الحرية – منال الشرع:
في الذكرى السنوية الأولى ليوم التحرير، الذي يصادف الثامن من كانون الأول، تعيش سوريا أجواء احتفالية استثنائية، لا تقتصر على الفعاليات الرسمية، بل تمتد لتلامس قلوب السوريين العاديين الذين خرجوا إلى الساحات والشوارع ليروا بأعينهم حلماً طال انتظاره.. من دمشق إلى حلب وحماة، ومن درعا إلى اللاذقية، تتشابه ملامح الفرح على وجوه المارة، وتختلط أصوات الأهازيج بذكريات الماضي وأمل المستقبل.
تعم البلاد أجواء احتفالية واسعة، حيث تتزيّن المدن بالأعلام واللافتات التي تحتفي بالحرية وتؤكد على تطلع السوريين لمستقبل أكثر عدلاً.
نبض الشارع: شهادات حية من قلب المعاناة إلى رحاب الأمل
في ساحات دمشق التي امتلأت بالمحتفلين، لم تكن الفرحة مجرد رد فعل عابر، بل كانت شعوراً عميقاً بالانتماء لوطن يُستعاد، يقول منذر الذي عاد إلى سوريا بعد غياب قسري دام 14 عاماً بحديثه لمراسلة “الحرية” بدمشق: في السابق، كان مجرد الحديث في الشارع ممنوعاً، اليوم، نحن قادرون على إيصال صوتنا بحرية تامة، ويضيف بحماس: عودتي إلى بلدي هي في حد ذاتها إنجاز، من يقول إن شيئاً لم يتغير إما أنه لا يرى الحقيقة أو لا يريد أن يراها.

هذا الشعور بالحرية المستعادة يتردد صداه في شهادات كثيرة، تتنفس الشوارع اليوم إحساساً جديداً بالنصر.
يصف أحد المشاركين في الاحتفالات قائلاً: “الحمد لله، الله فرّج علينا وعلى جميع الشعب بعد سنوات من الذل والقهر”.
تعكس قصص الناس العاديين تحولاً جذرياً في تفاصيل الحياة اليومية التي كانت شبه مستحيلة، عبد الله وهو مقيم في دمشق، تحدث عن أزمة المواصلات الخانقة التي كانت تسيطر على حياة الناس بسبب احتكار الوقود من قبل أعوان النظام البائد، ويقارنها بالوضع الحالي قائلاً: “اليوم، نجد وسيلة نقل في غضون ثوانٍ، إن توافر البنزين والمازوت أعاد الحياة إلى طبيعتها، سوريا تتجه لتصبح مكاناً أجمل بكثير .
وفي أسواق دمشق القديمة التي عادت إليها الحياة، تتجلى قصص الصمود والأمل، التقينا بـ “أبو أحمد”، وهو معلم متقاعد قضى سنوات عمره في تعليم الأجيال، يقول بصوت يغلبه التأثر بنشوة التحرير، واليوم أرى أحفادي يشاركون في احتفالات التحرير في مدارسهم ويرسمون أحلامهم بحرية، هذا هو التغيير الحقيقي الذي انتظرناه لسنوات طويلة.
تشاركه الرأي مريم الخالد الخياط، وهي موظفة في دمشق، التي أكدت أن مستوى سعادة الناس ونزولهم إلى الساحات بكل محبة تكاد لا توصف، مشيرة إلى التحسن المتسارع في مجالات النظافة والبنية التحتية، عادت الحياة إلى طبيعتها، وهو ما وصفه لؤي الصالح صاحب محل في دمشق بقوله: هذه المناسبة ليست مجرد عطلة بل هي شعور بأننا نستعيد كرامتنا وحياتنا الطبيعية من دون خوف وهذه مناسبة نفتخر بها.
نظرة نحو المستقبل: من التحرير إلى البناء
لا تقتصر أحاديث الشارع على الفرح بالحرية فحسب، بل تتجه الأنظار بقوة نحو المستقبل. يؤكد التاجر محمد العيسى أن التحرير منح الناس الأمان اللازم لعودة الاستثمار، واليوم يجب أن نركز على تفعيل الشراكة الحقيقية بين القطاعين العام والخاص .
هذا التطلع لمستقبل أفضل يجمع عليه الشباب أيضاً، يقول الطالب الجامعي معتز عبد الكريم: نحن نحتفل اليوم بالتحرير، وغداً سنحتفل بتحرير الاقتصاد من الجمود، عبر الابتكار والمشاريع الصغيرة التي تدعمها الدولة.