زيارة وفد مجلس الأمن الدولي إلى دمشق في الذكرى الأولى للتحرير.. معان ودلالات

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية – دينا الحمد:

يزور وفد من مجلس الأمن الدولي دمشق في الذكرى الأولى لتحرير سوريا، فما مغزى هذه الزيارة في هذا التوقيت؟ وما دلالاتها مع حضور جميع أعضاء المجلس الأربعة عشر، بمن فيهم الدول دائمة العضوية؟
إن زيارة وفد بهذا المستوى تأتي تأكيداً على دعم المجتمع الدولي لسوريا الجديدة ووقوفه إلى جانبها في مرحلة إعادة البناء وترسيخ السيادة والاستقرار، ولاسيما أن الوفد يمثل إجماعاً دولياً لأول مرة منذ أربعة عشر عاماً حول القضية السورية، رغم الخلافات التي شابت مواقف الأعضاء الدائمين خلال سنوات الحرب ضد النظام البائد.
وإذا ما قرأنا تفاصيل مواقف بعض الدول دائمة العضوية بعد التحرير، ندرك هذه الحقيقة، فالولايات المتحدة بدأت بخطوات عملية لرفع العقوبات عن سوريا وتجميد قانون قيصر، حيث أعلنت وزارتا الخارجية والتجارة الأمريكيتان، ومكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية، تعليق العمل بالقانون والسماح بنقل معظم السلع الأمريكية للاستخدام المدني، إضافة إلى البرمجيات والتكنولوجيا دون الحاجة إلى ترخيص. وأكدت واشنطن التزامها بدعم سوريا مستقرة وموحدة، وأن رفع العقوبات يهدف إلى دعم جهود إعادة بناء الاقتصاد وتحقيق الرخاء لجميع المواطنين ومكافحة الإرهاب.
وعلى الجانب الآخر، فتحت اللقاءات السورية–الروسية والسورية – الصينية صفحة جديدة من العلاقات تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، ما أعاد الثقة وأرسى قواعد تعيد لسوريا مكانتها في الخارطة الاقتصادية الدولية، الأمر ذاته ينطبق على العلاقة مع الاتحاد الأوروبي ودول الإقليم.
أما داخلياً، فقد كانت مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والأمان للوطن والمواطن من أبرز أولويات الحكومة السورية خلال العام الماضي، إذ أطلقت وزارة الداخلية بالتعاون مع جهاز الاستخبارات العامة عمليات أمنية واسعة في عدد من المحافظات لملاحقة خلايا تنظيم «داعش» الإرهابي، بهدف القضاء على أي تهديد قبل بدايته، تحت شعار: «لا مكان للإرهاب في حاضر سوريا ولا مستقبله».
كما جاء قرار مجلس الأمن الدولي بشطب اسم الرئيس أحمد الشرع ووزير الداخلية أنس خطاب من قوائم العقوبات نتيجة طبيعية لعوامل عديدة، أبرزها أن العالم لمس بالوقائع أن القيادة السورية حققت خطوات مهمة في تحقيق الاستقرار المحلي والإقليمي، والسعي إلى السلام العادل، وتصفير المشاكل مع المحيط والعالم، والعمل على محاربة التطرف والإرهاب، وإعادة الإعمار وفتح آفاق التنمية، وقد أدركت القوى الدولية أن العقوبات لم تكن سوى قرارات سياسية مرتبطة بظروفها وأهدافها.
وعلى صعيد آخر، أغلقت دمشق ملفات الأسلحة الكيميائية وفتحت ملفات العدالة الانتقالية، إلى جانب خطوات أخرى عززت التيار الدولي الداعم لاستقرار سوريا والدفع نحو إلغاء العقوبات عن شعبها، وقد تقاطعت هذه الخطوات مع رؤية دمشق لضرورة جعل الشرق الأوسط خالياً من الأسلحة الكيميائية، ما رسّخ مكانتها كطرف فاعل في صياغة مستقبل المنطقة.
وعلى هذه الأسس، فإن زيارة وفد مجلس الأمن الدولي إلى سوريا تحمل مغزى واضحاً بأن القوى الدولية، على اختلاف توجهاتها ومصالحها، بدأت برسم منحى جديد ستظهر بوادره مع بداية السنة الثانية لتحرير سوريا من النظام البائد.

 

Leave a Comment
آخر الأخبار