الحرية- ثناء عليان :
يشكل قرار الكونغرس الأمريكي برفع العقوبات المرتبطة بـ “قانون قيصر” عن سوريا، نقطة تحول مهمة، على الساحة الاقتصادية السورية، وقد يحدث تحولاً في حركة السوق والبيئة الاستثمارية، في عدة ملفات مترابطة، هذا ما أكده الخبير الاقتصادي شادي أحمد في تصريح لـ “الحرية”.

ويرى أحمد أن رفع العقوبات يمهد الطريق أمام دخول شركات عربية وأجنبية إلى السوق، خصوصاً في قطاعات البناء والطاقة والخدمات، هذا التطور ليس مجرد “انفتاح شكلي”، بل خطوة تعيد الاعتبار للسوق السورية كوجهة محتملة لرؤوس الأموال الباحثة عن فرص استثمارية عالية العائد.
وبرأيه فإن رفع العقوبات يحقق انفراجاً تجارياً، وبالتالي انخفاض الضغط على الأسعار، لأن إزالة القيود عن التحويلات والاستيراد تعني سهولة وصول المواد الأساسية ومستلزمات الإنتاج، الأمر الذي يخفف نقص السلع ويحد من موجات التضخم التي رافقت الاقتصاد خلال السنوات الماضية، والتراجع في كلفة الاستيراد وتنوع الموردين قد يؤدي إلى استقرار نسبي في الأسعار خلال فترة قصيرة، خصوصا في السلع المستوردة.
ويؤكد أحمد أن رفع العقوبات قد ينعكس على سعر الصرف، سواء عبر تراجع المضاربات في السوق الموازية أو عبر زيادة حجم التدفقات المالية القادمة من الخارج، بما فيها تحويلات السوريين، وقد يحدث تحسن في وضع الليرة والنظام المصرفي، وذلك مع عودة التعاملات المالية الرسمية بين البنوك السورية والنظام المالي العالمي، وستتراجع الحاجة إلى القنوات غير الرسمية وشبكات التحويل مرتفعة التكلفة.
كما أن تخفيف القيود يفتح الباب أمام شركات البناء والمقاولات للدخول في مشاريع كبيرة كانت متوقفة أو مؤجلة، إذ إن البنية التحتية المدمرة تحتاج إلى استثمارات ضخمة، ومن المنتظر أن تتحرك ملفات الطرق، الطاقة، الاتصالات، والمرافق المدنية بوتيرة أعلى مما كان عليه الحال في ظل العقوبات، هذه المشاريع قادرة على خلق فرص عمل واسعة خلال فترة قصيرة.
ولفت أحمد إلى أن تحسن المناخ الاقتصادي سينعكس على قرارات جزء من السوريين في الخارج، فعودة المستثمرين والمهنيين تعني توسيع سوق العمل المحلية ورفع مستوى الطلب الداخلي، وهو ما يعطي دفعة جديدة للدورة الاقتصادية.
كما أشار أحمد إلى بعض المخاطر والتحديات الموازية لرفع العقوبات ، كالانفتاح المفاجئ الذي يحمل بعض المخاطر، فالسوق المحلية قد تواجه منافسة شديدة من السلع المستوردة، ما يضغط على الصناعات الوطنية إذا لم ترافق هذه المرحلة بسياسات حماية وتحفيز، كما أن ضعف الإطار المؤسسي والرقابي قد يعرقل تدفق الاستثمارات أو يدفعها نحو قطاعات غير منتجة.
ويختتم الخبير الاقتصادي مؤكداً أن أثر رفع العقوبات مرتبط بقدرة المؤسسات السورية على التقاط الفرصة وإطلاق إصلاحات واقعية في بيئة الأعمال، ومكافحة الفساد، وتنظيم السوق، وتوفير بيئة قانونية آمنة، منوهاً بأن التأثيرات الإيجابية المباشرة ستظهر، لكن تحويلها إلى نمو مستدام يحتاج عملاً واسعاً.