريا ‏حالت دون تنفيذ ذلك.
وخطط المشروع أيضاً ليتيح للبنان نقل 300 ميغاوات من الكهرباء الأردنية، بالإضافة إلى تشغيل معمل ‌‏«دير عمار» لتوليد ‏الكهرباء بقدرة 500 ميغاوات، ما سيرفع التغذية الكهربائية في البلاد إلى حوالي ‌‏800 ميغاوات.‏
وتراوحت الكلفة الإجمالية للمشروع آنذاك بين 200 و300 مليون دولار سنوياً، على أن تموّل بالسنة ‏الأولى بقرض من البنك ‏الدولي.‏
وتقنياً، يرتبط الأردن وسوريا كهربائياً بخط نقل منذ 2001، وخرج عن الخدمة منتصف 2012 لأسباب ‏فنية جراء الحرب في ‏سوريا، في حين ترتبط سوريا ولبنان بعدة خطوط ربط.‏

‏- إحياء التجارة البرية/ الترانزيت

ويفتح رفع العقوبات عن سوريا، المجال أمام لبنان لإعادة تفعيل خطوط الترانزيت البرية التي تربطه ‏بسوريا ومن خلالها إلى ‏الأردن والعراق ودول الخليج، ما يُعيد تنشيط حركة الاستيراد والتصدير بين هذه ‏البلدان، كما أن الشركات اللبنانية قد تلعب دوراً في ‏عملية إعادة إعمار سوريا، سواء من خلال تقديم ‏الخدمات أو التوريد، هذا الدور قد يُسهم في تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين ‏وفتح أسواق جديدة ‏أمام الشركات اللبنانية.‏
وحيث يعتمد لبنان على سوريا كمعبر رئيسي لتصدير السلع إلى الأسواق العربية «مثل العراق والأردن ‏والخليج» عبر الشاحنات ‏البرية، فإن رفع العقوبات قد يُسهّل حركة هذه الشاحنات والبضائع اللبنانية عبر ‏الأراضي السورية، ما يخفض تكاليف النقل ويعزز ‏تنافسية الصادرات اللبنانية.‏
كما يمكن له استعادة الأسواق السورية أمام المنتجات اللبنانية «مثل المواد الغذائية والمنتجات ‏الصناعية»، خاصةً مع حاجة سوريا ‏لإعادة الإعمار.‏

‏- القطاع المصرفي وتحويلات المغتربين السوريين:‏

قد تسمح إعادة الانفتاح الاقتصادي لسوريا بإعادة تفعيل العلاقات المصرفية بين البلدين، مثل تحويلات ‏المغتربين السوريين عبر ‏المصارف اللبنانية، ما يُدخل عملة أجنبية تُخفف من أزمة الدولار في لبنان، ‏هذا من ناحية ومن ناحية ثانية ومع تحسن الاقتصاد ‏السوري، قد تزيد تحويلات السوريين العاملين في ‏لبنان إلى عائلاتهم في سوريا، ما يُدعم الطلب على الليرة اللبنانية ويخفف ‏الضغط على سعر الصرف.‏
كذلك إذا أدى رفع العقوبات إلى استقرار سوريا، قد يبدأ بعض اللاجئين السوريين في لبنان «الذين يقارب ‏عددهم 1.5 مليون» ‏بالعودة، ما يُخفف العبء على البنية التحتية والخدمات العامة اللبنانية «مثل ‏الكهرباء والمياه».‏
وقد يؤدي استقرار سوريا إلى إحياء السياحة الدينية والثقافية بين البلدين، مثل زيارة المواقع الأثرية ‏السورية «كدمشق وحمص» ‏من خلال لبنان، ما ينعش قطاع السياحة اللبناني.‏

Leave a Comment
آخر الأخبار