الحرية – سامي عيسى:
تشهد سوريا اليوم، نقلة نوعية بقرار الكونغرس الأمريكي إلغاء قانون قيصر، حيث يمثل هذا القرار أكثر من رفع لعقوبات اقتصادية، فهو مفتاح التحول الذي يسمح لمصرف سوريا المركزي باستعادة أدواته، ويقدم الضمانات اللازمة لتدفق الاستثمارات الدولية الضخمة، ويحمي مسار التجارة والتعافي الاقتصادي من الصدمات المفاجئة، وفق رأي الخبير الاقتصادي جمال شعيب الذي أكد أن النجاح المستقبلي لسورية مرهون الآن بقدرة السياسات المحلية على توظيف هذه الفرصة لبناء اقتصاد منتج ومستقر..
وأضاف شعيب: قرار الإلغاء يحمل الكثير من الإيجابيات، منها استعادة السيادة النقدية، والاندماج في النظام المالي العالمي، وفتح الباب أمام الاستثمارات والتمويل الخارجي، والمساهمة في إعادة الإعمار وإحياء حركة التجارة الدولية والسلع وغير ذلك من نتائج إيجابية..
والأهم مرحلة تحول تاريخية ترتكز على إعادة البناء والتنمية الاقتصادية، وقد تحولت البلاد من بيئة كانت توصف بمرحلة القلق والخوف إلى دولة تسعى لخلق مناخ مستقر وآمن للمستثمرين والمواطنين على حدّ سواء.
مؤكداً أن الحكومة السورية، تضع في إطار رؤية إستراتيجية شاملة، جذب الاستثمار المحلي والأجنبي في صلب أولوياتها، باعتباره الركيزة الأساسية لإعادة إعمار ما تم تدميره وبناء اقتصاد حديث قائم على الابتكار والتنافسية، وقد انعكس هذا التوجه من خلال حركة دبلوماسية واقتصادية نشطة، تجسدت بتوقيع عشرات الاتفاقيات ومذكرات التفاهم مع دول وشركات عالمية رائدة، ما يعيد رسم خريطة الشراكات الدولية لسوريا ويؤسس لعهد اقتصادي جديد، واليوم إزالة قانون قيصر تفتح الباب على مصراعيه لتحقيق ذلك..

التحول في بيئة الأعمال والسياسات الجديدة
ولاستكمال ذلك فقد عملت الحكومة السورية على إرساء أسس قانونية ومؤسسية متينة لخلق بيئة استثمارية جاذبة. وشمل ذلك إلغاء العديد من القرارات المقيدة لحركة الاستثمار التي كانت سائدة في عهد النظام السابق، والعمل على صياغة قانون استثمار جديد وإنشاء صناديق استثمارية متخصصة، وتهدف هذه السياسات إلى تسهيل الإجراءات وتأمين المتطلبات الأساسية للمستثمر، كتوفير البنى التحتية من طرق وكهرباء في المناطق الصناعية، وضمان مناخ آمن ومستقر.
وأوضح شعيب أن هذه الجهود بدأت تؤتي ثمارها على أرض الواقع، حيث تشير التقارير إلى تحسن ملحوظ في المؤشرات الاقتصادية الكلية. فبعد سنوات من الانكماش، من المتوقع أن يحقق الناتج المحلي الإجمالي نمواً إيجابياً في عام 2025. كما شهدت الليرة السورية استقراراً نسبياً وتحسناً في سعر صرفها، بينما انخفض معدل الفقر بشكل ملحوظ..
شراكات دولية واتفاقيات إستراتيجية
شكلت الاتفاقيات الدولية محوراً رئيسياً في فتح آفاق الاستثمار في سوريا الجديدة. فقد وقعت البلاد نحو خمسين اتفاقية ومذكرة تفاهم مع دول ومنظمات إقليمية ودولية خلال عام 2025 وحده، غطت قطاعات حيوية متنوعة.
في قطاع الطاقة والنقل:
تم توقيع اتفاقيات ضخمة مثل مذكرة التفاهم الإستراتيجية مع المملكة العربية السعودية في مجالات الكهرباء والطاقة المتجددة والبتروكيماويات. كما جرى التعاون مع قطر في مشاريع توليد الكهرباء بقيمة 7 مليارات دولار، وتوقيع اتفاقية مع شركة “CMA CGM” الفرنسية لإدارة وتشغيل محطة الحاويات في ميناء اللاذقية.
في البنى التحتية:
شملت المشاريع الكبرى اتفاقية بقيمة 800 مليون دولار مع “موانئ دبي العالمية” لاستثمار وتوسعة ميناء طرطوس. وكذلك اتفاقيات لإعادة تأهيل عشرات الجسور المتضررة مع شركة فرنسية، ومشاريع لبناء مطار جديد في دمشق ومشروع مترو الأنفاق.
شراكات متعددة القطاعات:
في حدث بارز، شهدت العاصمة دمشق في آب 2025 توقيع 12 مذكرة تفاهم استثمارية مع شركات دولية بقيمة إجمالية تصل إلى 14 مليار دولار، لتغطي مشاريع في عدة محافظات.
قطاعات واعدة ومشاريع محورية
تتركز جهود جذب الاستثمار على قطاعات إستراتيجية تعدّ حجر الزاوية في عملية إعادة الإعمار والنهوض الاقتصادي.
قطاع الطاقة:
يحظى باهتمام كبير، حيث تستهدف الاتفاقيات الموقعة مع شركات مثل “كونوكو فيليبس” الأمريكية و”نوفاتيرا” البريطانية تطوير الحقول الغازية القائمة واستكشاف حقول جديدة، ما يعزز أمن الطاقة ويزيد الإنتاج المحلي.
القطاع الزراعي:
وهو من أوائل القطاعات التي شهدت دفعة قوية لتحقيق الأمن الغذائي. حيث زادت المساحة المزروعة بشكل كبير، وعاد إنتاج محاصيل إستراتيجية مثل القطن والقمح إلى مستويات مقبولة. وتخطط الحكومة لاستثمار أكثر من 500 مليون دولار في مشاريع الري الحديث.
السياحة والخدمات:
يشهد القطاع السياحي إقبالاً على الاستثمار، كما يتجلى في اتفاقية إعادة تأهيل وتطوير عدد من المنشآت السياحية ومنها فندق “البوابات السبع” (الشيراتون سابقاً) في دمشق، مع شركة سعودية متخصصة.