الحرية – نهى علي:
مفيد ومهم أن تتوالى آراء ورؤى الأكاديميين والتنفيذيين المجرّبين، بشأن ترتيب أولويات إصلاح وبناء سوريا الجديدة.. فأغلب الظن أننا اليوم بحاجة إلى كل رؤية وكل فكرة من شأنها تحقيق قيمة مضافة حقيقية في “دوسيه” الإصلاح.. بل أكثر من ذلك ندّعي أن هذا واجب وطني لكل من لديه رؤية..
في سياق سعي صحيفتنا “الحرية” لتوثيق آراء الخبراء بالترتيب المفترض لأولويات الإصلاح، كان السؤال اليوم للخبير الاقتصادي والتنموي الدكتور فادي عياش، الذي وافانا بوجهة نظر مرنة وواقعية.
* د. فادي عياش: تخفيف تقييد السيولة بالنسبة للموظفين وقطاع الأعمال
تخطيط تأشيري
من حيث المبدأ، يرى د. عياش أنه ولتحقيق النمو والتنمية في الظروف الطبيعية، يجب الاعتماد على تقنيات وأساليب التخطيط الإستراتيجي.
ولكن في ظروف عدم الاستقرار، وضعف اليقين، كما هو واقعنا اليوم، فيمكن الاعتماد على التخطيط التأشيري بحيث يكون لزمن قصير ويتمتع بمرونة عالية بأسلوب تخطيط السيناريو لمواجهة سرعة المتغيرات وتنوع تأثيرها.
وهو يعتمد – أي التخطيط التأشيري – على ترتيب الأولويات الإسعافية، ولكن بشكل مخطط وليس بأسلوب الترقيع، والأولويات الإسعافية تقوم على عاملي: الأهمية، والضرورة.
* مطلوب استقرار سعر الصرف وقروض ميسرة بأسعار فائدة تشجيعيّة
أولوية الاستقرار
وفقاً لما تقدم.. وضمن ظروفنا الراهنة والتي تمتاز بالتعقيد وقلة اليقين وتعدد المسارات والمتغيرات.. يرى د. عياش أن الأولوية الإسعافية المطلقة هي لتحقيق الاستقرار والتعافي كعنوان رئيس للسنوات الثلاث القادمة.
* تحسين الخدمات في قطاعات الصحة والتعليم والنقل.. والاستفادة من المنظمات الدولية ذات الاختصاص
تحسين المعيشة
إلا أن هذا الهدف العام – تحقيق الاستقرار ومن ثم التعافي الاقتصادي الأولوية الإسعافية البدهية وهي تحسين مستوى المعيشة، أي زيادة الدخل وتحسين القدرة الشرائية.
وفي سبيل ذلك يفصح الخبير الاقتصادي عن العديد من التحديات التي تحتاج لجهود ولقرارات وإجراءات مؤثرة وبشكل إسعافي (أي آني وليس مستدام ولكنه يساعد على الاستدامة، وهذا تحدٍ آخر يحتاج لجهود أخرى متممة لتحقيقه).
إتاحة السيولة النقدية
على مستوى متممات مطلب تحسين مستوى المعيشة، يذهب الخبير عياش في رؤيته نحو تأمين التيسير الكمّي.. أي تخفيف تقييد السيولة على الأقل، ولا سيما بالنسبة للموظفين وقطاع الأعمال لتأمين الرواتب والأجور.
ومن ثم تعزيز الثقة بالنظام المصرفي.. من خلال التيسير الكمي، وضبط المضاربة لتحقيق استقرار نسبي في سعر الصرف، وأسعار الفائدة التشجيعية، والقروض الميسرة، لا سيما تلك المتعلقة بالمهن والحرف والمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
زيادة الأجور
ولا بد أيضاً من تأمين التمويل اللازم لزيادة الرواتب والأجور، وهذا يقتضي بالضرورة – من وجهة نظر د. عياش – وقبل كل شيء، توحيد نظام الرواتب والأجور في القطاع العام على الأقل.
وهذا يعتمد على مفهوم الدبلوماسية الاقتصادية، ولا سيما بعد التوجه لرفع العقوبات، وذلك إسعافياً من خلال المنظمات والمؤسسات الدولية على شكل منح ومساعدات وهبات مالية وفنية ولوجستية.
تحسين الخدمات العامة
يشدد الخبير الاقتصادي على موضوع تحسين الخدمات العامة الأساسية،
وبالأخص في قطاعات الصحة، والتعليم، والنقل. أيضاً بالتعاون مع المنظمات الدولية ذات الاختصاص كاليونيسكو، واليونيسيف، ومنظمة الصحة العالمية، والفاو، وكذلك برنامج الغذاء العالمي، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي والمنظمات غير الحكومية الأخرى..
وصفة مضمونة النتائج
يجزم د. عياش بأن النجاح في معالجة هذه التحديات سيضمن على المدى القصير إلى المتوسط تأمين الاستقرار في المجتمع وتهيئة الظروف المناسبة للتعافي الاقتصادي. وبالتالي تحسين القدرة على الإنتاج وزيادة معدلات التشغيل.
وهذا بدوره ينشط الأسواق ويشجع على الاستثمار ويساهم في معالجة الركود أولاً، وتخفيف الضغوط التضخمية تالياً.. طبعاً بالتوازي مع تهيئة البيئة المناسبة لذلك، وإيجاد الحلول المتعلقة بتحديات بيئة الأعمال من حيث التمويل، والطاقة، والتشريع.