سوريا بعد إلغاء قانون قيصر.. نحو مرحلة جديدة من التعافي الاقتصادي والاجتماعي

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية – نهلة أبو تك:

انقلبت صفحة جديدة في التاريخ الاقتصادي والسياسي لسوريا، مع التصويت الأخير لمجلس النواب الأمريكي على إلغاء قانون قيصر، في خطوة اعتبرها خبراء الاقتصاد نقطة تحول تاريخية. فاليوم، باتت سوريا أمام فرص اقتصادية واجتماعية طال انتظارها بعد سنوات من العقوبات والقيود الدولية التي أعاقت كل أشكال الانفتاح والاستثمار.

تغيير في توجه الإدارة الأمريكية

يرى الخبير الاقتصادي الدكتور إيهاب اسمندر أن ما حدث يعكس تحوّلاً استراتيجياً في نهج واشنطن تجاه سوريا، خاصة في ظل التحالفات الإقليمية الجديدة.

وقال اسمندر لـ”الحرية”: فتح الباب أمام إلغاء قانون قيصر يعني استعادة سوريا لعلاقاتها الاقتصادية الدولية، وتمكينها من الانخراط تدريجياً في النظام المصرفي العالمي.

وأضاف: سيتيح القرار استئناف تصدير النفط والغاز، واستيراد المعدات الصناعية، ورفع القيود التي كانت تحول دون تعامل الشركات العالمية مع السوق السوري.

كما سيمكّن المصرف المركزي من أداء مهامه في ضبط السياسة النقدية وتحسين تدفق التحويلات المالية، وهو ما يمثل أساس أي مرحلة تعافٍ اقتصادي مستدام.

آفاق إعادة الإعمار والاستثمار

مع هذه الخطوة، تلوح أمام سوريا فرص استثمارية كبيرة في قطاعات الطاقة والبنى التحتية، وهي القطاعات التي شهدت شللًا شبه كامل منذ سنوات الحرب.

ويشير اسمندر إلى أن القرار سيعيد تحريك تدفق السلع وخفض تكاليف الاستيراد، كما سيزيد من مرونة حركة الأموال، ما قد ينعكس على تحسن ملموس في المعيشة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.

ويضيف اسمندر: لكن هذا التحسن لن يكون ممكنًا إلا إذا صاحبته إصلاحات داخلية شاملة، تشمل تحديث القوانين، تعزيز الشفافية، وتوفير بيئة أعمال مستقرة، لضمان استدامة أي انتعاش اقتصادي وتحقيق نتائج ملموسة للمواطنين.

مرحلة اجتماعية جديدة

مع اقتراب عام 2026، يترقب السوريون انعكاسات القرار على حياتهم اليومية، لا سيما فيما يتعلق بالأسعار وفرص العمل واستقرار الخدمات العامة.

ويقول مراقبون إن إلغاء القانون لا يمثل مجرد خطوة سياسية، بل بداية مرحلة اقتصادية جديدة تعيد ترتيب الأولويات، وتفتح الباب أمام مشاريع إعادة إعمار واسعة تعكس الطموح في إعادة الحياة إلى المدن السورية.

وفي الشارع السوري، تجسدت هذه الآمال في احتفالات شعبية في عدد من المدن، تعكس ترقب المواطنين لفصل جديد من حياتهم الاقتصادية والاجتماعية، رغم الحذر المتبادل بين التفاؤل والواقعية. فنجاح المرحلة المقبلة يعتمد على قدرة الدولة على إدارة الانفتاح الاقتصادي بفعالية وتحويله إلى واقع ملموس في حياة المواطنين اليومية.

سوريا في 2026 آمال وتحديات

يمثل عام 2026 محطة حساسة في تاريخ سوريا الحديث. فهو ليس مجرد عام يحمل وعوداً اقتصادية، بل اختبار حقيقي لقدرة الدولة على استثمار الفرص الجديدة، استعادة الاستقرار الاقتصادي، وتحقيق تحسين ملموس في حياة المواطنين.

ويشير اسمندر إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد تحولات في التجارة الدولية، حركة الاستثمارات الأجنبية، وتطوير البنى التحتية الأساسية مثل الكهرباء والمياه والطرق، وهو ما سيؤدي إلى تحسين مستوى الخدمات وفرص العمل تدريجيًا.

ويعتبر دمج سوريا في النظام المصرفي العالمي خطوة محورية، تمكّن المصرف المركزي من ضبط السياسة النقدية، وتثبيت سعر الصرف، وتعزيز الثقة في السوق السورية على المستويين المحلي والدولي.

ورغم التفاؤل، يؤكد الخبراء أن نجاح الانفتاح يتطلب مواكبة الإجراءات الدولية بتغييرات داخلية، تشمل إصلاح التشريعات الاقتصادية، مكافحة الفساد، وتعزيز الشفافية في التعاملات المالية والاستثمارية، لضمان استدامة النتائج وتحقيق تحسن ملموس في حياة المواطنين.

في نهاية المطاف، تفتح خطوة إلغاء قانون قيصر أمام سوريا فصلًا جديدًا من الانفتاح الاقتصادي والاجتماعي، فصل يضع أمام الدولة والمواطنين فرصاً حقيقية لإعادة البناء والازدهار، بعد سنوات طويلة من الصعوبات والتحديات.

Leave a Comment
آخر الأخبار