الحرية- علام العبد:
كثر هذه الأيام تداول المثل الشعبي القائل «الجمل بقرش وما معنا قرش»، وهذا المثل يضرب عادة عندما يتوافر شيء غالٍ بسعر زهيد، ورغم ذلك يظل خارج القدرة الشرائية للناس.
ولو أردنا إسقاط هذا المثل على الأيام التي نعيشها اليوم بحلوها ومرها، لوجدنا أنه خير تعبير عن حالة العجز التي وصل إليها الناس في تأمين حاجاتهم الضرورية.
من الملاحظ أن تراجع القدرة الشرائية لدى الأغلبية لا يتوقف عند شهر رمضان الكريم الذي يرافقه ارتفاع كبير في الأسعار كما جرت العادة، فالواقع تجاوز ذلك بكثير، والأصوات التي يرفعها المواطنون في الأسواق، تجد صداها عند الباعة وتجار الجملة والمفرق للمواد الغذائية المتنوعة، فهم لا يتوقفون عن الشكوى والتذمر بسبب تراجع البيع والتسوق من قبل المواطنين.
وبمجرد جولة واحدة في أسواق اليوم التي تشهد في شهر رمضان ازدحاماً لافتاً، سواء في هذه المدينة أو تلك، كفيلة لترى بالعين المجردة الحركة التجارية والشرائية الخجولة لدى معظم الفعاليات. فعلى الرغم من أن الأسعار التي رافقت بداية شهر رمضان هدأت «نارها» نوعاً ما، وعادة تتراجع خطوة خطوة في ظل تراجع الطلب على الكثير من المواد الضرورية، هذا التراجع لم يكن نتيجة ارتفاع الأسعار، وإنما بسبب تدني الدخل لدى المواطنين، ولا سيما أولئك الموظفين أصحاب الدخل المحدود الذين يملكون راتباً لا يستطيع مجابهة هذه الأيام العجاف، وعدم مقدرتهم على شراء ما يلزم العائلة في هذا الشهر الفضيل، لأجل ذلك باتوا يكتفون بالقليل وشراء الحاجات الضرورية، عملاً بالمثل الشعبي «الرمد أحسن من العمى» لسد متطلبات المائدة الرمضانية.
بإيجاز، يمكن اليوم تحديد الأسباب الرئيسية وراء حالة ركود أسواقنا المحلية، وهي وضع ليس بالجديد، ويمكن ربطها بالعديد من العوامل، وأهمها عدم توفر السيولة المالية في جيوب المواطنين وانحسار الدخل المتاح لديهم، وتأخر صرف الأجور الضعيفة، وارتفاع ثمن المعيشة، وتعاقب المواسم التي تشكل ضغطاً على جيب المواطن، كفصل الشتاء وشهر رمضان وعيد الفطر والمناسبات الاجتماعية والمدارس والمواصلات والإيجارات وغيرها، فقائمة الضغوطات على المواطن كبيرة تبدأ ولا تنتهي.